وانتصر أسرانا وحصلوا على مطالبهم..
اضراب أسرانا تجاوز يومه الاربعين..
عوامل ساعدت اسرائيل في التعنت بموقفها
اجراءات الاحتلال القاسية لكسر الاضراب
اسرائيل ستمارس ضغوطات على السلطة لايقاف الاضراب
اسرائيل: تلبية المطالب مقابل وقف صرف مخصصات
الاسرى من قبل السلطة الفلسطينية
في نبأ عاجل ورد إلى البيادر قبل إصدار هذا العدد الجديد أن أسرانا انتصروا على السجان الاسرائيلي المحتل بحصولهم على مطالبهم الإنسانية التي أضربوا عن الطعام بسببها لمدة 40 يوماً كاملاً. وأعلن النبأ وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع، ورئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس.
وحسب النبأ، فإن مفاوضات سلطة الاحتلال مع قائد الاضراب المناضل مروان البرغوثي، والتي استمرت عشرين ساعة حتى فجر يوم السبت 27/5/2017، أفضت إلى قبول السلطة المحتلة مطالب أسرانا الانسانية، ولذلك تقرر تعليق الاضراب.
هنيئاً لأسرانا بانتصارهم، ونأمل أن نهنئهم مستقبلاً بحصولهم على حريتهم.
مع صدور هذا العدد الجديد من البيادر، وكتابة هذا المقال حول وضع أسرانا ومعاناتهم، يكون اضرابهم عن الطعام الذي تم البدء فيه يوم 17 نيسان 2017 قد دخل يومه الأربعين. أي أنهم صمدوا حتى الآن أربعين يوماً، وهذا يعتبر صموداً بطولياً. وهذا الاضراب ليس الأول، ولن يكون الأخير، إذ سبق وأن أضرب أسرانا 23 مرة قبل هذا الاضراب، وقد حصلوا على مطالبهم الانسانية المشروعة في السابق، ولكن ما هو يقلق أن 40 يوماً مرت واسرائيل ترفض التفاوض مع قادة هذا الاضراب، وما يخشى منه هو أن اسرائيل قد تُلبي بعض المطالب المهمة، ولكنها وكعادتها تقوم بسحب وانهاء هذه المطالب المشروعة، وبالتالي يعود الأسرى في نضالهم الى المربع الأول!
هذا الاضراب البطولي حرّك الشارع الفلسطيني، والذي شهد فعاليات تضامن عديدة وبأشكال مختلفة، وخاصة اعلان الاضراب التجاري العام ليوم كامل وأكثر من مرة، وكان آخرها الاضراب العام يوم 23/ايار/ 2017، والذي التزم به كل التجار، وكل المواطنين!
التساؤلات التي نحاول الاجابة عليها: لماذا هذا التعنت في اجراء مفاوضات مع قادة الاضراب! وهل هناك تقصير ما تجاه أسرانا سواء من الشعب أو القيادة؟ وما هي الاجراءات العقابية التي تمارسها اسرائيل بحق أسرانا من أجل كسر هذا الاضراب، وبالتالي تحقيق "انتصار" عليهم؟! وما هو المطلوب فعليا لدعم أسرانا، وكذلك لانجاح اضرابهم؟
عدد الاسرى المضربين
هناك نقص في المعلومات حول عدد الأسرى الذين يخوضون هذا الاضراب البطولي. وهو ناتج عن منع سلطات الاحتلال المحامين والصليب الاحمر من الوصول اليهم ومعرفة الواقع، وكذلك عدد الاسرى الملتحقين بالاضراب؟ كما ان سلطات الاحتلال تحاول قدر الامكان التعتيم على هذا النضال الاسطوري.
لقد أعلن أن حوالي 1200 أسير بدأوا هذا الاضراب، وحاولت جهات عديدة تقليل العدد الى مئات، ولكن بعد مرور كل يوم يزداد عدد الذين يلتحقون به ويخوضونه. وقد وصل الى اكثر من 1600 أسير، وهناك من يؤكد ان عددهم تجاوز 1800 أي حوالي ثلث الاسرى يخوضون الاضراب، فهناك أسرى مرضى لا يستطيعون ذلك، وهناك الأسرى القاصرون الذين لا يستطيعون خوض هذا النوع من النضال، اضافة الى أن هناك أسرى لا تسمح صحتهم خوضه، ولكن المتوقع أن يصل عدد الاسرى المضربين الى اكثر من 2000 أسير، إذا لم تتم تلبية مطالبهم المشروعة والانسانية! وقد يؤدي ذلك الى سقوط شهداء اذا تواصل الجلف أو التعنت الاسرائيلي الذي لا تهمه حياة العربي ولا حقوقه الانسانية!
دعم السلطة والقوى الوطنية
يجب القول أن القيادة الفلسطينية تدعم اضراب الأسرى من خلال بياناتها المتنوعة الصادرة سواء عن اللجنة المركزية لحركة فتح، أو عن أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعبر قيام السفارات في مختلف العواصم برعاية فعاليات تضامنية، أو اجراء اتصالات مع الحكومات طالبة منها العمل على تحقيق مطالب الأسرى.
وكانت قمة هذا الدعم قيام الرئيس محمود عباس بطرح هذا الموضوع على الرئيس الاميركي دونالد ترامب في لقائه به في بيت لحم يوم 23/5/2017. وأكد ذلك خلال مؤتمره الصحفي المشترك مع ترامب.
ولا بدّ من الذكر أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين بقيادة الوزير عيسى قراقع تقدم كل ما في وسعها لدعم الاضراب، وكذلك انجاحه من خلال اجبار الطرف الاسرائيلي على تلبية مطالبهم.
أما سائر فصائل المقاومة والقوى الوطنية لم تتردد في دعم الأسرى والتضامن معهم عبر نشاطات وفعاليات وبيانات مختلفة. وأصبحت قضية الاسرى من اولى قضايا الاهتمام الشعبي لاهميتها وخطورة خوضها.. ورغم كل ذلك فان اسرائيل ما زالت متعنتة، وترفض التفاوض مع قادة الاضراب؟ رغم أن بوادر بدء حوار اسرائيلي مع الأسرى قد ظهرت، ولكن ليس بالشكل الجاد.
أسباب التعنت الاسرائيلي
هناك عدة أمور تساعد على التعنت الاسرائيلي، ورفض مطالب الأسرى ومن أهمها:-
· أن حكومة اسرائيل يمينية متطرفة ولا يهمها اذا "مات" أو استشهد جميع الاسرى.. ووزير الأمن الداخلي الاسرائيلي يرفض اعطاء سلطات السجون أي ضوء أخضر للتفاوض مع قادة الأسرى.
· زيارة ترامب زادت من تعنت اسرائيل، اذ أنها تعتبر هؤلاء الاسرى ارهابيين، وقد طلبت من الرئيس ترامب أن "يمنع" القيادة الفلسطينية من التواصل في صرف مخصصات شهرية لاهاليهم، فكيف بها ستتفاوض معهم والرئيس ترامب في زيارة للمنطقة.
· شعور اسرائيل بأن العالم العربي غير متضامن مع الأسرى ولا مع القضية الفلسطينية، ولا معاناة أسرانا إذ أنه قادة هذا العالم لم يذكروا أو يتذكروا القضية الفلسطينية في مؤتمر الرياض الذي شارك فيه الرئيس دونالد ترامب يوم الاحد الموافق 21/5/2017.
· الانقسام الفلسطيني يضعف مطالب الاسرى إذ تروج اسرائيل بأن أسرى حماس لم يشاركوا في الاضراب، وهذا غير صحيح، اضافة الى تبادل التهم حول التقصير تجاه هؤلاء الاسرى، واتهام السلطة بأنها لا تقدم الدعم اللازم لهم في مطالبهم العادلة.
· التضامن الدولي مع الأسرى ليس بالمستوى المطلوب، إذ كان على منظمات حقوق الانسان، وخاصة تلك التي تُعنى بامور وقضايا السجناء لأنها لم تصدر البيانات والمناشدات المطلوبة.
· الاعلام الدولي التي يسيطر عليه النفوذ الصهيوني يُعتم على هذه القضية، ولا ينشر الاخبار عن هذا الاضراب. حتى ان الاعلام العربي الرسمي لا يغطي هذا الاضراب ولا يتضامن مع الاسرى بصورة فعالة وجادة.
الاجراءات الاسرائيلية القمعية
في محاولة لكسر الاضراب
لا تريد سلطات الاحتلال الاسرائيلي تلبية مطالب الاسرى، وتعمل على كسر هذا الاضراب بشتى الطرق والوسائل القمعية ومن بينها:
· قيام سلطات الاحتلال بعزل قادة الاضراب في زنازين فردية من أجل منع التواصل ما بين أعضاء هذه القيادة.
· قيام السلطات المحتلة بنقل الاسرى المضربين الى سجون عدة مهيأة لمواجهة هذا الاضراب. وهذا النقل يهدف الى عزل المضربين عن الذين لم يضربوا لأسباب صحية!
· بث شائعات وأخبار ملفقة من أجل الاساءة للمضربين ومنها أن هناك من انسحب من الاضراب، أو أن قادة الاسرى "يأكلون" بالخفية. وهذه الشائعات تهدف الى شن حرب نفسية على الاسرى واهاليهم. ومن المتوقع ان تصدر روايات عديدة "ملفقة" هدفها النيل من الاسرى واضرابهم.
· اعداد مستشفيات ميدانية للتعامل مع الاسرى المضربين الذين ينهارون. وقد تم نقل العشرات منهم الى هذه المستشفيات لتلقي العلاج، ومحاولة كسر اضرابهم.
· استعداد الحكومة الاسرائيلية لاستخدام "التغذية القسرية" أي اطعام الاسرى بالقوة. وقد تم الطلب من بعض الاطباء بالاستعداد لتنفيذ وتطبيق هذا القانون، علماً أن نقابة الاطباء الاسرائيلية رفضت هذه التغذية القسرية لانها مخالفة للاخلاق العامة، وكذلك لاخلاقيات مهنة الطب، ولكن السلطات الاسرائيلية تحاول استيراد اطباء من الخارج يقبلون بتنفيذ اوامرها بالتغذية القسرية!
· الترويج بأن سلطات السجون مستعدة للتفاوض حول مطالب الاسرى إذا اوقف الاسرى اضرابهم. وفي احيان اخرى تدعي ان امكانية التفاوض قائمة فقط مع الاسرى وليس مع قادة الاضراب او قادة الحركة الاسيرة، وهذه الاقوال تأتي بهدف الايقاع بين أبناء الحركة الاسيرة نفسها!
· الاساءة للاسرى من خلال التصريحات الرسمية بأنهم "ارهابيون"، وان اياديهم ملطخة بالدم، ولا يستحقون أي معاملة انسانية. وهناك من يؤيد اسرائيل لتنطلي عليه هذه "الأكذوبة" أو "التهمة الباطلة"!
المطلوب فوراً...
أمام هذا التعنت الاسرائيلي، وأمام خطورة استمرار هذا الاضراب الذي قد يؤدي الى سقوط شهداء، فان المطلوب فلسطينياً وبصورة عاجلة الضغط على سلطات الاحتلال لتلبية المطالب بأسرع وقت، وتحميلها مسؤولية سقوط أي شهيد، وتبعات ذلك على الساحة الفلسطينية.
والمطلوب أن تكون هناك اجراءات ضاغطة على سلطات الاحتلال من بينها تصعيد الهبة الشعبية الاحتجاجية، والتلويح باقدام السلطة الفلسطينية على خطوة تجميد التنسيق الأمني الى ان تلبى مطالب الأسرى، ولو على الاقل غالبيتها. والمطلوب أيضاً أن يكون التحرك الرسمي والشعبي أكثر قوة وجماهيرية وشعبية.
المتوقع...
في نهاية الأمر سترضح اسرائيل لهذه المطالب مقابل شروط ومن أهمها عدم اللجوء مستقبلا لهذا الاسلوب في النضال، أي الاضراب عن الطعام، وكذلك التفاوض مع السلطة الفلسطينية وليس مع قادة الاضراب للتوصل الى اتفاق، وحينها لن يمانع قادة الاضراب ذلك ما دامت الاهداف تحقق وتلبى. وستواصل اسرائيل في الوقت نفسه ممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية الوطنية لوقف صرف مخصصات الاسرى بهدف الايقاع بين الشعب وهذه القيادة.
المتوقع أن يستمر الاضراب عدة أيام أو أكثر، والمتوقع أن تتدخل جهات دولية بهذا الخصوص.. ولكن سقوط شهيد واحد قد يعرقل الامور والاجواء. وبالتالي هل تدرك اسرائيل مخاطر ذلك، أم أنها معنية بسقوط شهداء، ومعنية بتصعيد التوتر لاستخدام ذلك كعذر لبقاء احتلالها، ورفضها لأي مطالب للاسرى أو للقيادة الفلسطينية.