قام الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وضمن زيارته لاسرائيل التي استمرت 26 ساعة كاملة، بزيارة مدينة بيت لحم يوم الثلاثاء 23 أيار 2017 ولقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس. هذه الزيارة لم تصل الى 50 دقيقة فقط مما يعني أنها كانت زيارة مجاملة، وتلبية لطلب قادة عرب اجتمعوا اليه في قمة الرياض التي عقدت يوم الأحد الموافق 21 أيار 2017، وجاءت تلبية لدعوة الرئيس عباس عندما التقى به في البيت الابيض لزيارة كنيسة المهد.
هذه الزيارة ساهمت في تلاشي التفاؤل الفلسطيني في امكانية تحقيق خرق سياسي ما، وبالتالي العودة الى طاولة المفاوضات المباشرة، واجبار اسرائيل على الالتزام بالشرعية الدولية وتنفيذ قراراتها!
وصف أحد المراقبين هذه الزيارة بخيبة أمل جديدة، وذلك لأن الرئيس ترامب خلال جولته في المنطقة لم يشر الى عدة قضايا أساسية ومن أهمها:
1. الاستيطان الاسرائيلي في شتى المناطق الفلسطينية المحتلة.
2. نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس.
3. حل الدولتين الذي يطالب به الرئيس عباس.
4. لم يقدم أي رؤية أو وجهة نظر حول تحقيق سلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
واضافة الى ذلك، قام الرئيس ترامب بتقديم عدة طلبات ومن أهمها:-
· العودة السريعة وغير المشروطة الى طاولة المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي دون تحديد أي سقف زمني لها.
· مكافحة الارهاب، وهذا يعني وقف صرف المخصصات الشهرية للاسرى، وكذلك لأسر الشهداء، وخاصة لأبناء حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي"!
· وقف التحريض ضد اسرائيل، إذ أن رئيس وزراء اسرائيل زود الرئيس ترامب بملف كامل عن هذا التحريض المزعوم. كما التقطت صور للرسومات على جدار الفصل العنصري المناهضة للاحتلال، ورآها ترامب بنفسه أثناء الدخول الى بيت لحم.
· عدم الادلاء بأي تصريحات رسمية مناوئة لاسرائيل، وكذلك عدم تقديم أي شكاوى ضد اسرائيل في المحافل والمؤسسات الدولية المختلفة.
خيبة أمل فلسطينية
لقد كانت هناك خيبة أمل في هذه الزيارة، لأن الرئيس ترامب لم يقدم أي شيء يشجع الفلسطينيين على اتخاذ قرار العودة الى طاولة المفاوضات، سوى الحصول من اسرائيل على خطوات حسن نوايا، ومنها دعم اقتصادي للسلطة الفلسطينية، والسماح باقامة مشاريع صناعية في المنطقة الفلسطينية المحتلة من الضفة والمصنفة "ج".
وكذلك قرر ترامب عدم زيارة كنيسة المهد لدواعي أمنية ولكنها في الواقع اختصاراً للوقت، وكذلك لعدم رغبته في رؤية مظاهرة أهالي الأسرى في ساحة المهد.
وخلال خطاباته لم يتحدث عن القدس بأنها محتلة بل انه زار حائط المبكى ليؤكد أنه ملك لاسرائيل، ولتوجيه رسالة الى المنظمات الدولية، وكذلك للسلطة الفلسطينية بأن هذا مكان يهودي مقدس، وان القدس لا يمكن تجزئتها.
رد الرئيس عباس الحازم
لقد رد الرئيس عباس بصورة حازمة إذ أيد مطالب أسرانا المضربين عن الطعام مؤكدا عدم الانصياع لمطلب الادارة الاميركية بوقف مخصصات اهالي الشهداء والاسرى. وقال لترامب أن القضية الفلسطينية هي مفتاح حل لمختلف القضايا في الشرق الأوسط، أي أنها القضية الأولى للعرب والمسلمين على حد سواء. كما أكد على تمسكه بحل الدولتين، واعتبار القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.
وأوضح الرئيس عباس رغبته في المشاركة في أي لقاء مع رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بحضور الرئيس ترامب نفسه في أي مكان يختاره ويحدده الرئيس ترامب نفسه، وان الرئيس عباس يتطلع الى تحقيق سلام عادل وشامل عبر مفاوضات جادة بسقف زمني محدد، وهذا ما يرفضه الاميركيون والاسرائيليون، لانهم يريدون مفاوضات طويلة الأمد.
وهناك نقطة خلاف بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي حول اجراء المفاوضات من النقطة التي تم التوصل اليها في المفاوضات مع رئيس وزراء اسرائيل السابق القابع في السجن ايهود اولمرت. واسرائيل ترفض ذلك، والجانب الاميركي يؤيد الموقف الاسرائيلي.
الرئيس عباس يدرك ان العودة الى طاولة المفاوضات قد تؤدي الى تطبيع العلاقات العربية مع اسرائيل لأن العديد من قادة العرب الرسميين ينوون استغلال هذا التحرك السياسي للتطبيع في اطار "دعمهم لمسيرة السلام" ومساندة الموقف الفلسطيني.
زيارة الرئيس ترامب لم تحقق أي شيء ملموس على أرض الواقع، ولم يشعر الفلسطينيون بأن هناك تغييرا في الموقف الاميركي، بل تأكدوا من ان موقف الادارة الاميركية الحالية اكثر دعما ومساندة للموقف الاسرائيلي، أي لاستمرار الاحتلال!