أيام بقيت ويغادرنا هذا العام، عام 2014، وهو يحمل معه الكثير من الويلات والمآسي التي حلت بشعبنا الفلسطيني، وبخاصة العدوان الوحشي على القطاع، هذه الويلات التي تأبى أن تنتهي، رغم تفاؤلنا الكبير بالنور في نهاية النفق، هذه المقولة التي كان يرددها الشهيد القائد الراحل الرمز ياسر عرفات (ابو عمار) الذي مر 10 أعوام على رحيله هذا العام، وما زال لغز اغتياله لم يحل، هذه المقولة التي نتفاءل بها دوماً بأن الليل لا بد أن ينجلي.. نتفاءل رغم كل ما يمر به شعبنا، ونأمل لأننا من دون أمل سننتهي..
في هذا العام فقدنا العديد من الشهداء في قدسنا المحتلة وفي كافة أرجاء الوطن، فقدنا وزيراً كان النموذج الحي للنضال في سبيل الوطن ، الأخ المناضل زياد ابو عين، الذي قضى وهو يدافع عن أرضنا ووطننا، وبذلك أعطى مثالاً بأن الوزير أو القائد يجب أن يكون مع الشعب، يشاركه كل معاناته ونضالاته، وليس أن يتواجد فقط في مقره المكيف والذي فيه كل سبل الرفاهية.
آلاف من المعتقلين ما زالوا في سجون الاحتلال، والعديد ممن حرروا في صفقة التبادل الأخيرة، صفقة الأحرار، أعيد اعتقالهم... مئات من المعتقلين المرضى ما زالوا يعانون من الاهمال لهم ولصحتهم، ومن بينهم أطفال سجنوا وعذبوا من دون رحمة أو شفقة أو أخذ بعين الاعتبار أنهم ما زالوا أطفالاً، رغم ان كل الاتفاقيات والقوانين الدولية تحرم اعتقالهم فكيف بالتالي تعذيبهم. وما زالت حملات الاعتقال مستمرة وبخاصة في القدس العربية، التي حسب التقرير الشهري الدوري لمركز احرار، شهدت المرتبة الاولى في أعداد المعتقلين فيها، حيث وصل العدد فقط خلال شهر تشرين الثاني الماضي الى 298 معتقلاً، وتبعتها الخليل 124 معتقلاً، ثم بيت لحم 55 معتقلاً ، نابلس 30 معتقلاً، ومحافظة رام الله 29 معتقلاً، وجنين 25، وطولكرم 17معتقلاً، وقطاع غزة 14 معتقلاً، ومنطقة أريحا والأغوار 10معتقلين، وقلقيلية 3 معتقلين، وسلفيت 3 معتقلين، وأخيراً محافظة طوباس اثنين.
أسرانا يجب أن يكونوا أولى أولوياتنا، فهم بحاجة لنا، بحاجة لدعمنا ووقوفنا معهم بشكل جدي وقوي، بحاجة لتكاثف جميع الجهود من أجل الافراج عنهم بأسرع وقت، فيكفيهم وعائلاتهم كل العذابات التي يعيشونها كل يوم بل كل لحظة..
والقدس العربية ما زالت تتعرض لكل أنواع التهويد والتهجير لمواطنيها والاعتداءات على مقدساتها، فكل يوم نسمع ونشاهد هجمات المستوطنين المسعورة عليها وبخاصة على الحرم القدسي الشريف الذين يريدون تدميره، ويعملون بكل السبل من أجل ذلك.. ومؤسسات القدس ما زالت تئن تحت وطأة المحاولات الصهيونية ، التي تستخدم كافة السبل، لاجبارها على مغادرة القدس الى غير رجعة، ورغم ذلك فان بعضها ما زالت صامدة تقاوم بكل ما لديها من امكانيات، والتي للأسف شبه معدومة، لمواصلة تصديها لمخططات الاحتلال، تناضل لوحدها من غير أن يقف معها أحد لتعزيز صمودها.
فالقدس رغم كل النداءات من أجلها ومواطنيها ومؤسساتها للعمل من أجل الدفاع عنها الا أن لا حياة لمن تنادي.. القدس تضيع منا والجميع يقف موقف المتفرج، الا مواطنيها الذين شهدوا مؤخراً أكبر هبة للدفاع عنها، ولكن هل يستطيعون أن يتصدوا لوحدهم ومن غير أي مساندة ودعم لأكبر مؤامرة تحاك ضد عروبة القدس.. ويكفينا ما نسمعه كل يوم وبخاصة مؤخراً من قادة اسرائيل اليمينيين واليساريين بأن القدس الموحدة الكبرى ستظل عاصمة اسرائيل للأبد، فأين العالم العربي مما يحدث للقدس ومقدساتها ومواطنيها.
رغم اننا تفاءلنا بانفراج الأزمة بين حماس والسلطة، الا أن الخلافات عادت لتدب من جديد بينهما، وهذا أدى الى تفتيت وحدتنا ، وبالتالي يضعف موقفنا ويكسر شوكتنا ويدمر انجازاتنا الوطنية .. فمتى سيصحو قادة هذا الوطن ويصلون الى وحدة حقيقية لا تطير مع أول هبة ريح كما حصل مؤخراً، فنعود مرة أخرى الى مربع الخلافات والاقتتالات.
عام جديد على الأبواب، ونأمل أن يكون عام خير على شعبنا ووطننا ، أن نحقق الانجازات، ونتصدى لكل المؤامرات التي تستهدفنا، فبوحدتنا نحقق المستحيل، فكلنا جسد واحد وقلب واحد، وهدفنا واحد، فلماذا الخلافات، ولماذا نعمل من أجل مصالح ذاتية وحزبية بدلاً من العمل من أجل مصلحة هذا الوطن وهذا الشعب، فيكفي شعبنا ما يتعرض له من الاحتلال، فلماذا نكون نحن اليد التي تدمر انجازاتنا.. قلتها دوما وسأظل أقولها، وحدتنا هي ترسنا القوي، فلنحافظ عليها ولنعمل من أجل تحقيقها على أرض الواقع، وليس فقط اجتماعات واتفاقيات لا تطبق، واذا طبقت، فلفترة قصيرة فقط لتعود الخلافات مرة اخرى..
واخيراً كل عام وشعبنا ووطننا بألف خير .