شهر آذار، شهر الخير والبركة والحب والأمل .. به نتفاءل.. ويحذونا الأمل في ان تتحول حياتنا الى ربيع بعد أن اشتدت علينا العواصف والأمطار والزوابع وكل انواع المحن، لا ليست الربانية، بل تلك التي من فعل أعداء هذا الوطن الذين يزيدون كل يوم من ضغوطاتهم ومخططاتهم من كل نوع وشكل على شعبنا بهدف تركيعه وتهجيره.
في الثامن من شهر آذار، احتفلنا بيوم المرأة.. هذا اليوم الذي يحمل في طياته مطالبات لاعطاء المرأة حقوقها، ولتصحيح وضعها لتتساوى مع الرجل، أو على الأقل لئلا تهدر حقوقها.. ونحن نشاهد كل يوم تنكيل وقتل لفتيات، بحجج مختلفة ، وفي معظمها على خلفية ما يسمى شرف العائلة. ورغم كل النداءات لحماية المرأة من البطش والقتل الا ان لا قوانين حتى الآن تردع من يقومون بقتلها.
ورغم ان المرأة الفلسطينية لم تقصر بواجباتها تجاه وطنها، وضحت بالغالي والنفيس في سبيله، الا انها ما زالت محرومة من كثير من حقوقها وتتعرض كل يوم الى محاولات لاحباطها ولجعلها تتراجع عن تحقيق أهدافها التي تسعى من أجلها.
وفي الحادي والعشرين من هذا الشهر نحتفل بعيد الأم.. وهنا نحيي كل أم فلسطينية أينما كانت، في الوطن أو في الشتات.. ونستذكر ما تتعرض له هذه الأم كل يوم من آلام وعذابات وهي تشاهد أبناءها يعتقلون أو يقتلون أمامها بكل أنواع الاسلحة التي يستخدمها الاحتلال.. يُهدم بيتها وتتشرد عائلتها أو تُجوّع، ورغم ذلك تقف صامدة صابرة على كل ما تواجهه من ويلات ومآسي، فكل الاحترام والتقدير لكل أم فلسطينية ضحت وما زالت في سبيل هذا الوطن.
في الثلاثين من الشهر نجدد ذكرى يوم الأرض.. ونستذكر الشهداء الستة الذين روت دماؤهم هذه الارض المباركة، في الهبة الجماهيرية لاخواننا الفلسطينيين داخل الخط الأخضر بعد قرارات يسرائيل كيننغ مصادرة الآلاف من الدونمات في الجليل بهدف افراغه من سكانه الفلسطينيين، فيما يعرف بوثيقة كيننغ التي صدرت في 1/3/1976، ونستذكر كل شهداء فلسطين الذين قضوا وهم يدافعون عن الأرض، وبخاصة والاحتلال يستمر بمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات التي تغلغلت في اراضينا كالسرطان الذي ينخر جسد هذا الوطن باستمرار ومن دون توقف..
ففي كل يوم تطالعنا وسائل الاعلام بقرارات لبناء وحدات استيطانية، وبخاصة في القدس العربية، حيث يسعون الى تهويدها بكل الطرق والوسائل وأهمها الاستيطان في كل منطقة من مناطقها. وقد جاء تقرير حركة السلام الآن ليشير الى مدى تسارع الاستيطان، وقد جاء فيه بأن العام 2014 قد سجل مستوى قياسياً في البناء في المستوطنات وبأن المناقصات قد زادت الى ثلاث أضعاف منذ العام 2013 في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران عام 1967.
وهنا لا بد من أن نشير الى قرار "لجنة التخطيط والبناء" في بلدية القدس لبناء 64 وحدة استيطانية في مستوطنة رموت بعد ان سبق وتمت المصادقة عليها، بالاضافة الى آلاف الوحدات في كل من مستوطنات "رامات شلومو وجفعات زئيف وكفار أدوميم وغيلو وهار حوماه و... " وكل هذا يتم طبعاً بعد مصادرة الآلاف من الدونمات من المقدسيين من أجل اقامة هذه الوحدات الاستيطانية.
والأسوأ من كل ذلك المحاولات لتهويد القدس عبد تهويد اماكنها السياحية والأثرية والمقدسة، فما بين البناء والحفريات تحت المسجد الأقصى، واستبداله بما يسمى بـ "حجر الهيكل" وما بين المشاريع الأخرى الكثيرة التي تنفذ من أجل تغيير معالم المدينة المقدسة السياحية والتاريخية والدينية، ومنها ما أعلنت عنه مؤخراً ما تسمى بـ "سلطة تطوير القدس" وبلدية الاحتلال في المدينة ووزارة السياحة عن تنفيذ مشروع لما سمي بترميمات وصيانة لمنطقة باب الجديد حيث سيتم تبديل بلاطها التاريخي بحجة تأهيل شبكات المجاري والمياه والكهرباء الخ... كذلك قرار الاحتلال بتهويد "باب الجديد" عن طريق تعليق "المازوزة التوراتية" عليه تماما كما فعلوا في باب الخليل والنبي داود وباب المغاربة والأسوار التاريخية الأخرى، بالاضافة الى انه سيتم تركيب أعمدة إنارة في المنطقة وذلك بشكل فني خاص يهدف الى جذب السياح اليها.
أرضنا عرضنا ندافع عنها بكل ما نملك من وسائل، فلن نسمح بأن تذهب دماء شهدائها هدراً، لذلك فيجب العمل على ايقاف بناء المستوطنات وذلك بأن نمتنع نحن عن بنائها، هذه المأساة التي أشرت اليها مراراً وتكراراً عبر السنوات الماضية، فالألم يعتصرنا ونحن نشاهد أبناءنا يجبرون على بناء الجدار العنصري، وهذه المستوطنات لعدونا وعلى ارضنا في سبيل توفير لقمة العيش لعائلاتهم، فلم يتم حتى الآن، ورغم كل النداءات، السعي من أجل ايجاد حل لعمالنا وتوفير عمل بديل لهم حتى يتوقفوا عن بنائها.. فالى متى ستنتظرون؟!
فما زلنا ننتظر ربيعاً حقيقياً يطل علينا ونحن ننعم بالأمن والأمان، وبوطن مستقل حر وبالقدس العربية عاصمة لهذا الوطن..