اختبار لقدراتها استعداداً لحرب واسعة وشاملة في المستقبل
منظومة القبة الحديدية للتصدي للصواريخ متوسطة المدى والارتفاع هي قيد الجدال والنقاش حول فاعليتها، وخاصة في التصدي للصواريخ الفلسطينية التي طالت مختلف المدن في اسرائيل.
هناك من اتهم هذه المنظومة بالفشل الذريع اذ انها لم تستطع التصدي سوى لـ 20 بالمائة من الصواريخ التي وجهت الى الداخل الاسرائيلي، وبالمقابل هناك من أكد ان هذه المنظومة كانت فعالة، والدليل على ذلك انها لم تحدث اصابات كبيرة، وانها كانت تسقط في مناطق ليست مهمة، وفي اراض خلاء.
بدورها اميركا قررت عبر الكونغرس الاميركي تزويد اسرائيل بمساعدة قدرها مئات الملايين من الدولارات (245 مليون دولار) للاستمرار في تصنيع هذه القبة الحديدية، وهذا اثبات آخر على فاعليتها.
أي أن هذه المنظومة في وضع اتهام، ووضع دفاع عنها، ولكن ما هي الحقيقة من منظار محايد وواقعي.
نظام متطور جدا
هذه البطاريات هي نظام متطور جدا يملك راداراً حساساً يلتقط الصواريخ الآتية بالتعاون مع الاقمار الصناعية. وهذا الرادار يستطيع أي يحدد الجهة المتوجه اليها الصاروخ، او الصواريخ، ومن هنا يقرر من يشغله التصدي للصواريخ التي تتجه الى اماكن حساسة. واذا كانت الصواريخ متجهة الى مناطق خالية، وليست مهمة، فان المنظومة لا تطلق اي صاروخ. ويقال ان كل صاروخ من صواريخ القبة الحديدية يكلف 15 الف دولار في حين ان الصاروخ الفلسطيني الذي يطلق نحو اسرائيل لا يكلف اكثر من الفين الى ثلاثة آلاف دولار كما يقول بعض المحللين العسكريين. ولذلك فان القبة الحديدية تتعامل مع الصواريخ التي يمكن ان تؤذي فقط، وتترك تلك التي ستصل الى اهداف غير حساسة.
وهناك أمر آخر وهو مهم وهي أن هذه القبة الحديدية لا تستطيع التصدي لمجموعة كبيرة من الصواريخ إذ أن بمقدورها اسقاط صاروخ أو اربعة على الاكثر، في حين ان المقاومة الفلسطينية تطلق اكثر من هذا الرقم ولذلك ما زاد عن امكانية القبة من الصواريخ يمر وبكل سهولة دون التصدي له.
والمهم ايضا ان تكون القبة الحديدية موضوعة في مكان ما تستطيع من خلاله حماية اجواء معينة. ولا تستطيع ان تحمي مساحة فضاء كبيرة، ومن هنا يمكن القول أن بعض الصواريخ تتجاوز هذه القبة لانها تمر من مناطق جوية ليست من ضمن امكانية التصدي لها.
وعدد المنظومات أو البطاريات من هذا النوع يصل الى عشرة بطاريات اذ ان الجيش الاسرائيلي تسلم ست بطاريات، وكانت هناك اربع بطاريات جاهزة للبيع للخارج، الا ان الصناعات العسكرية الاسرائيلية سلمتها للجيش الاسرائيلي بعد ان تراجعت الدولة التي ستشتريها عن الصفقة. وهذا يعني ايضاً ان اسرائيل تحتاج الى عدد كبير من هذه البطاريات لتغطي سماء اسرائيل بالكامل. وهذا بالطبع مكلف، فاذا ارادت القبة الحديدية التصدي لكل صاروخ فلسطيني، فان عليها اطلاق حوالي الفي صاروخ اي بتكلفة 30 مليون دولا على الاقل اضافة الى ضرورة توفير هذا الكم من الصواريخ كبديل عن تلك التي استخدمت.
فعالة وبشكل محدود
انطلاقاً مما ذكر فانه يمكن الاستنتاج بأن بطاريات القبة الحديدية هي فعالة ولكن بشكل محدود اذ أنها لا تستطيع التصدي لكل الصواريخ الفلسطينية. ولو كانت فاشلة لما قدمت اميركا المزيد من الاموال لتصنيع المزيد منها والعمل على تطويرها.
ورغم أن هذه البطاريات فعالة في التصدي للصواريخ الفلسطينية الا انها لا تستطيع توفير حماية كاملة للجبهة الداخلية لعدم توفر أعداد كبيرة منها، وكذلك لان هناك بعض الصواريخ الفلسطينية تكون قد زودت بجهاز قد يضلل صاروخ القبة الحديدية من التصدي لها. مما يعني أن هذه البطاريات بحاجة الى مزيد من التطوير، كما انها لا تستطيع التصدي للصواريخ الصغيرة والفعالة التي قد يكون ارتفاعها اقل أو اكثر من مدى تصدي صواريخ هذه القبة أو هذه المنظومة.
الحرب "دعاية" لتسويقها
مراقبون وخبراء في الشأن العسكري يقولون ان هذه القبة كانت ناجحة الى حد كبير، ولكن نجاحها ليس كبيرا لان الاجواء التي تحميها كبيرة.. تحاول اسرائيل اظهار نجاحها من اجل تسويقها مستقبلا اذ ان العديد من الدول تفاوض الصناعات العسكرية الاسرائيلية من اجل توقيع صفقات للحصول عليها، وخاصة من الدول التي تواجه مشاكل حرب داخلية سواء في افريقيا او في جنوب شرق آسيا. ومما يعزز تسويقها انها صناعة عسكرية اسرائيلية بمساعدة ومساهمة خبرات اميركية، ولذلك فهي تحظى بسمعة جيدة للتسويق.. وهذا التسويق سيوفر دخلاً جيداً للصناعات العسكرية الاسرائيلية.
لم تكن كما تم التوقع لها
كثيرون توقعوا بأن تتصدى هذه البطاريات لجميع الصواريخ الفلسطينية، وفشلت في حماية جميع أجواء اسرائيل لذلك اتهموها بالفشل، ناهيك أن المقاومة الفلسطينية استخدمت طرقاً لمرور هذه الصواريخ من دون امكانية لهذه البطارية من التصدي لها.. وقد كان استخدام هذه المنظومة بشكل فعال وواسع في اول حرب لها مع المقاومة، لذلك لا بدّ أن تكون هناك عيوب واخطاء، لذلك تحتاج الى مزيد من التطوير.
الحرب على القطاع اختبار لهذه المنظومة
كثيرون يدعون ويقولون ان الحرب على القطاع كانت بمثابة مناورة اختبار لهذه المنظومة لمعرفة عيوبها وثغراتها لان اسرائيل ستعتمد عليها في حال نشوب حرب واسعة على الحدود الشمالية أو مع ايران اذ ان الصواريخ الفلسطينية هي نسخة من الصواريخ السورية والايرانية التي ستستخدم في الحرب الواسعة القادمة المتوقعة سواء مع ايران او مع سورية. وهناك من يقول ان هذه المنظومة قد فشلت في اطار التمويه على ايران وسورية وحزب الله حول فاعليتها، ولكن هذا التضليل قد لا ينطلي على هذه الجهات لانها تستطيع معرفة الحقيقة عبر خبرتها العسكرية القوية والميدانية.
لا شك ان الحرب العدوانية على القطاع اعطت دروساً جديدة وخبرة جديدة لكل الاطراف المشتركة في القتال.. فهي لا تفيد اسرائيل بل يستفيد منها المقاومون الذين ابدوا بطولة وصمودا ونوعية في مواجهتهم للقوات الاسرائيلية؟.