رفض لأية أفكار تنهي الحصار عن القطاع
شنت اسرائيل قيادة واعلاماً، هجوماً اعلامياً شرساً على وزير خارجية اميركا جون كيري، واعتبرته يقف في صف أعداء اسرائيل، ولا يتبنى مواقفها. هذا الهجوم الاعلامي له أهدافه رغم أن كيري نفسه يعمل لصالح اسرائيل، حسب وجهة نظره، وانه من المؤيدين لها سواء أكان مخيراً، أو مجبراً على ذلك. هذا الهجوم تم لدى محاولته الوساطة لتحقيق وقف اطلاق النار، وانهاء الحرب على القطاع.
والتساؤل ما هي أسباب هذا الهجوم وأهدافه.
ضد ادارة اوباما
من الاهداف الأساسية ان اسرائيل تعتقد وتؤمن وتسوق ذلك بأن ادارة اوباما، هي ادارة مؤيدة للاخوان المسلمين، وان كيري يعمل من اجل انقاذ الاخوان المسلمين في المنطقة ودعمه لهم. وهذا الدعم يأتي من خلال تبنيه لموقف قطر وتركيا بخصوص الحرب العدوانية على القطاع، وهاتان الدولتان هما داعمتان للاخوان المسلمين في العالم.
جاء كيري الى المنطقة بعد أن أجل زيارته مرتين لأن المبادرة المصرية أذهلته، واربكت "مخططاته وافكاره"، وحاول بعد ذلك استيعاب هذه المبادرة بعد الاتصال مع قطر وتركيا. وانه قام بجولة في المنطقة زار خلالها عدة دول ما عدا السعودية التي لم ترحب به، لان من يزور الدوحة اولا، لا يمكن للرياض ان تستقبله.
وفي لقائه مع نتنياهو طرح عدة افكار واهمها انهاء الحصار عن القطاع، واسرائيل ترفض ذلك بتاتا، وهي مستعدة لوقف اطلاق النار مقابل شروط واهمها تجريد المقاومة من السلاح، وجعل القطاع منزوع السلاح.
عرض كيري أفكاره المستندة للمبادرة المصرية مع محاولة الحصول على موافقة لانهاء الحصار مقابل السماح لاسرائيل بتدمير الانفاق وذلك عبر هدنة أو تهدئة تستمر لاسبوع يتم من خلالها التفاوض حول كل الامور، الا ان نتنياهو رفض فكرة انهاء الحصار، والالتزام بذلك الا بعد تجريد كل القطاع من السلاح، وبعد القضاء على الانفاق.
وقد أبدى كيري امتعاضه لرفض نتنياهو افكاره، ولم يتردد بابلاغ نتنياهو بأن قتل المدنيين بهذا الشكل البشع قد يسيء لاسرائيل ولاميركا، ولذلك يجب وقف اطلاق النار، الا ان نتنياهو لم يتفاعل مع هذا الاستياء بل اعتبره جزءاً من سياسة اميركا في دعم "حماس".
وحذر كيري نتنياهو من أن الاتفاق مع "حماس" أفضل من تواصل الحرب لفترة طويلة، وهذا قد يعني انضمام مجموعات متطرفة في الخارج، مثل داعش وجبهة النصرة اليها، مما قد يضع المنطقة في أزمة كبيرة، لان الاخوان المسلمين هو اسلام معتدل، واما الجهات الاخرى فهي متطرفة، وقد يكون من الصعب مواجهتها، أو ان مواجهتها ستكون مكلفة جدا.
نتنياهو لم يتفاعل مع كيري لانه يؤمن ان ما يطرحه هو لصالح حماس، وبناء على تأثير من قطر وتركيا.
مؤتمر دولي مصغر في باريس
ومما زاد غضب اسرائيل هو قيام كيري بعقد مؤتمر شبه دولي حول الحرب في القطاع بقيادته ضم وزراء خارجية فرنسا، بريطانيا، المانيا، ايطاليا، تركيا، وقطر، أي ان المؤتمر ضم 7 وزراء خارجية. ولم يتم دعوة اسرائيل اليه، وهذا المؤتمر تبنى موقف وافكار كيري، التي تنص على وقف اطلاق النار وانهاء الحصار فيما بعد، أي بعد القضاء على الانفاق، ونتنياهو يريد تجريد القطاع من السلاح.
وغضبت اسرائيل لان كيري دعا وزيري خارجية قطر وتركيا ولم يدع اسرائيل، أو مصر، أو السلطة، أو السعودية، واعتبرته تجاوزا لاسرائيل.
الاعلان عن طلب من نتنياهو
ترك كيري الامر عدة ايام، ولكنه بعد ذلك أعلن من واشنطن ان نتنياهو وجه اليه طلباً بوقف اطلاق النار، وهذا يعني أن اسرائيل في مأزق، لذلك أعلن عن مساعيه لتحقيق ذلك، وهذا أغضب نتنياهو وحاول مكتبه نفي هذا الطلب.
اتصال اوباما
بعد وقوع مجازر في القطاع على يد الطائرات الاسرائيلية، وبدأ تحرك العالم ضد اسرائيل، قام الرئيس الاميركي بالاتصال بنتنياهو مشدداً على ضرورة وقف اطلاق النار، ووقف سفك الدماء. وكانت نبرة اوباما عالية وقوية، واعلن ان اسرائيل أخذت وقتاً كافياً لتحقيق أهدافها، وحان الوقت لوقف ذلك، الا ان نتيناهو رفض ذلك متكابراً بان جيشه سيواصل العمليات العسكرية.
وفجأة تطلب اسرائيل من اميركا فتح مخزونها من السلاح في اسرائيل لتزويد الجيش الاسرائيلي بالذخائر، ووافقت اميركا على ذلك.. وحاولت اسرائيل ممارسة ضغط على اوباما بتغيير مواقفه المتشددة منها، ولكن الادارة الاميركية اوضحت للوبي الصهيوني ان اوباما حريص على امن اسرائيل ويقدم كل ما تريده، ولكن يجب ان تتوقف الحرب وهذا لصالحها.
يبدو ان نتنياهو اقتنع اخيرا بوقف اطلاق النار عبر الاعلان عن تهدئة لمدة 72 ساعة كمقدمة للتحاور، بيد انه ما زال مصراً على تجريد القطاع من السلاح. واصدر كيري وبان كي مون (الامين العام للامم المتحدة) بيانا حول وقف اطلاق النار تحت بند تهدئة لمدة ثلاثة ايام، الا ان هذه التهدئة لم تنجح.
ابتزاز اسرائيلي
الهجوم على كيري هو ابتزاز اسرائيلي للادارة الاميركية حتى تغيّر من مواقفها المؤيدة لتركيا وقطر، وتقنع هاتين الدولتين بقبول تحقيق سلام أو هدنة لمدة 20 عاما وتجريد القطاع من السلاح، مقابل انهاء الحصار.
كيري يساير اسرائيل، ولن يقف الى جانب المقاومة، وادارة اوباما قدمت لاسرائيل اكثر مما قدمته لها من مساعدات ودعم الادارات السابقة، ولكن اسرائيل تطمع في المزيد، وتطمع في ابتزاز موقف اميركي يحقق لها أهدافها عبر السياسة ما لم تحققه عبر حربها العدوانية على القطاع.. وهذا الابتزاز قد ينجح في الجانب الاميركي، لكنه سيصطدم برفض المقاومة له.
مهما فعل كيري، فانه سيكون تحت النيران الاسرائيلية لان ادارة اوباما متهمة بانها نصير الاخوان المسلمين، وان اوباما نفسه هو عضو في هذا التنظيم.. ولذلك فان الهجوم الاعلامي على كيري سيتواصل حتى ولو اضاء عشرات الشمعات لارضاء اسرائيل.