يجب الحذر من عدم معاقبة القيادة الاسرائيلية على جرائمها بحق شعبنا الفلسطيني
بعد جولات من المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني ممثلاً بوفد موحد، والجانب الاسرائيلي يترأس وفده رئيس جهاز الشاباك، وبرعاية مصرية، تم الاتفاق على تمديد التهدئة لمدة خمسة أيام بعد أن كانت هناك تهدئة سابقة متفق عليها قبل ذلك لمدة ثلاثة أيام.
الوفدان الفلسطيني والاسرائيلي قبلا بالتهدئة، وقد تعرضا لمساءلات وانتقادات، وكل في جانبه، وفي ساحته.. والتساؤل الكبير الذي يطرحه كثيرون: هذه التهدئة لصالح من؟ هل هي لصالح اسرائيل أم لصالح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟
حاجة اسرائيل للتهدئة
لقد أظهرت التقارير العديدة أن اسرائيل بحاجة الى تهدئة لعدة أسباب ومن أهمها:-
1. وقف احتجاجات داخل الجيش على عدم وجود قرار حاسم بخصوص التوجه العسكري للقطاع، هل وقف النار، أو الاجتياح الواسع. والاحتجاجات على الاداء، وعلى قلة المعلومات عن القطاع، إذ أن عدداً من الضباط والجنود اعترفوا بأن "حماس" كانت تقاتل بصورة جيدة جدا، وان مخططاتها القتالية كانت أيضاً متطورة جدا.. وهذا أربك الجنود الاسرائيليين.
2. اعطاء المجال للقيادة السياسية الاسرائيلية للتفكير في مواجهة الضغط الداخلي عليها، واتهامها بالفشل في هذه الحرب.
3. اعطاء راحة للجنود بعد قتال استمر حوالي ثلاثين يوماً لم تحقق فيه اسرائيل أهدافها.
4. محاولة امتصاص النقمة العالمية على اسرائيل بسبب المجازر التي ارتكبتها بحق أبناء القطاع في استخدام القوة العسكرية المفرطة والشرسة جدا.
5. محاولة تهدئة خواطر سكان المستوطنات والبلدات المحاذية بالقطاع، واقناعهم بالعودة الى منازلهم بعد أن اضطروا لمغادرتها.
6. محاولة اظهار "نية" اسرائيل في وقف الحرب على القطاع والمضي قدماً في ايجاد حل سياسي للقطاع.
7. اعطاء المجال لمصر أن تلعب دوراً وسيطاً ناجحاً في التوصل الى اتفاق طويل الأمد يوفر الأمن والأمان لاسرائيل كلها.
8. محاولة المناورة السياسية لتفريغ الطلبات الفلسطينية العادلة بانهاء الحصار عن القطاع.
9. تشديد المطالبة بنزع سلاح المقاومة في القطاع.
10. توريط السلطة الوطنية في تحمل مسؤولية اعادة اعمار القطاع، ومحاولة التهرب من تحمل مسؤولية تدمير القطاع، وتحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية تطبيق أي اتفاق يتم التوصل اليه
11. محاولة تشكيل لجان تحقيق داخلية من أجل تفريغ اللجنة القضائية الدولية التي قرر اقامتها وتشكيلها مجلس حقوق الانسان للتحقيق في جرائم اسرائيل بحق أبناء القطاع.
12. محاولة اسرائيلية لتقييم الوضع العسكري العام، ودراسة الاخطاء، والاستعداد لجولة من المعارك والقصف الجوي على القطاع، في حالة عدم التوصل الى أي اتفاق.
الدوافع الفلسطينية لقبول التهدئة
لقد اضطرت المقاومة ممثلة بالوفد الفلسطيني المفاوض القبول بتمديد التهدئة لعدة عوامل ودوافع:
1. وقف نزيف الدم الفلسطيني، ووقف عملية تدمير القطاع.
2. اعطاء الفرصة لمصر كي تتوسط لتلبية المطالب الفلسطينية العادلة والمشروعة لانهاء الحصار.
3. الحفاظ على وحدة الموقف الفلسطيني رغم وجود تباينات حول التهدئة، ولكن الغالبية تريد التهدئة.
4. اعطاء راحة للمقاتل المقاوم في القطاع بعد 30 يوماً من المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي.
5. اعطاء الفرصة للمساعدات الانسانية للوصول الى القطاع، وكذلك للبحث عن جثث المواطنين التي هي تحت الدمار، ومعاينة الخسائر المادية للقطاع.
التهدئة لصالح الطرفين
انطلاقاً مما ذكر فان التهدئة هي لصالح الطرفين، ولكن خطورتها تكمن في أنه عبر هذه التهدئة تحاول اسرائيل المناورة وامتصاص الطلبات الفلسطينية، وتفريغها من مضمونها إذ أن اسرائيل تريد أن تنهي الحصار ولكن كما تريد هي وذلك عبر فتح معابرها، وعدم السماح لمعابر أخرى الا اذا كانت هناك مراقبة شديدة عليها.
الحذر من مخططات اسرائيلية خبيثة
وتحاول اسرائيل الآن زج السلطة في موضوع المعابر، وهذا أمر صعب بأن تكون عناصر السلطة، حرس الرئيس متواجدة في معبر رفح وعلى الحدود بين مصر والقطاع، وبين اسرائيل والقطاع لان الهدف من كل ذلك هو اعطاء الهيمنة للسلطة على القطاع في "أمل" أن يخلق ذلك جواً من الخلاف مستقبلاً.
والسماح بتواجد السلطة في القطاع قد يكون مقابل عدم التوجه الفلسطيني الى المحاكم الدولية ضد قادة اسرائيليين، وقد يكون أيضاً للضغط على السلطة الوطنية للعمل على نزع سلاح المقاومة مقابل خطوات لتخفيف او انهاء الحصار المفروض على القطاع.
أي أن اسرائيل تسعى الى تحقيق أهدافها عبر طرق سياسية ودبلوماسية عبد أن فشلت في تحقيقها عبر هذه الحرب العدوانية الشرسة التي استمرت حوالي 30 يوماً.
ولكن القيادة الفلسطينية واعية لهذه المخططات، ولهذا فهي تدرس بالتنسيق مع المقاومة والاصدقاء في العالم كيفية مواجهة مثل هذه المخططات وافشالها سياسياً.
والاهم من كل ذلك ألا تُمنح اسرائيل أي "عفو" أو "مغفرة" عن جرائمها، اذ عليها أن تدفع ثمن ارهابها.. واذا لم تنجح القيادة السياسية الفلسطينية في ذلك فانها ستواجه في المستقبل المزيد من التطاول الاسرائيلي الأحمق والشرس على شعبنا الفلسطيني، وقضيته العادلة. ولذلك لا مفر لها من النجاح في ذلك.