عقد في القاهرة يوم الاحد الموافق 12 تشرين الأول/ اكتوبر 2014 مؤتمر المانحين لاعادة اعمار قطاع غزة، وذلك بدعوة من مصر والنرويج. وقد حضر هذا المؤتمر مندوبو وممثلو أكثر من خمسين دولة، من بينهم عدد كبير من وزراء الخارجية، وفي مقدمتهم وزير الخارجية النرويجي، وكذلك وزير الخارجية الاميركي جون كيري، ومفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون. وقد حضر حفل الافتتاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكذلك الرئيس محمود عباس اضافة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
استناداً الى مصادر المؤتمر، وما أعلن عنه، فان حوالي 5,4 مليار دولار قد تم الالتزام بتوفيرها من قبل ممثلي الدول المشاركة في المؤتمر بعد أن تبنى المؤتمر خطة الحكومة الفلسطينية لاعادة اعمار قطاع غزة، والتي طرحها رئيس لجنة الاعمار الدكتور محمد مصطفى نائب رئيس الوزراء الفلسطيني. وقد اعتبر هذا المؤتمر ناجحاً لانه استطاع الحصول على التزامات دولية بدفع مثل هذا المبلغ، علماً أن اعادة اعمار القطاع نتيجة تدميره من قبل اسرائيل في العدوان الاخير على القطاع الذي استمر أكثر من 50 يوماً يحتاج الى حوالي 8 مليارات دولار حسب تقديرات لجان حكومية ورسمية، ولجان تابعة للمجتمع الدولي، وكذلك خبراء دوليين تابعين للأمم المتحدة. ويمكن ايعاز نجاح هذا المؤتمر الى عدة أسباب ومن أهمها:-
1. مشاركة أكثر من 50 دولة في هذا المؤتمر الدولي.
2. التزام غالبية الدول بتقديم دعم مالي وخاصة اميركا بمبلغ 212 مليون دولار، والاتحاد الاوروبي بحوالي 480 مليون دولار اضافة الى تبرعات احادية من الدول الاوروبية منها المانيا اذ تبرعت أو التزمت بتقديم منحة بقيمة 50 مليون يورو.
3. لاول مرة يلتقي في المؤتمر ممثلو دول مجلس التعاون الخليجي، اذ ان قطر التزمت بدفع مليار دولار، وكذلك السعودية بحوالي 500 مليون دولار، رغم ان هناك خلافاً كبيراً بين الدولتين حول "الاخوان المسلمين"، وتحفظ السعودية من تقديم الدعم لحركة حماس!
4. اثار المؤتمر موضوع الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية من جديد، وأصرت بعض الكلمات على ضرورة انهاء هذا الاحتلال وفي أسرع وقت.
5. كانت هناك دعوات بضرورة عدم قيام اسرائيل بعدوان جديد يتم فيه تدمير ما يتم اعماره..
6. تحمل الأمم المتحدة مسؤولية تنفيذ الاعمار بالتعاون مع حكومة التوافق الفلسطيني، أي أن الأمم المتحدة ستكون المظلة والآلية والمراقب والمتعاون لتنفيذ مشاريع اعادة الاعمار.
العبرة في التنفيذ
من ناحية اعلامية وسياسية ودعائية وجهود دبلوماسية مبذولة، فان المؤتمر اعتبر ناجحاً، وحقق جانباً من أمنيات شعبنا في القطاع، ولكن الاهم من كل هذا هو: هل يتم دفع هذه المبالغ التي تم التعهد بدفعها، وهل هناك آلية لتطبيق مشروع اعادة اعمار القطاع، وهل ستكون هناك عقبات اسرائيلية أمام التنفيذ، أي أن العبرة المهمة في النجاح تكمن في التنفيذ والتطبيق لما تم الاتفاق عليه أو الالتزام به.
تقول مصادر عديدة أن التطبيق لن يكون كاملاً اذ ان بعض الدول تعهدت بدفع مبالغ معينة، ولكنها قد تتراجع عن ذلك كما حدث في القمة العربية التي عقدت في الدوحة اذ تعهدت قطر بدفع خمسمائة مليون دولار لصندوق القدس، ولكنها لم تفعل ذلك اذ أنها وضعت شرطاً بأن يسدد الآخرون أولاً التزاماتهم تجاه هذا الصندوق. وهناك تساؤل: هل السعودية ستلتزم بالدفع اذا لم تتأكد من أن المبلغ، أو المشاريع لن تكون لصالح حركة "حماس" في القطاع، اذ انها ضد "الاخوان المسلمين". وتقول بعض المصادر أن السعودية أعلنت التزامها بدفع المبلغ الـ 500 مليون لانها أحرجت، وانها قد تتراجع عن ذلك اذا ما رأت ذلك مناسباً لها.
حجر العثرة الأساسي هو اسرائيل
قد يتم جمع مبالغ، والحصول على التزامات، ولكن هل ستتم تنفيذ مشاريع اعادة الاعمار بكل سهولة، ومن دون عوائق اسرائيلية.. طبعاً لن يتم الاعمار اذا قررت اسرائيل ان تكون حجر عثرة لانها ستمانع دخول مواد البناء، وقد تعترض على تحويل أموال، ولكن هناك اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل حول الاعمار وآلية التنفيذ.
قد تصبح اسرائيل حجر عثرة لتنفيذ مشاريع الاعمار اذا:
1. توجهت السلطة الوطنية الى مجلس الأمن طلباً لانهاء الحصار.
2. انضمت السلطة الوطنية أو بالأحرى دولة فلسطين الى معاهدة روما، ومحكمة الجنايات الدولية.
3. اذا الغت السلطة الوطنية التنسيق الامني مع اسرائيل برعاية اميركية.
أي أن اسرائيل قد تسمح بالاعمار، وتسهيل الامور، وتخفيف الحصار ولكن بشرط ألا تلاحق دوليا، والا تحمل مسؤولية تدميرها للقطاع. وان تكون السلطة مسؤولة عن القطاع ليس سياسياً فقط بل أمنياً.. وهذا قد يكون صعباً في الفترة الحالية.. ومن هنا يمكن الخلاصة أن الاعمار قد يبدأ ولكن ببطء. وقد يتعرض لهزات عديدة من الدول المانحة واسرائيل على حد سواء.