بعد وصول رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو الى نيويورك مساء الاحد الموافق 28/9/2014، استقبل نظيره الهندي نورندرا مودي في الفندق الذي نزل فيه، فندق "مانهاتن بالاس"، واستمر اللقاء اكثر من ساعة. وهو اللقاء الاول الذي يتم بين رئيسي وزراء اسرائيل والهند منذ 11 سنة، إذ كان اللقاء الاخير بين رئيسي وزراء البلدين عام 2003 عندما توجه رئيس وزراء اسرائيل ارئيل شارون في شهر أيلول من العام نفسه (أي عام 2003) الى الهند وقام بزيارة قصيرة جدا، اذ اضطر لقطعها بعد وقوع تفجيرات انتحارية داخل اسرائيل. وكانت الزيارة تلبية لدعوة من رئيس وزراء الهند الذي ينتمي الى الحزب الهندوسي المعارض لحزب ومنهج عائلة الغاندي، اتال يهاري فاجيابيه، الذي جاء الى سدة الحكم عام 1999، واستمر فيه حتى عام 2004، اذ سقط هذا الحزب في الانتخابات ليعود الى الحكم الحزب الذي يعارض سياسات اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني. وكانت دعوة شارون لزيارة الهند بمثابة دعوة شكر لما قدمته اسرائيل من مساعدات عسكرية خلال المواجهة الساخنة التي وقعت بين الهند والباكستان في العام 1999.
تاريخ العلاقة
الزعيم والرمز العالمي الذي قاد الهند الى الاستقلال مهاتما غاندي عارض بشدة اقامة دولة اسرائيل وبقيت العلاقة الهندية الاسرائيلية مقطوعة الى عام 1992 عندما اقيمت العلاقات بين البلدين. وقد بدأ التبادل التجاري بصورة بسيطة اذ ان قيمته السنوية وصلت فقط الى 200 مليون دولار، لكن هذا التبادل التجاري تطور وتقدم ليصل الى 4,4 مليار دولار في السنة، مما يعكس العلاقة التجارية القوية، ناهيك عن التبادل التجاري في المجال العسكري الذي لم يعلن عادة عن حجمه الا بصورة مختصرة وغير كاملة.
وبدأت الزيارات الرسمية المتبادلة بين البلدين اذ قام رئيس وزراء الهند الحالي مودي بزيارة اسرائيل عام 2006 عندما تولى منصب رئيس وزراء مقاطعة أو ولاية كوجارات، واما وزيرة الخارجية الجديدة فهي سوشما سواراج، وتولت ما بين عامي 2006 و2009، أي لمدة ثلاث سنوات، منصب رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الهندية الاسرائيلية، وقامت في العام 2008 بزيارة رسمية لاسرائيل، أي أن العلاقة الهندية الاسرائيلية كانت جيدة، واما اليوم فانها تفتح صفحة جديدة لان رئيس الوزراء الحالي يعرف اسرائيل، كذلك وزيرة خارجيته، وهناك علاقة سابقة مع قادة اسرائيل، ومما يدلل على ان هذه العلاقة بدأت تأخذ ناحية ايجابية بالنسبة لاسرائيل هو رفض البرلمان الهندي اصدار أي بيان يدين العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وكذلك كان تعامل الحكومة الهندية مع هذا العدوان باردا جداً، ولم يصدر عنها أي شيء، كما أن الهند لم تشهد مظاهرات تندد بالعدوان.
وأعلنت اسرائيل أنها تتفهم موقف الهند في مجلس حقوق الانسان الدولي عندما صوتت ضد اسرائيل، ولصالح تشكيل لجنة للتحقيق في انتهاكات اسرائيل لحقوق الانسان خلال هذه الحرب. وأوعزت هذا التصويت الى أنه ارضاء من الحكومة للهنود المسلمين، اذا أرادت حكومة مودي عدم استفزازهم واثارتهم، والتصويت في المجلس كان لاسباب داخلية وليس نتيجة للسياسة الخارجية الهندية تجاه اسرائيل.
ماذا تم في اللقاء
خلال هذا اللقاء الذي وصفته اسرائيل بأنه تاريخي، تم الاتفاق على تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وقيام وفود رسمية من البلدين بزيارات متبادلة لتعزيز التعاون، ورفع مستواه.
واضافة الى ذلك، فقد وجه نتنياهو دعوة لنظيره الهندي مودي لزيارة اسرائيل، في حين أن مودي وجه دعوة مماثلة لنتنياهو لزيارة الهند، وتم الاتفاق على استمرار الاتصال المباشر بين البلدين.
وخلال اللقاء، طرح نتنياهو مواقفه تجاه بعض القضايا الحساسة، ومن أهمها معارضته للسماح لايران بامتلاك سلاح نووي، وكذلك أبعاد ما تتعرض له اسرائيل من أخطار نتيجة الارهاب المنتشر في منطقة الشرق الأوسط.
وطالب نتنياهو رئيس وزراء الهند، بصفة الهند عضوا في مجموعة البريكس، أن يكون موقفها متفهماً للمطالب وحاجات اسرائيل الأمنية، وادعى أن اسرائيل تريد تحقيق سلام عبر المفاوضات المباشرة بيد أن القيادة الفلسطينية تضع شروطاً للعودة الى طاولة المفاوضات.
تعاون عسكري جيد
لقد اتفق الجانبان على تعزيز التعاون العسكري الحالي، ورفع مستواه والتوصل الى اتفاقية تعاون استراتيجي. وقد زودت اسرائيل الهند بطائرات من دون طيار، وهناك تعاون صناعي محدود، وتطمح اسرائيل في أن يتعاظم ويتقوى ليصل الى انتاج طائرات عسكرية مشتركة، إذ أن الهند تملك مصانع لانتاج طائرات "ميغ"، في حين أن اسرائيل تستطيع تزويد هذه الطائرات بتكنولوجيا متطورة جدا.
لقد اعتبر اللقاء انتصاراً سياسياً لنتنياهو اذ أن اسرائيل تنظر الى تعاون مع دول جنوب شرق آسيا، والى فتح هذا السوق أمام انتاجها التكنولوجي، والهند سوق كبير، وهي دولة من الدول المهمة في العالم.