انهاء الاحتلال الاسرائيلي يمنع وقوع جرائم مماثلة مستقبلاً

توجه مع مجموعة من النشطاء الى بلدة ترمسعيا القريبة من رام الله لزراعة أشتال الزيتون في الأرض التي تحاول مصادرتها والاستيلاء عليها رغم صدور قرار من محكمة العدل العليا الاسرائيلية بأن جزءاً من هذه الاراضي هي لابناء ترمسعيا، ولكن الجيش الاسرائيلي الاحتلالي لم يسمح لهؤلاء المشاركين في مسيرة هادئة من الوصول الى الارض مما وقعت مواجهات... وقامت قوات الاحتلال بالاعتداء بالضرب والقاء قنابل الغاز المسيلة للدموع على المتظاهرين المسالمين وفي مقدمتهم الوزير زياد ابو عين (رئيس هيئة الجدار والاستيطان، الذي اصيب بضربات في فكه ووجهه وفي صدره، وفقد الوعي نقل على اثرها الى المستشفى حيث فارق الحياة.

نقل جثمان الشهيد أبو عين الى معهد الطب الشرعي الفلسطيني في جامعة أبو ديس، وشارك في عملية التشريح رئيس المعهد الدكتور صابر العالول، واثنان من الأطباء الاردنيين المختصين بقضايا التشريح تم ارسالهما من الحكومة الاردنية، وكذلك طبيب اسرائيلي، وقد اكدت نتائج التشريح ان سبب الوفاة لم يكن طبيعياً، بل ان الشهيد كسرت أسنانه، وتعرض للضرب في صدره مما أدى الى وقوع نزيف داخلي مما ادى الى انفجار الشريان التاجي نتيجة حالة الضغط النفسي التي عاشها مما أدى ذلك الى وفاته او استشهاده. وهذا يعني ان القوات الاسرائيلية المحتلة اغتالت ابو عين لينضم الى قافلة شهداء فلسطين.

هذا الاغتيال تم ظهر يوم الأربعاء الموافق 10 كانون الأول 2014. وقد استنكرت القيادة الفلسطينية هذا الاغتيال الوحشي لوزير فلسطيني لم يرتكب أي خطأ، بل كان مقاوماً سلمياً للاحتلال، كان يحاول زراعة اشتال الزيتون، لكن قوات الاحتلال منعته ومن معه من القيام بذلك.

وقد أقيمت للوزير ابو عين مراسم تشييع رسمية شارك فيها الرئيس محمود عباس، وكذلك رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله، وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح، وقادة وأمناء مختلف الفصائل الفلسطينية الوطنية والاسلامية وممثلوهم، حيث استنكروا جميعاً هذا الاغتيال لمسؤول فلسطيني رفيع.

ردود فعل صاخبة

واجه حادث الاغتيال ردود فعل صاخبة محلية ودولية إذ أن الجميع دعوا الى اتخاذ اجراءات رادعة لهذه السياسة ومن أهمها وقف التنسيق الأمني مع اسرائيل، وكذلك دعت الشخصيات العالمية والدولية من وزراء ومسؤولين الى ضرورة اجراء تحقيق دولي في هذا الموضوع.

كما أن العديد من القادة الفلسطينيين دعوا الى ضرورة الرد على هذا الاغتيال بالانضمام الى اتفاقية روما، والى محكمة الجنايات الدولية، من أجل تقديم المسؤولين الاسرائيليين للعدالة الدولية، إذ أنهم يقترفون جرائم يومية بحق شعبنا الفلسطيني.

لم تتردد القيادة الفلسطينية في اظهار غضبها من هذه الحادثة الاليمة، وهذه الجريمة البشعة، فعقدت اجتماعاً طارئاً مساء الاربعاء (10/12/2014) وقررت ان تكون في حالة اجتماع دائم، لبحث الاجراءات الفلسطينية من الممكن اتخاذها رداً على هذه الجريمة، ودفاعاً عن الارض، وعن الشعب الفلسطيني.

من جانبه، بعث رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو برسالة عبر موفده الى المفاوضات اسحاق مولخو للقيادة الفلسطينية مفادها ان اسرائيل ستجري تحقيقا جديا في ظروف "وفاة" الوزير ابو عين. وقد استغرب وزراء اسرائيليون كيف يمكن لوزير ان يشارك في مسيرة سلمية، لأنهم لم يتعودوا على ذلك، خلافاً لشخصية أبو عين الذي قال مراراً وتكراراً: ان القائد يسير في المقدمة، ويعمل في الميدان وليس وراء درجه وفي المكاتب، وهذا ما كان يطبقه على الارض اذ كان يشارك في مختلف المسيرات المقاومة للجدار والاستيطان، وكان يسير في المقدمة غير آبه لتهديدات جنود الاحتلال الاسرائيلي وغير آبه لما قد يتعرض له.

توقيت الاغتيال

جاءت عملية اغتيال الشهيد أبو عين في توقيت جيد للحكومة الاسرائيلية المنهارة، أو الانتقالية بقيادة نتنياهو، اذ أنها وقعت بعد يومين فقط من اقرار حل الكنيست، واجراء انتخابات اسرائيلية يوم 17 آذار القادم، أي أنها جاءت لارضاء المستوطنين الذين يعيثون في الارض دمارا وفسادا وتوتراً وعربدة، وجاءت لتثبت أن هذه القوات المحتلة ضد زرع أشجار، وضد أي مقاومة سلمية، وانها لا تكترث لمكانة الشخص الذي أمامها سواء أكان وزيرا أو مواطنا عاديا... وهذه الجريمة تعني أن الشعب الفلسطيني سيعاني نتيجة الحملات الانتخابية اذ أن اليمين الاسرائيلي الحاكم "سيزاود" و"يزايد" في طروحاته على حساب قضيتنا وشعبنا الفلسطيني.

معاني وأبعاد هذه الجريمة

قد تكون لهذه الجريمة معانٍ ورسائل وابعاد كثيرة من أهمها:-

1.     القوات الاسرائيلية المحتلة تحمي المستوطنين ولا تحمي سكان هذه الأرض الاصليين، وتمنع المواطن الفلسطيني من التعبير عن رأيه ضد الاحتلال ولو بصورة هادئة.

2.     تستطيع اسرائيل وبكل برودة دم أن تقتل أي مسؤول فلسطيني، لأنها لا تكترث برد الفعل الفلسطيني أو العربي، والمهم أن اسرائيل تريد اسكات أي صوت ضدها، وتمنع أي مقاومة شعبية لها.

3.     استفزاز السلطة الفلسطينية لمعرفة مدى رد فعلها، وهل بالواقع ستقوم بتجميد أو الغاء التنسيق الأمني الفلسطيني الاسرائيلي.

4.     لقد كان أبو عين مزعجاً لقوات الاحتلال من خلال مقاومته السلمية المشروعة في العديد من الاماكن، وهو يحرض ضد الاستيطان ويقاوم الجدار. وتواجده في الميدان يشجع على المقاومة، ولذلك فان "التخلص" منه هو لصالح اسرائيل. ولذلك يمكن القول والاستنتاج ان ابو عين كان مستهدفاً، واغتياله لم يكن عفوياً، بل معداً مسبقا، من خلال استغلال ظرف معين، وهذا ما تم بالفعل.

5.     التأكيد الاسرائيلي على أن الاستيطان أمر مقدس لهم، ولا يمكن المس به، ولا يمكن ازالته أو التخلي عنه، وهذا يعني أن سياسة التوسع الاستيطاني مستمرة ومتواصلة، وان اسرائيل لا تريد انهاء احتلالها للاراضي الفلسطينية، بل تريد اعطاء شعبنا "ادارة مدنية ذاتية" تحت وصاية أو حماية أمنية اسرائيلية. وان حل الدولتين غير وارد، بل ان المطروح هو حكم ذاتي اداري فقط للسلطة الفلسطينية وليس أكثر من ذلك.

6.     قوات الاحتلال الاسرائيلي تغضب من عناية الفلسطينيين بالارض والاشجار، فهي تعتبر هذه الأراضي ملكها، وليس لأحد الحق في زراعتها، كما أن الأشجار ملك لها، ولا يسمح للمزارع الفلسطيني بالوصول الى أرضه لقطف ثمار أشجاره وخاصة شجرة الزيتون التي تمثل تمسكنا بأرضنا بكل قوة.

7.     توتير الأوضاع، وهذا يخدم اليمين الاسرائيلي، وخاصة ان اسرائيل على أبواب انتخابات تشريعية جديدة (يوم 17 آذار 2017)، و"توتير" الأوضاع يستغله اليمين لحملاته الانتخابية بصورة سافرة.

8.     ان اسرائيل فوق كل القوانين والدساتير والمواثيق والمعاهدات الدولية، فهي تفعل ما تشاء دون أي محاسب أو مساءل، ولا معاقب وحتى ليس هناك من يدين الا بصورة خجولة، ولولا هذا الوضع لما استمر الاحتلال لحوالي 48 سنة، وضربت اسرائيل عرض الحائط كل القرارات الدولية.

ما هو المطلوب

حسب ردود الفعل الشعبية والرسمية والعربية والدولية، فان المطلوب الآن عدة أمور أساسية وجوهرية:-

1.     تشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في حادثة اغتيال الوزير أبو عين. ويجب الا يكون هناك أي تلكؤ أو تردد أو مماطلة في ذلك.

2.     استمرار اتباع نهج الوزير أبو عين في المقاومة الشعبية للحفاظ على الارض الفلسطينية ومقاومة الجدار والاستيطان، والا تكون الحادثة الأليمة سبباً في التخلي عن هذا النهج بل يجب أن يكون التمسك به أقوى بكثير مما كان عليه في زمن الشهيد أبو عين.

3.     استثمار هذه الحادثة لتعرية سياسة اسرائيل في الاراضي الفلسطينية، والتأكيد للعالم بأن الاحتلال الاسرائيلي هو ارهاب، يرتكب الجراثيم، ويقمع الشعب بأساليب وطرق مختلفة، ولا بدّ من انهاء هذا الاحتلال البغيض والبربري في تصرفاته واجراءاته وممارساته.

4.     أن تتخذ القيادة الفلسطينية من دون أي تردد اجراءات حاسمة وحازمة ورادعة لمثل هذه الجرائم بالانضمام الفوري الى اتفاقية روما، والى محكمة الجنايات الدولية، والحاق هذا الانضمام بتقديم الشكاوي العديدة ضد مرتكبي هذه الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا الفلسطيني، لعل وعسى اجبرت اسرائيل على التوقف عن هذا النهج الارهابي، وعلى احترام المجتمع الدولي وقوانينه الشرعية.

المتوقع مستقبلاً

كما هي العادة نثور ونهب ونغضب، وسرعان ما تهدأ الأحوال والاوضاع، وننسى حماسنا واندفاعنا لاتخاذ رد فعل قوي وفعال ورادع.

والمتوقع ايضا أن تمارس ضغوطات على القيادة الفلسطينية لمنعها من اتخاذ اجراءات احادية الجانب، اي ثنيها عن الانضمام الى معاهدة روما، ومحكمة الجنايات الدولية، مقابل تهديدات أو وعود "زائفة" بالتحرك السياسي، وبتشكيل لجنة تحقيق لن تصل الى الارض المحتلة، واذا وصلت فان اسرائيل لن تتعاون معها، كما حدث مع لجان سابقة.

ولكن المأمول أن يتغير هذا التوقع، ويحدث عكسه، أي ان تتخذ القيادة الفلسطينية قراراً حاسماً وحازماً لمواجهة هذه السياسة الاسرائيلية الانتقامية والقمعية والا تتردد في ذلك!

الوزير زياد أبو عين (أبو طارق)

·        من مواليد فلسطين 22/11/1959، متزوج وله أربعة أبناء.

·        الاعتقالات: اعتقل للمرة الأولى يوم 4/11/1977، وللمرة الثانية يوم 21/8/1979 وافرج عنه يوم 20/5/1985 واعيد اعتقاله للمرة الثالثة يوم 30/7/1985. وقد اعتقل اداريا ولسنوات طويلة وخاصة في الانتفاضة الثانية عام 2002.

·        من محطاته النضالية: اعتقل في السجون الاميركية لمدة 13 عاماً، وهو أول معتقل عربي فلسطيني تقوم اميركا بتسليمه لاسرائيل عام 1981، رغم اعتبار ذلك انتهاكاً للقوانين والارادة الدولية.

·        أهم المناصب التي شغلها:

-         عضو اتحاد الصناعيين الفلسطينيين عام 1991.

-         مدير عام هيئة الرقابة العامة الداخلية في حركة فتح في الضفة الغربية عام 1993.

-         رئيس رابطة مقاتلي الثورة القدامى 1996.

-         عضو اللجنة الحركية العليا لحركة فتح عام 1995.

-         عضة هيئة التعبئة والتنظيم/ رئيس لجنة الأسرى في الفترة 2003 – 2007.

-         وكيل وزارة الأسرى والمحررين 2006 حتى عام 2014.

-         عضو منتخب في المجلس الثوري لحركة فتح.

-         تم تعيينه رئيساً لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان عام 2014.