* تأخير الإعمار في غزة سيؤدي إلى كارثة حقيقية
* على العرب دعم صمود أهلنا في القدس
* القيادة الفلسطينية مطالبة باستمرار حملتها الدبلوماسية وصولاً إلى محكمة الجنايات الدولية
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/ محمد المدهون
من جديد يفوز بنيامين نتنياهو بعنصريته وتطرفه في الانتخابات الإسرائيلية بعد أن أقنع ناخبيه، وخاصةً قطعان المستوطنين، بشعاراته العنصرية المعادية للشعب الفلسطيني.. مستقبل دامس ينتظر الفلسطينيين في ظل إصرار المجتمع الإسرائيلي على انتخاب التطرف والإرهاب.. تهديد ووعيد أطلقه مكتب نتنياهو للسلطة وللرئيس عباس بحجة تدخله في الانتخابات الإسرائيلية، في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال حصارها لغزة وعدوانها على القدس والضفة بكافة أشكاله. أما على الصعيد الداخلي الفلسطيني فالأوضاع على حالها، بل إنها من سيئ إلى أسوأ.. مصالحة تراوح مكانها، وإعادة الإعمار تسير ببطئ السلحفاء.. هذه الملفات وأخرى ناقشتها "البيادر السياسي" مع الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مازن صافي في الحوار التالي.
فوز نتنياهو
* بعد فوز حزب الليكود بزعامة نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية.. ما هي انعكاسات ذلك على شعبنا الفلسطيني؟
- شعبنا الفلسطيني يعلم أنه لم يتوقف العدوان الإسرائيلي يوماً عليه، فطالما استمر الاحتلال جاثماً فوق الأرض وعلى الصدور فإن العدوان مستمر، وجميع القيادات الإسرائيلية تمارس نفس الدور، في إبقاء الاحتلال، واستمرار العدوان ضد شعبنا، فكافة الحكومات السابقة ومنذ توقيع اتفاقية أوسلو قبل 22 عاماً، لازالت تمارس الحصار والعزل والعقوبات الجماعية والعنصرية ضد شعبنا، وبجانب التحريض على القيادات الفلسطينية، سواءً محلياً أو دولياً، وترفع اللاءات التي لا تخدم السلام ولا تقدم أي حلول، وفي نفس الوقت تزيد من معاناة شعبنا، وتنطلق كل الحكومات الإسرائيلية من قاعدة الأمن، ومروراً بعدم التنازل ورفض تقسيم القدس ومنع إقامة الدولة الفلسطينية، واستنزاف الوقت.
شعبنا يتذكر جيداً أن شارون قال " لن نسمح بعودة لاجيء واحد"، وبيريس قال: "لا يوجد شيء اسمه حق العودة"، وليفني قالت: "لا نقبل بحق العودة أبداً"، ونتنياهو قال سابقاً:" لا كبيرة لحق العودة" .
القائمة المشتركة
* القائمة المشتركة حصلت على 13 مقعداً.. هل من شأن ذلك أن يساهم في انتزاع الحقوق الفلسطينية داخل فلسطين المحتلة ؟ وهل سيؤثر ذلك إيجاباً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟
- بداية فإن معنى أن يقف العرب الفلسطينيون معاً وسويا ًويتوحدوا خلف برنامج واحد، فهذا يعتبر إنجازاً يسجل لهم، وسيكون له نتائجه اللاحقة، ناهيك عن أن السكان العرب أنفسهم تعتبرهم (إسرائيل) تهديداً ديمغرافياً سيكون له التأثير على (دولة إسرائيل) والتوازن السكاني في السنوات القادمة، لهذا فإن حصول القائمة المشتركة على 13 مقعداً في الكنيست وتبوءها المركز الثالث في (الكنيست)، فهذا أيضاً يعني أن هذه القائمة التي تمثل من (انتخبوهم) سيكون لها حضور قوي في المعارضة، وهي بكل تأكيد لن تشارك في أي حكومة إسرائيلية نظراً لكثير من الاختلافات في البرامج وفي الرؤى وفي الوعي الوطني العربي، ومعنى أن تكون القائمة الموحدة أو المشتركة في المعارضة، يعني وجوب أن تكون ذات ثِقل معارض ومشاكس، وأن تطالب وتحقق المطالب العربية للعرب، وتعيد لهم الكثير من حقوقهم التي تم سلبها ومصادرتها، وربما هي فرصة حقيقية لانتزاع الحقوق المشروعة لهم كون أن نتائج الانتخابات بما يخصهم لم تتحقق في أي انتخابات إسرائيلية سابقة .
أما بما يؤثر إيجاباً على القضية الفلسطينية، فنحن نعلم أن نتنياهو قد أعلن مراراً وتكراراً اشتراطه "التعامل" مع الفلسطينيين في حال اعترافهم بــ"الدولة اليهودية"، وهذا معناه إقرار بأن عرب 48 يجب أن يرحلوا من أراضيهم، وهذا يعني أن العرب لديهم اليوم الفرصة القوية لمعارضة هذا النهج العنصري الإسرائيلي، والذي يعمل من خلاله نتنياهو في برامجه السياسية.
المشهد الغزاوي
* لا تزال غزة تلملم جراحها بعد الحرب المدمرة الثالثة التي تعرضت لها في ظل تأرجح عمليات الإعمار وتراجع عملية المصالحة.. كيف تقرأون المشهد الغزاوي بعد أكثر من ستة أشهر على انتهاء الحرب؟
- غزة تعاني تأخر البدء في عملية الإعمار نتيجة لأسباب متعددة، وتتنقل بين مشاكل اجتماعية واقتصادية متعددة ومتفاقمة وليست وليدة اليوم، غزة تعاني من نفاد أنبوبة الغاز، ومن قطع متواصل ولساعات طويلة للكهرباء، وزيادة متصاعدة في أعداد الخريجين، والناس الذين بلا مأوى نتيجة تداعيات الحروب، وعدم قدرة الشباب على الزواج مما فاقم من نسبة العنوسة بين الفتيات، وناهيك عن ارتفاع نسبة الطلاق، والعوز الاجتماعي، فالمستقبل قاتم، غزة بحاجة إلى لملمة جراحها المتشعبة، فمن مشكلة لأخرى، ولا أمل قريب، وهنا نصرخ بأنه بدون البدء الحقيقي في تطبيق المصالحة الفلسطينية ووحدة المؤسسات ستستمر المعاناة، ولهذا يجب أن نذهب جميعاً إلى مربع إنهاء الانقسام وتداعياته.
تأخر الإعمار
* ما هي الأسباب الحقيقة وراء تأخير عمليات الإعمار في غزة ؟ وهل المناكفات السياسية هي السبب في ذلك؟
- نعم هناك تأخير في عمليات الإعمار في غزة، وهذا سيؤدي إلى كارثة حقيقية، ولا توجد مؤشرات حقيقية لمنع ذلك، فالأوضاع في تدهور متزايد وملموس في كافة النواحي، فنحن نتحدث عن مائة ألف منزل مدمر في غزة، وهذا أثر على أكثر من نصف مليون فلسطيني، أي ربع السكان في قطاع غزة، وتم تدمير مقومات الاقتصاد في قطاع غزة من خلال تدمير المنشآت الصناعية كافة، ونحن اليوم في بداية الشهر السابع لبدء عملية إعادة الإعمار ولازالت مشاهد الدمار موجودة في كل مكان على امتداد قطاع غزة، فالركام يغلق الكثير من الشوارع، والناس كثير منها في بيوت الإيواء أو في شقق سكنية استأجرتها لهم وكالة الغوث، ويتم إدخال كميات قليلة جدا ومقننة من مواد البناء، وبالتالي تعزى أهم أسباب التأخر في البدء الفعلي والسريع للاعمار إلى وجود خلل في الآلية المتبعة، والتي أرى أنه يمكن إعادة قراءتها وسد الثغرات فيها لصالح تسريع وتيرة البناء وإعادة الإعمار.
اشتراطات دولية
* المجتمع الدولي اشترط فرض حكومة التوافق سيطرتها على غزة من أجل الالتزام بتعهداته.. هل المجتمع الدولي بذلك يضع العقدة في المنشار في ظل تأزم الموقف بين طرفي الانقسام؟
- علينا هنا أن نذكر أنه في العام 2010، وحين ذهبت القيادة الفلسطينية لانتزاع استحقاق الدولة في الأمم المتحدة، لم تحظ الخطوة بالنجاح وكان من أهم تبريرات المجتمع الدولي أن الجغرافيا الفلسطينية منقسمة بين الضفة الغربية وقطاع غزة لوجود الانقسام وعدم وحدة المؤسسات، ومن هنا بدأت مؤشرات حقيقية لإنهاء الانقسام لتدعيم الموقف السياسي الفلسطيني، والدخول بقوة للمرجعيات الدولية وخاصة الأمم المتحدة، وكان لابد من بناء الجسر الفلسطيني، فكان اتفاق الدوحة ومن ثم اتفاق الشاطئ، والذي أبرم في قطاع غزة، والذي كان في حينه الأمل لمعالجة وإنهاء العقبات وتفكيك الألغام في طريق إنهاء الانقسام، فولدت حكومة الكل الفلسطيني " حكومة التوافق الوطني"، واتضحت فيما بعد أن هناك عقبات متشعبة في وجه الحكومة، ولهذا أرى أنه يجب أن يتم إفساح المجال الحقيقي لحكومة التوافق للقيام بمهامها وواجباتها، وتحقيق الهدف الذي كلفت من أجله باتفاق حركتي فتح وحماس، وهو إنجاز الانتخابات، وبالتالي فهذا هو التحدي المفروض على المجتمع الفلسطيني، وهنا يجب قراءة معمقة ومستفيضة للمتغيرات في (إسرائيل) وللظروف المحلية والعربية والإقليمية والدولية.
حكومة التوافق واستمرار الإضرابات
* ما هو مستقبل حكومة التوافق في ظل استمرار الخلافات وتزايد الإضرابات في غزة؟
- إن كلمة السر للخروج من هذا التباين هو العودة إلى مربع المصالحة الفلسطينية، والتي تتكلل بنجاح في حال الانتهاء من الانتخابات الفلسطينية، سواءً الرئاسية أو الشريعية أو المجلس الوطني، وهنا نشدد على وجوب، وضرورة تيسير كافة الأمور و التسهيلات لحكومة الوفاق الوطني للقيام بعملها في الضفة و القطاع معاً لما لذلك من معطيات ايجابية للشعب الفلسطيني.
القدس
* القدس كما تعلمون تتعرض لهجمة شرسة على كل الأصعدة.. كيف تنظرون الى ما يجري فيها؟ وما هي انعكاسات فوز الليكود عليها؟ وكيف يمكن تعزيز صمود أهلها في ظل التجاهل الرسمي لها؟
- للإجابة على هذا السؤال علينا أن نذكر أولاً ما قاله رئيس الحكومة الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، والذي يتزعم حزب «الليكود»، في كلمة أمام مؤتمر جماهيري لقوى اليمين في تل أبيب قبل ساعات من فوزه: إنه في حال توليه رئاسة الحكومة مجدداً، فإن «حكومة برئاسته لن تقسم القدس، ولن تقدم تنازلات، ولن توافق على أي انسحابات، ولن يوقف الاستيطان، ولن تكون هناك دولة فلسطينية." هكذا حدد برنامجه القادم، وبالتالي فإن المطلوب تحميل سلطة الاحتلال مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة، كسلطة احتلال وفقاً للقانون الدولي، وبما يشمل الوضع القائم في مدينة القدس، ويجب القيام بدفع الدعم المالي العربي المخصص لمدينة القدس وسكانها لتعزيز صمودهم وبقائهم ومواجهتهم للمخططات الصهيونية وللحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة نتنياهو الذي وافق في فبراير1997 على بدء البناء في جبل أبو غنيم، وهو الذي سمح بفتح النفق تحت المسجد الأقصى، والتي كانت سبباً في اندلاع انتفاضة شعبية فلسطينية استمرت عدة أيام.
والخلاصة: لم يعد متسع أمام القيادة الفلسطينية إلا أن تقوم باستمرار حراكها الدولي، وتكثيف الحملة الدبلوماسية وصولاً إلى محكمة الجنايات الدولية، وفضح الممارسات الإسرائيلية، وفي الوضع الداخلي الفلسطيني لا مفر ولا مخرج أمام شعبنا إلا الوحدة والمصالحة، وتمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة مهامها للرد القوي على سياسة نتنياهو المعلنة سابقاً وحاضراً .