الليكود يشكل الحكومة والبيت اليهودي يحصل على ما يريد
عندما يتسلم حزب الليكود الحكم، فانه يعمل على التمسك به بشتى الطرق والوسائل، وها هو رئيس الحزب بنيامين نتنياهو ينجح في الانتخابات الاخيرة ليحقق فوزا كبيرا وجيدا اذ حصل الحزب على ربع مقاعد البرلمان (الكنيست) الاسرائيلي (30 مقعداً)، وهذا يعني سيحكم لفترة مقبلة بعد تشكيل حكومته الضيقة جدا، والمعتمدة على 61 نائباً فقط بعد أن وقع الطلاق الكامل مع أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "اسرائيل بيتنا" الذي قرر عدم الانضمام الى الائتلاف الحكومي الحالي برئاسة نتنياهو لاسباب عديدة.
وقد دفع حزب الليكود ثمناً كبيراً من أجل البقاء في الحكم عندما أعطى ثلاثة حقائب وزارية لحزب "البيت اليهودي" وهي وزارة التربية والتعليم لزعيم الحزب نفتالي بينيت، وكذلك وزارة العدل لايليت شاكيد ووزارة الزراعة، في حين أن حزب الليكود حصل على 10 حقائب وزارية.
تتشكل الحكومة الجديدة من 22 وزيراً، والقانون يسمح بتشكيل 18 وزيراً فقط، لكن هناك مخرج قانوني لذلك اذ تعقد جلسة للكنيست تقر ذلك قبل التصويت على الحكومة واداء الوزراء قسم اليمين أمام البرلمان الاسرائيلي.
حكومة قوية أم ضعيفة
هذه الحكومة الاسرائيلية التي تعتمد على قاعدة برلمانية ضيقة تعتمد على 61 نائباً قد تكون قوية، وتثبت لعدة سنوات، وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وذلك للأسباب االتالية:
· جميع أعضاء الائتلاف الحكومي هم من اليمين الوسط والمتطرف، وهم جميعا لهم قواسم مشتركة في العديد من القضايا السياسية الأساسية. منها موضوع اقامة دولة فلسطينية فهم يرفضون ذلك كما أنهم يرفضون حق العودة، والتنازل عن أي مستوطنة، وعن القدس، وعن الغور، وعن السيادة الأمنية الاسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية.
· هناك اتفاقيات وقعت بين جميع أعضاء الائتلاف، وقد عالجت الكثير من القضايا المتعلقة بالمواضيع الداخلية الحساسة مثل قضايا المجتمع، والاسكان، وانضمام المتدينين للجيش الاسرائيلي.
· لا يريد أي من قادة الاحزاب اسقاط الحكومة واجراء انتخابات جديدة، لأن النجاح غير مضمون، وعليهم العمل من خلال الحكومة حتى يثبتوا لناخبيهم أنهم حققوا ما رفعوه من شعارات خلال الحملات الانتخابية.
· تفضل هذه الأحزاب ابقاء الحكومة قوية، والا تسمح بانضمام أحزاب أخرى وسطية أو يسارية مثل حزب المعسكر الصهيوني بقيادة اسحاق هرتصوغ، لأن ذلك سيكون على حسابهم ويضعف تواجدهم، لأن هذا المعسكر قد يطالب بحقائب وزارية كثيرة اذ أنه فاز بـ 24 مقعداً، ثلاثة أضعاف حزب البيت اليهودي. وكذلك هذا الحزب قد يوقع خلافات داخل الحكومة حول الوضع السياسي.
أما احتمال أن تكون ضعيفة فهذا ممكن لأنها تعتمد على صوت أو صوتين للسقوط في أي لحظة. ويقال أنه لو أحد الاحزاب المشتركة في الائتلاف وقع خلاف داخله وانقسم او انشق عنه عدة اعضاء وعارضوا الحكومة، فانها تسقط.
كما أن هناك احتمالاً آخر وهو أن بعض أعضاء حزب الليكود قد يتمردون على نتنياهو لأنه لم يمنحهم حقائب وزارية لأنه كان يقطع وعودا لبعضهم.
خطوات لتوسيع قاعدة الدعم البرلماني
وهنا يمكن القول أن هذه الحكومة تعتمد على خيط رفيع في صمودها، وهذا مكمن الضعف فيها. ولكن نتنياهو سيعمل على توسيع قاعدتها البرلمانية من خلال عدة طرق ووسائل ومنها:-
· الانتقام من حزب اسرائيل بيتنا وخاصة زعيمه، من خلال التركيز على قضايا الفساد التي فتحت ملفات حولها مؤخراً. وهذا سيجبر غير الفاسدين على الانشقاق عن الحزب، أو ابعاد ليبرمان عنهم، وقد ينضمون الى الائتلاف الحكومي. واذا انشق عنه اثنان او ثلاثة من أصل ستة أعضاء فهذا كاف حسب القانون لتشكيل كتلة جديدة!
· التلويح دائماً ببذل جهود لضم حزب العمل الى الائتلاف الحكومي، وهذه رسالة الى اعضاء الائتلاف الحكومي بالتمسك بالحكومة وعدم التفريط بها، لانه يمكن أن يكون هناك بديل لذلك.. وهذا التهديد سيكون موجهاً الى البيت اليهودي الذي يقال انه ابتز نتنياهو في اللحظات الاخيرة، وحصل على اكثر مما يستحق. وقد ينتقم نتنياهو في حال توفر فرصة له لتحقيق ذلك ويرد صفعة بينيت بصفعتين، اذ ان ضم حزب العمل قد يكون على حساب اقصاء البيت اليهودي عن الائتلاف لان حزب العمل يفضل التعامل مع الاحزاب المتدينة وليست الاحزاب المتشددة ولو أن لديها طابعاً دينياً!
· محاولة بطرق عديدة اجراء اتصالات مع أعضاء حزب"هناك مستقبل" بزعامة يائير لابيد، وتشجيعهم على الانشقاق، وبالتالي الانضمام للحكومة إذ أن نتنياهو يريد القضاء على هذا الحزب الوسطي، كما تم القضاء على أحزاب وسطية عديدة خلال العقود الماضية.
· العمل على شق حزب "المعسكر الصهيوني"، من خلال احداث طلاق بين حزبي "الحركة" بزعامة تسيبي ليفني، وحزب "العمل" بزعامة هرتصوغ، إذ أن نتنياهو لا يفكر باجراء أي مفاوضات مع هرتصوغ الا بعد تخلي حزب العمل عن ليفني، وهذا الأمر متوقع في الاشهر القليلة القادمة عندما يجتمع حزب العمل خلال الـ 14 شهراً ما بعد الانتخابات لاختيار رئيس له أو يجدد الثقة بالرئيس الحالي له.
والتساؤل الذي قد يطرحه كثيرون: هل ستجري الامور كما يشتهيها ويرغب فيها نتنياهو؟
والجواب: أن الظروف متغيرة ومتلونة ومتقلبة، ولكن التمسك بالمقعد قد يجعل ذلك لنتنياهو ممكناً، الا اذا شرب أحدهم أو أكثر حليب السباع وتمرد على نتنياهو أو تحداه، وبالتالي جعل الأمور أكثر صعوبة وتعقيداً، وجعل الأمور والرياح تسير وتجري عكس تيار وفكر نتنياهو نفسه.
.