مخططات اقامة حدائق توراتية تنفذ
تنوع الاقتحامات اليومية للمسجد الاقصى
"تهويد القدس" تم خلال سنوات الاحتلال الـ 48 عاماً الماضية، ولكن ما تقوم به اسرائيل اليوم هو تعزيز هذه السياسة، أي سياسة التهويد، والحصول على مكاسب اضافية للتأكيد للعالم أنها مدينة يهودية، وليست هناك أية امكانية لتقسيمها مجدداً.
وهناك أكثر من جهة تعمل على تعزيز التهويد، منها الجمعيات الاستيطانية ذات الاسماء المختلفة منها جمعية "العاد" وجمعية "عطيرت كوهانيم"، و"صندوق تطوير القدس"، و"صندوق انقاذ الاراضي اليهودية" التي يديرها ويشرف عليها آرييه كينغ، اضافة الى بلدية القدس، ووزارات البناء والاسكان، وشؤون القدس، والسياحة، كل هذه المؤسسات الرسمية اليهودية تعمل على تعزيز تهويد المدينة أمام تفرّج العالم العربي، وارسال رسائل التعاطف والتنديد.. التعاطف مع أبناء المدينة العرب، والتنديد بهذه الاجراءات الاسرائيلية والذي لم يَفد المدينة ولا أبناءها!
مشاريع عديدة
هناك مشروع لاقامة مستوطنة في منطقة كفر عقب، وتدير هذا المشروع جمعية "صندوق انقاذ الاراضي اليهودية"، وذلك على ارض مقامة عليها عدة بنايات عربية، وقد أصدرت المحكمة الاسرائيلية مؤخراً قراراً باخلاء وهدم هذه البنايات بذريعة بحجة أن أصحاب هذه الاراضي هم يهود، وان من بنى عليها اشتراها من مزورين وليس من أصحابها الاساسيين. ويقال أن هذه المستوطنة سيوفر لها طريق آمن الى اسرائيل بعد اقامة فتحة في الجدار العازل العنصري، اذ ان منطقة كفر عقب هي داخل الجدار، ولذلك سيتم تأمين من يقيم في هذه المستوطنة الوصول اليها والعودة الى اسرائيل من دون المرور عبر حاجز، أي توفير طريق خاص للمستوطنين، وستكون على حساب الاراضي التي يملكها العرب.
وقد صادقت اللجنة القطرية للتنظيم والبناء على مشروع "موقف جبعاتي" الواقع على بعد 20 متراً من سور القدس، وبالقرب من باب المغاربة. كما سيقام مشروع "مركز الزوار" في تلك المنطقة. ويشرف على هذا المشروع الكبير وتوفر له الدعم المالي جمعية "إلعاد" الاستيطانية.
الحدائق التوراتية
هناك مخططات خطيرة لاقامة 7 حدائق توراتية حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة تصل مساحتها الى حوالي 2680 دونماً. وغالبية هذه الحدائق تتضمن مشاريع استيطانية تهدف اولا الى مصادرة الارض العربية، ووقف التمدد السكاني للمقدسيين، وتحويل هذه الحدائق لمراكز ومحطات رئيسة ومهمة لتمرير الرواية التلمودية للاسرائيليين وللسياح الاجانب، ولتجذير التراث اليهودي في المدينة عند الاجيال الاسرائيلية القادمة. وانطلقت هذه الفكرة لاقامة هذه الحدائق التوراتية بعد احتلال القدس في حرب حزيران 1967، وأقرت في العام 1970. وتم توسيع التنفيذ في السنوات العشر الأخيرة. وقد تم رصد ما يقارب نصف مليار شاقل منذ عام 2003 حتى عام 2013، أي خلال 10 سنوات، ثم اضيفت اليها ميزانية مقدارها 350 مليون شاقل عام 2012، وهذه المبالغ هي اضافة الى الميزانيات العادية المخصصة لمدينة القدس.
وحسب التقارير التي تم نشرها مؤخراً، فان هناك تكاملا وتوزيع ادوار في الجهات التنفيذية لهذه المخططات حيث يعزز دور "الجمعيات الاستيطانية"، وكذلك "سلطة الطبيعة والحدائق العامة"، الامر الذي يساهم وبشكل كبير وفعال في تنفيذ هذه المخططات.
مخطط "الحديقة التلمودية" المحيطة بالقدس القديمة حمل اسم مخطط رقم ع م/9 وصودق عليه عام 1974. تصل مساحة الحديقة حوالي 1100 دونم تتركز جنوبي المسجد الأقصى في منطقة حي وادي حلوة في سلوان، ومنطقة وادي الربابة جنوب غرب اسوار القدس، وكذلك المنطقة الملاصقة لجنوب الاقصى، أو ما يعرف بمنطقة قصور الخلافة الاموية.
أما حديقة وادي الصوانة فقد صودق عليها عام 2000، ومساحتها 170 دونما، وتمتد على سفوح جبل المشارف بمحاذاة حي الصوانة ووادي الجوز. وهناك الحديقة التوراتية على السفوح الشمالية الشرقية لجبل المشارف (العيسوية، والطور، ومساحتها 730 دونماً وبدأ التخطيط لاقامتها عام 2005 وهي في المراحل النهائية للمصادقة عليها.
وهناك حديقة الملك داود التلمودية في حي البستان (وسط سلوان) ومساحتها 50 دونماً، ولاقامتها فان 90 بيتا عربيا مهددا بالهدم. وتهدف السلطات المحتلة من اقامة هذه الحديقة هو تحويلها الى منطقة سياحية تراثية مرتبطة بالروايات التلمودية عن الملك داود، والى ربط الموقع بالانفاق والحفريات الممتدة اسفل بلدة سلوان والواصلة الى اسفل المسجد الاقصى.
وهناك "حديقة جبل الزيتون" على مساحة 470 دونما، وهي متاخمة لحي الشياح، وملاصقة للمقبرة على جبل الزيتون التي هي ملك للاوقاف الاسلامية.
وتقع حديقة "شمعون الصّديق" في قلب حي الشيخ جراح شمال القدس القديمة، المجاور لحي وادي الجوز. ومن ضمن مساحتها "كرم المفتي" الذي صادره الاحتلال، ومن ضمن المخطط اقامة مشاريع تهويدية في اجزاء هذه المساحة المذكورة.
حديقة "باب الساهرة" فهي تشمل منطقة باب الساهرة والاراضي المحيطة بمتحف روكفلر، المتحف الفلسطيني الذي احتلته اسرائيل في حزيران 1967.
وهناك ثلاثة حدائق وهي: "حديقة النبي صموئيل" المقامة على مساحة 3500 دونم في منطقة النبي صموئيل قرب بيت حنينا القديمة. وحديقة "لفتا" على مساحة 80 دونما، وحديقة "وادي رفائيم /الولجة" مقامة على مساحة 1400 مقتطعة من اراضي الولجة واراضي بيت جالا.
مشروع "كيدم" الاستيطاني
رفضت اللجنة اللوائية للبناء مشروع "كيدم" الاستيطاني. وهذا المشروع، يحمل الرقم الهندسي "13542" ، واعدت مخططه جمعية "إلعاد" الاستيطانية. ويهدف الى اقامة مبنى سياحي مكون من 5 طوابق بمساحة 9 آلاف متر مربع لاستخدامه من قبل علماء ودائرة الآثارالاسرائيلية، اضافة لقاعات تستضيف مؤتمرات، وغرف تعليمية، ومواقف لسيارات السياح والمستوطنين. كما يستخدم البناء لنواح سياحية وستكون هناك محلات تجارية، ومكاتب لجمعية "إلعاد".
وهذا المخطط يهدد مساحة كبيرة من اراضِ في وادي حلوة في سلوان كانت تستخدم للزراعة قبل احتلال اسرائيل للقدس في حزيران 1967. وبعد الاحتلال قامت البلدية الاسرائيلية في القدس بمصادرتها وهدم غرفتين فيها تعود لعائلة عبده، ثم حوّلت الى موقف سيارات. وفي العام 2003 سيطرت عليها جمعية "العاد" بطرق ملتوية وخاصة بها. وقامت بأعمال حفر في منطقة المشروع، ساحة باب المغاربة، لبناء المشروع الاستيطاني، وهدمت مقبرة اسلامية يعود عمرها الى 12 قرنا. ودمرت آثار عثمانية واموية وبيزنطية ورومانية من أعمدة واقواس، وابقت القليل منها مدعية انها آثار الهيكل الثاني، اذ ان جزءاً من مخطط "كيدم" سيخصص لعرض هذه "الآثار"!
ولا شك ان جمعية "إلعاد" ستواصل بذل جهودها، للحصول على موافقة على هذا المخطط بعد اجراء تعديل عليه. وقد تتدخل جهات سياسية عليا، وبالتالي يصادق عليه بعد فترة من الزمن، أي بعد سنوات قليلة على الأكثر. وهذا ما سيؤكده المستقبل، اذ أن هذه الجمعيات لا تيأس أولاً، واما ثانيا فان رفض المشروع يكون لسبب معين لم يعجب اعضاء اللجنة اللوائية، فتتم عملية التعديل على المشروع بحيث يُزال هذا السبب، وبالتالي يتم تمرير المشروع /المخطط.
تواصل الاقتحامات اليومية
للمسجد الأقصى المبارك
والى جانب النشاطات الاستيطانية، تواصلت عمليات اقتحامات المسجد الاقصى خلال الفترة الماضية. وقام "طلاب الهيكل" بعملية اقتحامه عبر باب المغاربة تحت حماية وحراسة الشرطة.. وقررت جمعية امناء الهيكل المزعوم تنويع الاقتحامات اذ لا تقتصرفقط على مستوطنين وجنود، بل ادخلت الطلاب حاليا.
ومن ناحية اخرى طالب عضوا الكنيست الاسرائيلي مخلوف زوهر عن الليكود، ويانون ميجال عن البيت اليهودي بضرورة ابعاد المرابطين والمرابطات عن المسجد الاقصى واعطاء او منح اليهود حق الصلاة والتعبد داخل الحرم القدسي الشريف.
ويذكر ان طلبة المعاهد الدينية يصرون على القيام بفعاليات تلمودية لدى اقتحامهم للمسجد الاقصى، وان المرابطين هناك يتصدون لهم.
وزير الامن الداخلي الاسرائيلي الجديد جلعاد اردان تعهد بالسماح لليهود بممارسة حقهم في الصلاة والتقيد في ساحات المسجد الاقصى، مما يشير ذلك الى ان نشاطات المتدينين العنصريين المتطرفين ستتضاعف مستقبلا لنشاهد تصاعدا في وتيرة الاقتحامات تشجيعا من مثل هذه التصريحات سواء لوزراء او لاعضاء البيت.
وفي الفترة الاخيرة قامت الشرطة الاسرائيلية بنصب "كاميرتي مراقبة" على مدخل باب المطهرة في الجهة الغربية من المسجد الاقصى. وكذلك قامت بتحديث الكاميرات في ساحات الحرم وعلى ابوابه من خلال تحويلها من كاميرات ثابتة الى متحركة.
مشاريع استيطانية في القدس
مشاريع اقامة وحدات سكنية في المستوطنات المقامة على اراضي القدس مستمرة ومتواصلة سواء من خلال اعلان عطاءات بناء علنية، او من خلال عطاءات هادئة وسرية.. وتدعي الحكومة ان اقامة هذه الابنية الجديدة هو حق من حقوق اليهود على هذه الارض. وان القدس جزء من اراضي دولة اسرائيل. ولا شك ان وتيرة البناء الاستيطاني ستتصاعد في المستقبل لان حكومة اسرائيل الحالية بزعامة بنيامين نتنياهو هي حكومة يمينية متطرفة، ويجب الا ننسى ان نتنياهو نفسه، وخلال حملته الانتخابية قدم وعودا باستمرار الاستيطان وعدم تجميده، بل بالعكس سيعمل على توسيعه.
الاعتداء على علية صهيون في القدس
لم تنج الاماكن المقدسة المسيحية في القدس من اعتداءات المستوطنين اذ أنهم قاموا في الآونة الاخيرة بمنع المسيحيين من اداء الصلاة في "علية صهيون"، كنيسة العشاء الاخير للسيد يسوع المسيح، والواقعة على جبل صهيون، اذ ان هؤلاء المتطرفين حاولوا اغلاق المداخل الى هذه الكنيسة مدعين انها ملك لهم، وهذه الكنيسة تعرضت في السابق لاعتداءات عديدة.. ويطالب الفاتيكان باعادة ملكية هذا الموقع للكنيسة الكاثوليكية، لكن اسرائيل تدعي ان بالقرب منها يقع قبر النبي داود، ولذلك تصر على ان تبقى بيد اليهود، اي بيد دولة اسرائيل.
الاستيطان في الضفة لم يتوقف
وحول الاستيطان في مناطق الضفة الغربية فهو متواصل، اذ اعلن عن العديد من المشاريع الاستيطانية الجديدة في الاونة الاخيرة، ومن بينها الاعلان عن بناء 90 وحدة سكنية في مستوطنتي "كوخاف يعقوب" و"بيت حورون" الواقعتين بالقرب من مدينة رام الله.
وكذلك قررت سلطات الاحتلال مصادرة اراض جديدة في العديد من المناطق الفلسطينية. وسمحت باقامة مبان جديدة على اراضي سلفيت لتوسيع جامعة ارئيل في شمال الضفة الغربية.
وهناك مشروع استيطاني جديد في منطقة العروب اذ ان جماعة "موسكوفيتش" عراب الاستيطان اليهودي الاميركي استطاع شراء قطعة ارض تقع في منطقة العروب على طريق بيت لحم الخليل الرئيسي، وتعود ملكيتها لاحدى الكنائس الاوروبية. وهذا المشروع الاستيطاني سيكون بمثابة استفزاز لاهالي منطقة العروب، وخاصة انه سيقع بالقرب من مخيم اللاجئين المقام في تلك المنطقة.
صورة سريعة ومختصرة
ما تم طرحه هو جزء قليل مما يعانيه ابناء القدس بشكل خاص، اذ ان عملية تعزيز تهويد القدس مستمرة وعلى مختلف الاصعدة.. وهناك من يتصدى لهذه العملية، ولكن اسرائيل تعمل على اضعاف النضال المقاوم لهذه السياسة الاسرائيلية من خلال ابعاد المرابطين عن الأقصى، ومن خلال سن قوانين تفرض عقوبات صارمة على راشقي الحجارة، وعلى المقاومين لسياسة التهويد.
القدس العربية تعاني رغم صمودها البطولي، ولكن هذا الصمود لابنائها لا يكفي، بل بحاجة الى مساندة حقيقية وواقعية والتي لا تأتي نظراً لاوضاع عالمنا العربي المحزنة والمؤلمة جدا.
اسرائيل تعمل وتفرض امراً واقعاً، وابناء القدس يناضلون ويتصدون لذلك عبر الحفاظ على وجودهم وتمسكهم بأرضهم وممتلكاتهم، اما الاخوة العرب فهم يتفرجون، وليتهم يسكتون ولا يتحدثون عن القدس وعن مشاريع دعم وهمية، لأن صوتهم يزيد من المعاناة، ويصعد من عملية التهويد لقدسنا العربية التي ستبقى عربية مهما مرت سنون وعقود على احتلالها.