* الدجني:
- هناك حراك دبلوماسي لم يبلور حتى اللحظة بورقة عمل رسمية
- تطور ملحوظ في العلاقة مع مصر ترجم بفتح معبر رفح وإدخال الإسمنت
- لا يجوز انتقاء مادة من القانون وترك أخرى
- إعمار غزة مسئولية جماعية يشترك فيها كل دعاة الإنسانية في العالم
- الأصل في العلاقة بين الاحتلال والشعب المحتل هو الاشتباك
* عادي:
- حماس مستمرة في التهدئة مع الجانب الإسرائيلي
- كل ما يجري بين مصر وحماس هو تبادل اتصالات ومعلومات أمنية
- التوسيع في حكومة التوافق الوطني أصبحت جزءاً من الأزمة وخطوة استباقية
- يجب خلق بيئة ملائمة وداعمة من أجل رفع الحصار والتسريع في عمليات الإعمار
- الأوضاع في الضفة مرشحة للمزيد من العمليات ضد أهداف إسرائيلية
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ تقرير/ محمد المدهون
كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول مفاوضات بين حماس وإسرائيل لإبرام اتفاق تهدئة طويل الأمد، في وقت نفت فيه حماس مراراً وجود أية مفاوضات مع الاحتلال، وجاء ذلك في ظل تحسن ملحوظ في العلاقة ما بين حماس ومصر توج بفتح معبر رفح لأيام متواصلة من قبل الجانب المصري بعد إغلاقه لفترات طويلة، ويأتي هذا كله في ظل تفاقم الأزمات في قطاع غزة وتأخر عمليات الإعمار، وتراجع المصالحة وفرص تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، والاتجاه نحو توسيع حكومة التوافق الوطني.. وفي الضفة الوضع على حاله من استيطان واجتياحات واعتداءات إسرائيلية، قابلها رد من قبل الفلسطينيين بعمليات فردية ومنظمة شهدتها مدن الضفة المحتلة.. هذه الملفات ناقشتها "البيادر السياسي" مع الكاتب والباحث من غزة حسام الدجني، والكاتب والباحث السياسي من الخليل الدكتور جميل عادي في التقرير التالي.
المفاوضات والتهدئة
كلما برز حديث عن مفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، كانت الأخيرة تسارع في نفي ذلك، وبالرغم من نفيها المتكرر على لسان ناطقيها هذه المرة وجود مفاوضات كهذه على تهدئة طويلة الأمد مقابل تخفيف الحصار عن غزة، إلا أن بعض قيادات حماس أقرت بوجود هذه المفاوضات من خلال وصفها "بدردشات".. عن هذا الجانب يقول الكاتب حسام الدجني" هناك حراك دبلوماسي واضح بين غزة، والعديد من العواصم الغربية والمنظمات الأممية مع حركة حماس، ولقاءات أخرى بوساطات دولية وإقليمية تنقل رسائل وأفكار تتلخص في التوقيع على اتفاق هدنة طويل الأمد مقابل رفع الحصار، وتشييد ميناء عائم يربط غزة بالعالم الخارجي، ولكن حتى اللحظة لم تتبلور تلك الأفكار في ورقة عمل رسمية تنتظر توقيع الأطراف المعنية، وربما بين عشية وضحاها يصل المتحاورون إلى صيغة يقبلها الجميع، وحتى اللحظة لم يتم ذلك، وأدلل على ذلك هو وعد حركة حماس للفصائل بأن أي اتفاق في هذا السياق سيعرض على الفصائل قبل التوقيع عليه، وهذا لم يحدث حتى الآن.
من جانبه يرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور جميل عادي أن حركة حماس مستمرة في التهدئة مع الجانب الإسرائيلي، والتي تستند إلى المبادرة المصرية وتفاهمات ٢٠١٢ والمبادرة المصرية في حرب ٢٠١٤ لوقف إطلاق النار.
وبخصوص المفاوضات بين حماس وإسرائيل يضيف عادي" هناك اعتراف على لسان الدكتور أحمد يوسف، مستشار إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، بأن هناك دردشات واتصالات تجرى مع إسرائيل، وكانت هذه الدردشات تجرى بطريقة مباشرة بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي في كلٍ من الدوحة وأنقرة، وبطريقة غير مباشرة بواسطة الوفود الأوروبية التي وصلت إلى غزة بعد حرب ٢٠١٤، والحديث عن تهدئة لفترة زمنية طويلة مقابل تسهيلات تقدمها إسرائيل لرفع الحصار ومد القطاع بالغاز والكهرباء وبناء ميناء وإقامة دويلة في غزة دون القدس والضفة وحق العودة وتكريس الانقسام وقطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية بشقي الوطن.
العلاقة مع مصر
شهدت العلاقة ما بين حركة حماس ومصر توتراً ملحوظاً في الأشهر الماضية على خلفية اتهام مصر لحركة حماس بالتدخل في شأنها الداخلي، ودعم الجماعات المسلحة في سيناء، إلا أن هذه العلاقة شهدت تحسناً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.. عن العلاقة مع مصر ومدى انعكاس أحداث سيناء الأخيرة عليها يقول الكاتب حسام الدجني صحيح أن العلاقات بين مصر وحماس في تطور ملحوظ، وترجم ذلك بفتح معبر رفح وإدخال الاسمنت من خلاله، وهذا أزعج إسرائيل والسلطة الفلسطينية ما دفعهما للتحريض على حركة حماس، مستثمرين الأحداث الإرهابية التي جرت في سيناء، وهناك ربط بين تلك الاتهامات لحركة حماس وبين تطور العلاقات على النحو التالي:
1- قلق كبير تبديه السلطة وإسرائيل لتطور علاقة حركة حماس مع الجانب المصري ترجم مؤخراً بفتح معبر رفح وإدخال الاسمنت.
2- تستفيد تلك الأطراف من ربط داعش بحماس لإفساد التقارب الحمساوي مع السعودية ومصر ودول أخرى.
3- وصول معلومات لتلك الأطراف تفيد بتدخل حماس بسيناء، وهذا السيناريو مستبعد لعدة أسباب:
* حجم العداء بين حماس وداعش وقد وصل مؤخراً لقتل حماس أحد قادتها بغزة وتصفية داعش لقياديين من حماس بمخيم اليرموك بسوريا، إضافة لتهديد داعش بحلب لحماس مؤخراً.
*تطور لافت بالعلاقة بين مصر وحماس ترجمته الأخيرة بأن نشرت قواتها على الحدود لضبطها ومنع أي عناصر من التسلل.
* لا مصلحة لحماس بأن تكون سيناء غير مستقرة كونها الطريق الوحيد الذي يربطها بالعالم.
* إدارك حماس أن حسم داعش لسيناء سيتلوه مباشرة حسمها لغزة، وهذا سيدفع الحركة للدخول بحرف استنزاف طويلة ستجر غزة لبحور من الدم.
لكن الكاتب والباحث السياسي الدكتور جميل عادي له رأى آخر، فقد قلل من حجم التقارب بين مصر وحماس، ورأى أن كل ما يجري هو تبادل اتصالات ومعلومات أمنية، وقال عادي:" ما يروج عن عودة العلاقات بين القاهرة وحماس فيه كثير من المبالغة، حيث أن عودة العلاقات ستكون رهناً بتغير نهج وأداء حركة حماس، وكل ما يدور الآن لم يتعد تفعيل قناة اتصال أمنية وتبادل المعلومات حول العناصر الإرهابية المنسوبة لداعش في جزيرة سيناء".
توسيع حكومة التوافق
الرئيس يكلف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتشكيل لجنة للحوار مع الفصائل وخاصة حركة حماس لتشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن هذه اللجنة لم تفلح في الحصول على موافقة حركة حماس التي بدورها وضعت شروطاً للمشاركة في أي حكومة وحدة وطنية قادمة، قابل ذلك الاتجاه نحو توسيع حكومة التوافق إلى حين الاتفاق على حكومة الوحدة المنشودة.. عن هذا الملف يقول الكاتب حسام الدجني" القيادة الفلسطينية تقول أن الخطوة منسجمة والقانون الأساسي المعدل لعام 2005، وهنا إما أن نحكّم القانون الأساسي في كل شيء، أو أن نضعه بالدرج، فلا يجوز انتقاء مادة وترك أخرى.. ما سبق في سياق الرد على الدكتور أحمد مجدلاني بأن الدكتور رامي الحمد الله استند على القانون الأساسي في تعديله الجديد.. صحيح سيدي أن المادة 68 تتيح للسيد الحمد الله ذلك، ولكن المادة 66 تسقط الشرعية عن تلك الحكومة، وعن كل الحكومات التي تلت الانقسام لأنها لم تنل ثقة المجلس التشريعي، وعليه فإن منشأ الحكومة هو التوافق الحصري بين فتح وحماس (50% لكل منهما) حسب إعلان الشاطئ، وعليه لو لم توافق حماس فسنعود لما قبل إعلان الشاطئ.
أما الكاتب والباحث السياسي الدكتور جميل عادي فقال: " حكومة التوافق الوطني ظهرت إلى النور من أجل إدارة أزمة المصالحة والتحضير لإجراء انتخابات، وإعادة الإعمار، والعمل كحكومة وحدة وطنية للقطاع والضفة الغربية معاً، وكانت هذه الحكومة متفق على عمرها من ستة أشهر إلى سنة.
وبدأت حكومة الدكتور رامي الحمدالله عاجزة أمام تحقيق مهامها وأهدافها، سواءً كانت حركة حماس والتباطؤ وعدم التعاون من أجل قيام حكومة الوفاق بمهامها في قطاع غزة وعدم تسليم المعابر وإدارة القطاع، بل انفراد مماثل من حركة حماس يتجاوز الحكومة ومنظمة التحرير الفلسطينية بذريعة فك الحصار عن القطاع ويستهدف إلى إبرام اتفاقيات جزئية.
وخطوة التوسيع في حكومة التوافق الوطني أصبحت جزءاً من الأزمة، وخطوة استباقية نحو تكريس الانقسام الفلسطيني بعد أن أعلنت حركة حماس رفضها المشاركة في تعديل بعض الوزارات أو التوسع.
غزة الجريحة
أمام كل ذلك غزة لا تزال تلملم جراحها.. فالحصار لايزال خانقاً والدمار على حاله.. فهل من آليات لتسريع عمليات الأعمار.. يقول الكاتب حسام الدجني: " أعتقد أن مسئولية الإعمار هي مسئولية جماعية يشترك فيها كل دعاة الإنسانية في العالم، وعليه يجب تحييد الأعمار عن المجاذبات السياسية بين الأطراف، وأن يبدأ فوراً تطبيق من تم الالتزام به في مؤتمر شرم الشيخ، وفي حال كانت المبررات عدم تمكين الحكومة بغزة، فهناك وسائل أخرى عبر الاونروا والمنظمات الدولية الأخرى أو بشكل مباشر بما يحاكي التجربة القطرية في إعمار غزة".
ومن جانبه يرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور جميل عادي أنه يجب على جميع الأطراف تحمل مسؤوليتهم وإخراج غزة من حالة الجمود، ويجب خلق بيئة ملائمة وداعمة من أجل رفع الحصار والتسريع في عمليات الإعمار والحاجة إلى تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، وخاصة أنه لا يزال يعتمد بشكل كبير على إسرائيل، وهناك حلول فورية للقطاع وخاصة المتعلقة بالمأوى والطاقة والمياه وجميعها احتياجات أساسية وتنعش القطاع.
تصاعد المقاومة في الضفة
وفي الجانب الآخر من الوطن، شهدت بعض المحافظات الشمالية تصاعداً في العمليات المقاومة للاحتلال، رداً على الجرائم المواصلة للاحتلال ضد أبناء شعبنا من اعتقال واستيطان وهدم للمنازل واقتحامات واعتداءات ومصادرات للأراضي وغيرها.. عن هذا الموضوع يقول الكاتب حسام الدجني: " أن الأصل بالعلاقة بين الاحتلال والشعب المحتل هو الاشتباك.. الضفة الغربية خلال الأعوام الماضية لم تشهد أي عمليات تذكر، في المقابل استمر الاحتلال في مصادرة الأراضي، وبناء الجدار، وانتشار الحواجز، وممارسة الاغتيالات والاعتقالات دون أن يحرك ذلك ساكناً من قبل المجتمع الدولي، ولا حتى السلطة الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى ما تتعرض له المقدسات الإسلامية بالقدس من تهويد وتهجير، حيث لم يتبق من القدس الشرقية سوى 13% من الأراضي التي يسكنها العرب، وهذا كله زاد من حالة الاحتقان لدى المواطن الذي بدأ يشعر بغياب الكرامة، فخرجت العديد من العمليات الفردية والمنظمة لتقول للاحتلال أن صمت الشعب الفلسطيني على جرائم الاحتلال لن يطول وعليه، أعتقد أن العمليات ستستمر مادام الاحتلال مستمراً".
وبدوره يقول الكاتب والباحث السياسي جميل عادي: " أن استمرار الانتهاكات اليومية الإسرائيلية في الضفة، والممارسات القمعية بحق الأسرى والمقدسات وقطاع غزة المحاصر وغيرها، فإن المقاومة الفلسطينية وخاصة الفردية غير المنظمة ستكون سيد الموقف، حيث أن الأوضاع في الضفة مرشحة للمزيد من العمليات ضد أهداف إسرائيلية، خاصة أن ملف المفاوضات مجمد، وحكومة الحرب الإسرائيلية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو تريد جر المنطقة إلى دوامة العنف"..