المطلوب تعاون الدول المعانية من الارهاب
لوضع خطة موحدة للقضاء التام عليه
يوم الاثنين 29 حزيران/ يونيو هز مدينة مصر الجديدة في وسط العاصمة المصرية القاهرة انفجار كبير أدى الى استشهاد النائب العام المصري هشام بركات، اذ ان هذا الانفجار نجم عن تفجير سيارة مفخخة أثناء مرور موكب المستشار الراحل هشام بركات. هذا الحادث هز مصر بأكملها اذ انه استهدف احد كبار المسؤولين، ولذلك وعد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخلال مشاركته في تشييع جثمان النائب العام بركات، باتخاذ الاجراءات القانونية الحاسمة والحازمة بحق الارهابيين الذين استهدفوا المستشار، ويستهدفون امن مصر.
وبعد مرور 48 ساعة على حادثة اغتيال النائب العام، قام عناصر بيت المقدس في منطقة زويد في شمال سيناء بهجوم واسع على قوات الأمن المصرية استهدف حوالي 15 موقعاً أمنياً. وقام هؤلاء بثلاث عمليات انتحارية يقودها ارهابيون من تنظيم بيت المقدس ودارت معارك طاحنة ادت الى استشهاد وعلى الاقل 20 عسكرياً مصريا وجرح العشرات، فيما استطاعت قوات الجيش المصري من قتل حوالي 150 ارهابياً، وجرح العشرات، واكد مصدر عسكري مصري ان هذا الهجوم الارهابي الواسع شارك فيه اكثر من ثلاثمائة ارهابي من تنظيم بيت المقدس.
وفي القاهرة، وفي منطقة 6 اكتوبر قامت الأجهزة الامنية بمحاصرة شقة سكنية، ورفض من يقطن فيها الخضوع للاوامر بالاستسلام وقاوموا باطلاق النار على القوات المحاصرة، فبالتالي ردت هذه الوحدات على النار بالمثل وقتلت 9 أشخاص كانوا يقطنون فيها وهم من الموالين لجماعة الاخوان المسلمين.
هذه الاحداث المريرة التي وقعت خلال 48 ساعة بين يومي 29 حزيران و1 تموز/ يوليو اثارت العديد من التساؤلات: من يقف وراء الارهاب في مصر وما هو المتوقع مستقبلا؟
من يقف وراء الارهاب
من يقوم بهذه العمليات الارهابية ضد الجيش المصري في سيناء، أو في تفجير عبوات هنا وهناك في القاهرة هي جهة معادية للنظام المصري الحالي، مدعومة من اكثر من جهة خارجية.
حسب ما يقال وينشر، فان تنظيم بيت المقدس هو تنظيم سلفي ارهابي تابع فكريا لتنظيم داعش المتواجد في شمالي سورية والعراق. وهذا التنظيم مدعوم أساساً من تركيا اذ تستخدمه لتحقيق مآربها السياسية في منطقة الشرق الاوسط ظنا من قيادتها انها بهذه الطريقة السيئة تهيمن على المنطقة باسرها. أما الاخوان المسلمون فهم مسؤولون عن التفجيرات الارهابية في مناطق القاهرة وحولها، وفي العديد من مصر، وخاصة في الجنوب، في مدينة الاقصر السياحية ولذلك اضطرت قوات الامن مداهمة الشقة في 6 اكتوبر وقتل من فيها وهم من قادة وعناصر الاخوان المسلمين، اذ انهم متهمون بالوقوف وراء حادثة اغتيال النائب العام هشام بركات. والاخوان مدعومون من قبل قطر وكذلك تركيا. فهاتان الدولتان لم يرق لهما ان يشاهدا سقوط النظام الاخواني في مصر، ولذلك فهما يعاديان مصر بأبشع الاشكال، والدولتان تسعيان للمس بأمن مصر ووحدتها الوطنية.
وهذا التنظيم الارهابي الذي يعمل في مصر يلقى دعماً من الارهاب المتفشي في ليبيا.. ومن الصعب على الجيش المصري السيطرة على الحدود مع ليبيا، فهناك تسلل الى داخل مصر.. وكذلك هناك تهريب للسلاح.
اما السلاح المهرب الى شمال سيناء فقد يأتي من البحر الاحمر أو من البحر الابيض المتوسط. وهناك شك مصري بان بعض السلاح يهرب عبر القطاع، اي عبر الانفاق السرية غير المكتشفة حتى الآن!
في الخلاصة فان اكثر من جهة معادية لمصر تقف وراء هؤلاء الارهابيين، وهذه الجهات تسعى الى اضعاف اكبر دولة عربية في المنطقة من خلال اشغال جيشها، وهو الجيش العربي القوي، في معارك داخلية حفاظاً على أمن الوطن والمواطن.
ما المتوقع في المستقبل
يستطيع الجيش المصري القضاء على كل الحركات والتنظيمات الارهابية التي تعمل داخل مصر ضد مصر. ولكن هذا يحتاج الى وقت طويل لعدة اسباب واهمها أن هناك دعما لهذا الارهاب من خلال ضخ ارهابيين او من خلال تهريب سلاح لهم، او من خلال مساعدتهم "استخباريا". وخير دليل على ذلك أن حادث اغتيال المستشار النائب العام تم بعد ان تم رصد تحركاته، ومعرفة الطريق الذي سيسلكه في ذلك اليوم.
وتحتاج المعركة الى وقت لان الوضع في ليبيا غير مستقر، والارهاب ينبع من ليبيا، ولا ننسى ان حدود مصر مع ليبيا طويلة جدا، وحدودها مع السودان طويلة ايضا، والاخوان في السودان يجدون حرية في الحركة والنشاط على مختلف أنواعه.
وستتواصل المواجهة مع الارهاب في مصر ما دام العالم لم يتخذ الاجراءات المناسبة لمحاصرته، وتجفيف منابعه المالية والبشرية والعتادية، وما دامت قوى تسانده وتعاضده مثل قطر وتركيا، وما دامت المواجهات متواصلة معه في سورية والعراق.
ولكن المتوقع في الفترة القادمة ان تستخدم الحكومة المصرية يدا حديدية ولربما فولاذية في التصدي للارهاب من خلال سن قوانين تعجل من الاجراءات القضائية بحق هؤلاء والاسراع في تنفيذ الاحكام الصادرة بحقهم.
وكذلك ستقوم الاجهزة الامنية بمراقبة تحركات الجهات المشكوك فيها، وعدم التهاون معها، والعمل على اغلاق طرق الامدادات لهم، سواء أكانت سياسية، أو مالية أو عسكرية.
وما المطلوب؟
لقد دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى تشكيل قوة عسكرية موحدة لمواجهة هذا الارهاب، ولكن هذه الدعوة لم تلق الاهتمام الجيد والمطلوب لان بعض الدول الخليجية معنية باستمرار الارهاب في المنطقة ما دام هو بعيدا عنها، ويحقق لها أهدافها.
لن تستطيع قوة عربية مشتركة في وضع حد لهذا الارهاب، بل هناك طريقة واحدة وهي تعاون مصر وسورية والعراق وايران في وضع خطوات واتخاذ اجراءات مشتركة للتصدي للارهابيين ومن يقف وراءهم. ومن الممكن ايضا انضمام عدة دول عربية الى هذا التحالف مثل الجزائر وتونس.. لان معظم هذه الدول تعاني من الارهاب وتواجهه الآن.
لقد حان للدول العربية المواجهة للارهاب ان تتعاون فيما بينها.. لان الارهاب سيتفشى اكثر واكثر اذا لم يتم وضع خطة مشتركة موحدة لسحقه والقضاء عليه.. والتعاون المشترك العربي يغلق المجال امام الارهاب للفرار من منطقة الى اخرى، بل ستتم محاصرته ووأد قياداته.
والتساؤل: هل هناك نية للتعاون في هذا المجال حفاظاً على أمن المنطقة وهذه الدول؟ نأمل أن نجد هذه النية مستقبلاَ!