* الشامي: انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي يؤدي إلي الشلل الكامل في شتي مناحي الحياة
* ساق الله: نحن رهائن في هذا الوطن ومختطفون لصالح موقف سياسي
* عبد الجواد: حذاري من غضب الشعب
* خليفة: الأزمة مفتعلة وحلها ليس أمراً مستحيلاً
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ تقرير/ محمد المدهون
تفاقمت أزمة الكهرباء في غزة بشكل كبير في الآونة الأخيرة، مما زاد من معاناة المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع في العديد من المحافظات في سابقة هي الأولى من نوعها بهذا الحجم، مما يعكس مدى الظلم والقهر والكبت الذي يعاني منه المواطنون جراء هذه الأزمة المستفحلة منذ أكثر من ثمانية أعوام متتالية.. مظاهرات حاشدة جابت شوارع رفح وغزة تطالب بحل جذري للأزمة.. فهل تجد آذاناً صاغية ؟.. "البيادر السياسي" التقت العديد من المثقفين والإعلاميين الفلسطينيين، واستعرضت معهم مختلف جوانب الأزمة، حيث حذروا من ثورة شعب غاضب بعد أن بلغت معاناتهم ذروتها، ودعوا إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة الكهرباء المستعصية.
عجز متنامي
أ.د كامل الشامي، عضو قيادة تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة، قدم لـ "البيادر السياسي" شرحاً مفصلاً لطبيعة الأزمة، مؤكداً أن قطاع غزة يعاني منذ فرض الحصار عليه في العام 2007 من عجز متنامي في الطاقة الكهربائية، مما يسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يصل إلي قطاع غزة من خلال إسرائيل ومصر، ومن محطة توليد الكهرباء بغزة. وقد ازداد هذا العجز إلي درجة ينقطع فيها التيار الكهربائي عن سكان قطاع غزة يومياً من 10 إلي 12 ساعة، وفي بعض الأحيان يصل انقطاع التيار إلي 20 ساعة في اليوم، بسبب نقص الوقود المشغل لمحطة الكهرباء، وبسبب أعطال فنية في الشبكة المحلية، وفي الخطوط الناقلة من إسرائيل ومصر، وبسبب الحروب المتتالية علي قطاع غزة والتي أدت إلي تدمير العديد من خطوط الكهرباء، وحرمت أجزاء واسعة من قطاع غزة من التمتع بالتيار الكهربائي، وبسبب رفض إسرائيل إدخال المواد اللازمة لتجديد الشبكة المحلية التي انتهت صلاحيتها منذ زمن بعيد.
مشاكل إنسانية
وأضاف الشامي: "يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلي حدوث مشاكل إنسانية كبيرة في البيوت والمدارس والمصانع وفي كل المجالات الأخرى، خاصة للمرضي في المستشفيات والمرضى المحتاجين إلي أجهزة التنفس وغيرها، كما يلحق انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خلال العام ضرراً كبيراً بكل القطاعات الاقتصادية المختلفة، حيث يصل انقطاع التيار الكهربائي إلي 133 يوم عمل في السنة من إجمالي 250 يوم عمل.
وأكد الشامي أن انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي يؤدي إلي الشلل الكامل في شتي مناحي الحياة، وقد أدي استخدام المولدات الكهربائية إلي موت أكثر من 90 شخصاً بسبب انفجار المولدات واحتراق عشرات المنازل بسبب استعمال الشموع.
وتابع يقول: " لقد أصبح انقطاع التيار الكهربائي مادة إعلامية دسمة للمناكفة بين الفصائل المنقسمة، مما أدي إلي تفاقم المشكلة وزيادة معاناة السكان، وزاد الأمر تعقيداً.
وأكد أنه لن تكون هناك فرصة لإعادة التيار الكهربائي إلا بإنهاء الانقسام، وعودة اللحمة بين شطري الوطن، وتمكين حكومة التوافق من العمل بحرية، ورفع الحصار، وزيادة كمية الطاقة عن طريق الربط الإقليمي، وتنوع مصادر الطاقة مثل استخدام الطاقة البديلة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الأمواج .
عملية تنكيد
أما المدون والإعلامي هشام ساق الله فقد ذهب في تحليله وتشخيصه للأزمة بعيداً عندما أكد أن شعبنا في غزة أصبح عبارة عن رهائن لموقف سياسي معين، ورأى أن مشكلة الكهرباء مشكلة مزمنة لن يتم حلها حتى لو توفر الوقود، وتتم ربط المحطة بالغاز حسب ما يخطط له القطريون، والسبب أن الأمر عملية تنكيد بالدرجة الأولى على المواطنين، وإثبات أننا نعيش أزمة وفي حصار. وأضاف ساق الله: "نعم نحن مواطنون غير مؤثرين ولا نُحترم في وطننا، وإننا دروع بشرية ومختطفون لصالح موقف سياسي هو موقف حركة حماس، ومجبرون على التعامل مع نظام الجكر حتى لو تم تحقيق كل شيء من دخول الوقود بعد تدخل الأمم المتحدة، وهو لا يكفي وأجندة الأعياد اليهودية موجودة لدى سلطة الطاقة ويعرفون متى العيد لديهم ومتى غير العيد.
وأضاف لـ "البيادر السياسي" أصبحت متأكداً أن الإعلام الذي تتبعه سلطة الطاقة وقيادتها الحمساوية مع الأمر يتعلق بالجكر أكثر منه بغير ذلك، إضافة إلى سياسة عدائية للمواطنين في قطاع غزة من خلال المنطق الإعلامي السيئ السيط والسمعة الذي يتبعونه .
وتابع ساق الله "نعم نحن مواطنون لا نُحترم في وطننا، وعلينا أن نستشهد ونقتل وتهدم بيوتنا، وعلينا أن ندفع ما علينا من فواتير كهرباء وتلفون وجوال لصالح الشركات التي تمص دماءنا، وندفع كل أنواع الضرائب التي تجبيها حركة حماس وسلطتها في غزة من أجل توفير رواتب موظفيها وتوفير الخرفان لأكل قياداتها من أجل كل شيء نحن رهائن في هذا الوطن ومساجين ..!.
ثورة شعب
الصحفية فداء عبد الجواد من محافظة رفح أكدت أن أزمة الكهرباء تفاقمت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث أننا فقدنا مصدرين مهمين للكهرباء من خلال المحطة الموزعة على القطاع، ومصدر التوصيل من مصر الشقيقة، والمصدران فصلا في آن واحد، مما أثر على الوضع العام للقطاع، فأصبحت غزة بلا كهرباء لمدة أسبوع على الأقل، ومن الطبيعي أننا اعتدنا على هذه الأزمة كل شهر أو شهرين، ولكن الصدفة التي تتزامن مع تعطل الخطوط المصرية ونفاد كمية الوقود جعلت الشعب ينظر لها من زاوية سياسية بحتة، والمضاعفات التي حصلت أثارت بلبلة في الوسط الغزي، مما دفع الجمهور لخوض مسيرات ضد الكهرباء، مطالبين بعودتها خصوصًا في منطقة رفح التي لم تلق كهرباء وعدل على خلاف المناطق الأخرى، ففقدت الكهرباء لأيام ومناطق لم تر النور إلا ساعة أو ساعتين خلال اليوم أو اليومين. وبصريح العبارة، الكهرباء أزمة مفتعلة سياسيًا لا يعاني منها إلا الشعب، وحذاري من غضب الشعب، فمن المتوقع جدًا بعد المسيرات السلمية أن تزداد بشكل أكبر من السابق، فيضر بالممتلكات العامة والأفراد، ونحن في غنى تام عن هذه الانفعالات، فيجب على الساسة والقيادات الإسراع في بث وإيجاد الحل السياسي الجذري لهذه الأزمة..
مناكفات سياسية
من جهتها قالت الصحفية شيرين خليفة أنه لم يعد خافياً أن أزمة الكهرباء في قطاع غزة هي أحد مظاهر المناكفات السياسية بين السلطة الفلسطينية في رام الله وحركة حماس في غزة، وهذا الأمر تعكسه التصريحات المتبادلة بالمسئولية عن الأزمة بين الجانبين، ولكن بالنسبة للمتابع سيصل إلى قناعة بأن المسئولية مشتركة سواءً بتقصير من رام الله، أو محاولة فرض وقائع في غزة.
وتضيف لـ "البيادر السياسي": ما يؤكد ذلك أيضاً هو تزامن عودة جدول 6 ساعات مع كل مرة يزور فيها مسئول عربي أو دولي لقطاع غزة بطريقة لم تعد تقنع المواطن العادي بأن الأمر محض صدفة. وكمتابعين، أصبح أقرب إلى الجزم بأن الأزمة مفتعلة وأن حلها ليس أمراً مستحيلاً.
وتابعت تقول " لكن الحل يبقى مرتبطاً بتخلي حماس والسلطة في رام الله عن أجنداتهم الشخصية في التلاعب بمصير المواطنين والضغط عليهم، فكلا الطرفين له مصلحة في استمرار الأزمة.
وأكدت خليفة أن إنجاز مصالحة حقيقة يمكن أن يحل المشكلة، أو على الأقل الوصول لتفاهمات تراعي مصلحة المواطن، كما حدث من تفاهمات في ملفي التعليم والصحة إلى أن تتحقق المصالحة التي ينتظرها الشعب الفلسطيني.