* الحصار هو أحد أبشع سياسيات الاحتلال سادية وفاشية
* تعلمنا من التاريخ أن الشعوب ﻻ يمكن أن تستكين للاحتلال
* الحل اﻷمثل يكمن في إنهاء الانقسام وبدون شروط مسبقة
* مطلوب ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين على المستويين السياسي والعسكري
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/ محمد المدهون
كثيرة هي القضايا التي لا تزال تعصف بالوطن الفلسطيني، من حصار غزة إلى معبر رفح مروراً بالهبة الشعبية، وعمليات الإعدامات التي تنفذها قوات الاحتلال بحق أبناء شعبنا في الضفة والقدس، في ظل انسداد الأفق السياسي، وعدم وجود أي حلول في الأفق.. "البيادر السياسي" التقت عضو المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني " فدا" مسؤول دائرة العلاقات الدولية جمال أبو نحل، وناقشت معه هذه القضايا وأخرى في الحوار التالي، حيث وصف حياة المواطنين في غزة بالكارثية، مؤكداً أن القطاع على مشارف اعتباره أممياً منطقة غير قابلة للحياة في غضون العام 2020. وفيما يلي نص الحوار.
عشرة أعوام من الحصار
* عشرة أعوام من الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة.. كيف تصف ما آلت إليه الأوضاع في غزة مع تفاقم اﻷزمات الحياتية والمعيشية للمواطنين؟
- واقع الحال في قطاع غزة هو أكبر وأعقد من أن يتم وصفه، خاصة مع دخول الحصار الإسرائيلي عامه العاشر تقريباً، حيث ما أقدمت عليه قوات الاحتلال اﻹسرائيلي في عام 2005 هو إعادة انتشار لقواتها، وأبقت القطاع تحت السيطرة اﻷمنية الكاملة لها، للتخلص من المسؤوليات تجاه المواطنين داخل القطاع، وﻹرسال رسائل للمجتمع الدولي بأن إسرائيل تبحث عن السلام، و قامت بإخلاء المستوطنين بمسرحية مبتذلة. وعلى الرغم من كل ذلك فقطاع غزة وفقاً للقانون الدولي ما زال يخضع للاحتلال اﻹسرائيلي .
الحصار هو أحد أبشع سياسيات الاحتلال سادية وفاشية، وقد مارسته حكومة شارون ضد الرئيس أبو عمار في مقر إقامته حتى الموت .
أهالي القطاع ﻻ يعانون فقط من الفقر والبطالة واﻹحباط والنقص الشامل لمتطلبات الحياة اليومية، وإنما يعانون من ويلات ثلاثة حروب طاحنة شنتها قوات الاحتلال خلال سنوات الحصار، مما فاقم أزمات القطاع ودفع بالغالبية الساحقة من أبناء القطاع نحو الفقر، وأدى ذلك إلى انتشار اﻷمراض الاجتماعية بعد انتشار اﻷمراض وخاصة مرض السرطان، وأدت تلك الحروب والحصار إلى معاناة آﻻف اﻷطفال من الخوف الشديد، وعدم الشعور بالطمأنينة والقلق من المستقبل، وتلك اﻷثار السلبية ستراقق اﻷطفال لعشرات السنين وفقاً ﻷراء اﻷطباء والمختصين النفسيين .
حياة المواطنين في القطاع هي كارثية في ظل استمرار أزمة الكهرباء، والتي تعنى بالتالي الشلل التام لكافة مناحي الحياة، وفى مقدمتها الحياة اﻻقتصادية. والحقيقة أن جميع الحلول المتداولة في الإعلام هي وهمية، وتقارير اﻷمم المتحدة تؤكد أن القطاع بات على مشارف اعتباره منطقة غير قابلة للحياة في عام 2020، وحتى الآن مشروع تحلية المياه لم ينفذ ومشاريع إعادة الإعمار تراوح مكانها.
معبر رفح.. مبادرات آلت للفشل
* يبدو أن جهود ومبادرات إعادة فتح معبر رفح باءت بالفشل، ما هي قراءتكم لهذه القضية ومن يتحمل المسؤولية؟
- حقيقة لقد شكلت مبادرة الفصائل الفلسطينية والتي تقدمت بها القوى الديمقراطية الخمس "فدا والجبهتين الشعبية والديمقراطية والمبادرة وحزب الشعب"، اﻷمل أمام القطاع على ضوء اﻹغلاق لمعبر رفح على مدار العام، وما يعني ذلك من ضياع لمستقبل آﻻف الطلاب، وتفاقم أزمة المرضى، وفقدان العديد منهم لحياته، وانعاكس ذلك على الصناعة والتجارة الفلسطينية .
وكالعادة تصطدم المبادرات بالكثير من اﻷسئلة والتي تعنى فشلها.. السؤال الواقعي لو قلنا أن حركة حماس تتحمل المسؤولية، وردت حماس أن الآخرين يتحملون المسؤولية، ما هو الحل لتلك اﻷزمة ؟.. في تقديري أن العودة لمربع التراشق اﻹعلامي لن يقدم للمواطن أي شيء يذكر.. المواطن يريد حلولاً، وفقد الثقة بالقوى السياسية، المطلوب هو أن تبادر حركة حماس بتسليم إدارة المعبر وفقاً لمبادرة الفصائل، مما سيفتح اﻷفق نحو تطبيق اتفاقيات المصالحة، ويخفف من معاناة المواطنين. وعلى الرغم من كل ذلك، نحن نرى في اﻻتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" بأن الحل اﻷمثل هو في إنهاء الانقسام وبدون شروط مسبقة، وذلك عبر دعوة اﻹطار القيادي لمنظمة التحرير للاجتماع لمتابعة تنفيذ كافة القضايا العالقة، والذهاب فوراً لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإصدار المراسيم الرئاسية ﻹجراء الانتخابات الشاملة للرئاسة والبرلمان الفلسطيني على أساس اﻻعتراف الدولي بفلسطين كدولة وتجاوز مرحلة أوسلو، الحل الحقيقي هو في تغليب مصلحة فلسطين فوق جميع المصالح الحزبية.
تركيا ولعبة المصالح
* تركيا تقترب من إعادة علاقاتها مع إسرائيل دون رفع الحصار.. هل تخلت تركيا عن شرط رفع الحصار عن غزة؟
- تركيا دولة مهمة جداً في اﻹقليم وفي جميع اﻷحوال، تصيغ الدول سياستها الخارجية وفقاً لمصالحها، هذا أمر منطقي وطبيعي، وتركيا كدولة تعمل في إطار هذا السياق، والموقف الرسمي التركي كان دوماً داعماً للقضية الفلسطينية، وما زال حتى الآن، وعلينا أن نكون حذرين من التدخل في الشؤون الداخلية لتركيا ولغيرها من الدول، وأﻻ نكون جزءاً من المحاور الدولية واﻹقليمية، والتي تتشكل ويتغير مواقع اللاعبين بها بشكل سريع، واﻹقليم كله يغلى على قدر من نار، وقد تختفي دول عن الخارطة، وتتبدل معالم دول أخرى، و نحن كشعب فلسطيني يجب أن نقف على مسافة متساوية من الجميع، فهمنا الرئيسي هو إنهاء الاحتلال اﻹسرائيلي .
الهبة الشعبية
الهبة الشعبية الفلسطينية لا تزال مستمرة رغم محاولات الاحتلال القضاء عليها.. إلي أين تسير الأمور على هذا الصعيد؟
- لقد تعلمنا جميعاً من التاريخ أن الشعوب ﻻ يمكن أن تستكين للاحتلال، وأن الاحتلال إلى زوال، حيث أننا كشعب فلسطيني ما زلنا تحت الاحتلال، فكل الخيارات المتاحة أمام شعبنا الفلسطيني ستبقى مشرعة حتى زوال الاحتلال، الهبة الشعبية أو الانتفاضة الفلسطينية تأتى في إطار الرفض الشعبي الطبيعي للاحتلال وخاصة بعد تضييق الخناق على شعبنا في القدس والضفة الغربية المحتلة وحتى داخل الخط اﻷخضر، و قد تختلف أشكال وأنماط الهبة الشعبية، ولكن السمة الفارقة لها أنها لم تندلع بقرار من أحد، وبالتالي هي مرشحة للتصاعد في جميع اﻷحوال، والمطلوب من الفصائل الفلسطينية العمل على تقديم كل الدعم للشباب الفلسطيني في مواجهة المحتل والمستوطنين.
إعدام الأطفال
عمليات إعدامات شبه يومية ترتكبها قوات الاحتلال ضد أبناء شعبنا.. كيف يمكن معاقبة الاحتلال على هذه الجرائم؟
- ما تقوم يه قوات الاحتلال اﻹسرائيلي والمليشيات المسلحة للمستوطنين، من عمليات إعدام منظم للمواطنين، وخاصة اﻷطفال الفلسطينيين، يرتقى لمستوى جرائم الحرب الدولية، والمطلوب هو ملاحقة مجرمي الحرب على المستويين السياسي والعسكري، وأيضًا فضح وتعرية موقف الكنيست الإسرائيلي أمام برلمانات العالم لشرعنة اعتقال أحد اﻷطفال وإعدامهم في انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة والخاصة بحماية اﻷطفال .
إن جرائم الاحتلال اﻹسرائيلي تتطلب منا جميعاً العمل على عزل دولة الاحتلال باعتبارها دولة نظام استعمار وفصل عنصري يمارس أبشع سياسات اﻹبادة الجماعية والتطهير العرقي، وأن الاحتلال اﻹسرائيلي هو الوجه الآخر للإرهاب في العالم، وعلى العالم أن يتوقف عن الكيل بمكيالين، ويجب مطالبة اﻷمم المتحدة على تطبيق قرارات الشرعية الدولية تحت طائلة تطبيق البند السابع.
شائعات إسرائيلية
* يجري الحديث عن مرحلة ما بعد الرئيس أبو مازن.. ما هي السيناريوهات المتوقعة ؟
- الواقع الفلسطيني معقد بما فيه الكفاية، وربما لدرجة اﻹشباع، ولم تعد تحتمل قضيتنا الوطنية أكثر من ذلك بعد الدمار والموت وخاصة في اليرموك والوطن المحتل، حيث تحولت أجساد شعبنا لطعام ﻷسماك البحر المتوسط، وحيث أن أوسلو قد انتهت على اﻷرض، وأعادت إسرائيل احتلال الضفة الغربية بالكامل، وهذا يعني أن الوﻻية القانونية يجب أن تعود لمنظمة التحرير الفلسطينية، فهي التي أنشأت السلطة الوطنية الفلسطينية.. كل السيناريوهات ممكنة في ظل النزاع الفلسطيني على الرئاسة، خاصة مع استمرار الانقسام الفلسطيني .
ومن المهم جداً اﻹنتباه إلى أن المصدر الرئيسي للشائعات هي إسرائيل، لجرف أنظار العالم عن الجرائم التي تقترفها كل يوم، بل كل دقيقة وساعة، وأيضاً للتأكيد على أن النظام السياسي الفلسطيني هش للغاية وأنه ﻻ يختلف عن اﻹقليم، وأن إسرائيل ﻻ يمكنها أن تقوم بتوقيع اتفاق تسوية سلمية في المنطقة مع الفلسطينيين، وﻻ يمكنها الانسحاب من الضفة الغربية المحتلة، وهي ﻻ تعرف كيف سيكون شكل ومآل النظام السياسي الفلسطيني .