تمسك كيري بالرعاية الاميركية للملف الفلسطيني
ورفض تدخل أية جهة فيه
لماذا قام وزير خارجية الولايات المتحدة بزيارة العاصمة الاردنية عمان يوم السبت الموافق 20 شباط 2016، وغادرها مساء الاحد 21 شباط بعد لقاء كل من العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين والرئيس الفلسطيني محمود عباس؟ وكانت هذه الزيارة شبه مفاجئة لانه أعلن عنها قبل عدة ايام منها؟
بالطبع يحق لوزير الخارجية الاميركي أن يتحرك كما يريد، ولكنه اختار زيارة عمان وليس القدس لانه لم يرغب في لقاء رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، لانه التقى به قبل فترة، ولكنه أراد في الاساس لقاء الرئيس عباس بعد لقاء الملك عبد الله لتعزيز العلاقات الاردنية الاميركية الثنائية، ولترتيب زيارة العاهل الاردني للولايات المتحدة، ولقاء الرئيس باراك اوباما.
ومن المواضيع التي طرحها كيري على الملك عبد الله، موضوع وقف اطلاق النار في سورية، وآخر المستجدات على الساحة الاقليمية. وتأكيد اميركا على عدم المس بالامر الواقع في الحرم القدسي الشريف، وان اميركا ليست مع سياسة الاستيطان الاسرائيلي. وطلب من العاهل الاردني تشجيع الجانب الفلسطيني على العودة الى طاولة المفاوضات، ووقف العنف لان الحل يأتي عبر وسائل سياسية وليس عبر العنف.
من جانبه اكد الملك عبد الله دعمه للقيادة الفلسطينية، ولحقوق الشعب الفلسطيني، وحل الدولتين، وضرورة وقف سياسة الاستفزاز الاسرائيلية، وبضرورة وضع حد للاقتحامات اليومية من قبل متطرفين للحرم القدسي الشريف.
وقد أبدى الملك عبد الله استياءه من الاجراءات الاسرائيلية في مدينة القدس، وحث الادارة الاميركية على تفعيل دورها من أجل تحريك المسيرة السلمية.
لقاء عباس كيري
اضافة للقاء مع العاهل الاردني، التقى كيري مع الرئيس محمود عباس. وابلغ كيري الرئيس عباس انه جاء خصيصاً للقاء به وللتعبير عن الموقف الاميركي تجاه ما يجري. وطلب من الرئيس عباس:-
1. العمل على وقف العنف ضد الاسرائيليين لان ذلك، وحسب تقييمه، ليس لصالح الفلسطينيين، ولن يؤدي الى أي نتيجة.
2. عدم تجميد أو الغاء التنسيق الامني المشترك مع اسرائيل. واذا تم ذلك فان اميركا لن تقدم أي مساعدة للقيادة الفلسطينية، كذلك ستتوقف المساعدات المالية من الدول المانحة. وان الرئيس باراك اوباما الذي يفكر بحل هذه القضية أو تحريكها سيتخلى عنها، كما ان اميركا ستقف الى جانب اسرائيل في اي اجراء تتخذه ضد هذا القرار!
3. ضرورة الصبر قليلا لان اميركا وبعد عدة شهور ستتفرغ للملف الفلسطيني، وخاصة ان هناك تقدما فيما يتعلق بالملف السوري الساخن جدا.
4. عدم تدويل الملف، لان ذلك يعني ان الرئيس عباس لا يريد الوساطة أو الرعاية الاميركية، وابلغ كيري الرئيس عباس انه ضد المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي.
لغة التحذير والتهديد
لقد كانت لغة كيري تحذيرية لان اميركا لا تريد أن تفقد رعايتها للملف الفلسطيني من خلال توجه القيادة الفلسطينية نحو وقف التنسيق مع اسرائيل، والى تدويل القضية للمطالبة بانهاء الاحتلال.
لا يريد كيري ان تجنح القيادة الفلسطينية نحو روسيا، وبالتالي اعطاء روسيا دورا اكبر في الشرق الاوسط، ولذلك هدد باجراءات اذا تخلت القيادة الفلسطينية عن الدور الاميركي، فالتنسيق الامني الفلسطيني الاسرائيلي هو برعاية اميركية، ووقفه يعني التخلي عن هذه الرعاية.
حاول كيري طمأنة الرئيس عباس بالقول ان اميركا ضد الاستيطان، وانها ما زالت تؤيد حل الدولتين، وان كيري نفسه انتقد اسرائيل لسياستها الاستيطانية.
ويعتبر هذا اللقاء بمثابة ممارسة ضغط على الرئيس أبو مازن لعدم وقف التنسيق الامني، وعدم التخلي عن اميركا. وكذلك القول أن اميركا ما زالت متمسكة بحل الدولتين، وانها لم تترك هذا الملف، وستتهم به قريبا وبصورة افضل واقوى.
في الخلاصة، تريد اميركا ان تكون الراعي الوحيد لمسيرة السلام "المجمدة"، فهي لا تقدم اي شيء، ولم تلعب دوراً حيادياً وبالتالي لا تريد لاحد آخر أن يصادر هذه الرعاية.
والتساؤل الذي يطرح نفسه: هل تأخذ القيادة الفلسطينية ما قاله كيري في الحسبان أو تتجاهله؟
الاجابة هي انها تتمنى تجاهله، ولكن لا تستطيع لان نصف العالم العربي مع كيري، ومع التفاوض.. وان اللجوء الى المؤسسات الدولية لن يؤدي الى نتيجة مهمة أو كبيرة، ولكن لا بدّ من التوجه اليها ولكن بصورة هادئة وخطوات بطيئة!
كل فلسطيني يعرف ان اميركا منحازة لاسرائيل، ويجب عدم الرهان عليها! والتساؤل: هل هناك حصان بديل للرهان عليه في ظل الظروف العربية الحالية!