معاني وميزات ودلالات هذا التوافق الدولي
دخل اتفاق وقف اطلاق النار على الساحة السورية حيّز التنفيذ اعتبارا من فجر يوم السبت الموافق 27/ شباط / 2016. وقد هدأت اصوات المدافع وهدير الطائرات الحربية.
هذا الاتفاق تبناه مجلس الامن الدولي في قرار صوت لصالحه الجميع، لانه من اعداد اميركا وروسيا، الدولتين العظميين في العالم. وقال ستيفان دي مستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى سورية، ان الحوار بين الاطراف المتنازعة في سورية مع الحكومة الشرعية ستتم في جنيف في السابع من شهر آذار القادم.
هذا الاتفاق له مزاياه العديدة ومن أهمها:-
1. يوقف أو يخفف من سفك الدماء على الساحة السورية، اذ ان اعداد الذين سقطوا في هذه المؤامرة على سورية تجاوز الثلاثمائة الف شخص!
2. يعطي الفرصة للمعارضة الوطنية المكافحة للارهاب ان تظهر بصورة افضل، وتجنح اكثر نحو التفاوض من اجل مستقبل سورية.
3. هذا الاتفاق يميز ما بين الارهاب والمعارضة السورية، اذ ان الاتفاق لا ينص على وقف اطلاق النار مع المجموعات الارهابية، وبالتحديد داعش وجبهة النصرة ومن هي على شاكلتهما، ويعطي الجيش العربي السوري وكذلك سلاحي الجو الروسي والسوري الحق في ضرب معاقل الارهابيين لان وقف اطلاق النار لا يشملهم!
4. منح فرصة للسوريين الذين غرر بهم، وحملوا السلاح، الى التراجع عن ذلك، والعودة الى كنف الحكومة، اي ان وقف اطلاق النار سيدعم وسيقوي جهود المصالحة في العديد من المناطق السورية.
5. تستطيع الدولتان روسيا واميركا مراقبة الحدود التركية مع سورية، وستكشف للعالم كله اذا كانت هناك من امدادات للارهاب، وبالتالي ستدفع هذه الدول المؤيدة للارهاب ثمن ذلك.
6. اتفاق وقف اطلاق النار هو رسالة واضحة الى الدول العربية المساندة للارهاب وللمجموعات التكفيرية بان هناك اتفاقا روسيا /اميركيا لحل الازمة في سورية سلميا، بمشاركة الدولة السورية، وهذا يعني ان عليهم القبول بما تتفق عليه الدولتان، وان المؤامرة ضد الدولة السورية سقطت وفشلت، وبقيت الدولة، والتفاوض يتم معها.
الدور الأساسي لروسيا
هذا الاتفاق اعطى عدة رسائل واهمها ان الادارة الاميركية اقتنعت وقبلت بان تكون روسيا هي المسؤولة فعليا عن الملف السوري، طبعا مع التشاور مع اميركا. وهذا يعني ان ادارة اوباما لا تريد التورط عسكريا في سورية، كما انها لن تدخل حربا ضروسا لصالح غرائز بعض حلفائها الذين يكنون العداء الشخصي للرئيس الدكتور بشار الأسد، بعد أن كانوا على علاقة مميزة به قبل عدة سنوات.
لقد عرفت وادركت الادارة الاميركية ان الدولة السورية تواجه "الارهاب"، وان روسيا تقف الى جانب سورية لان هذا الارهاب قد ينتقل وينتشر في العالم كله، وها هي فرنسا ذاقت مرارة العمليات الارهابية مرتين خلال العام المنصرم، ولا تريد كما لا تريد الدول الاوروبية، واميركا ايضا تجرع كأس عمليات ارهابية جديدة!
وتعرف الادارة الاميركية ان روسيا تدافع عن امرين اثنين ومهمين بالنسبة لها، ولن تتنازل عنهما:-
الأول يكمن في الحفاظ على وجود عسكري روسي في البحر الابيض المتوسط، وان ميناء طرطوس هو المكان الوحيد لذلك، ولن تتنازل عنه، والثاني يكمن في ان روسيا تدافع عن امنها القومي، لانها تخشى من ان هذا الارهاب قد ينتقل الى روسيا، لان تركيا الدولة الجارة لروسيا كما لسورية هي من دعمت الارهاب في سورية لاسقاط الدولة السورية، ولتنصيب نظام جديد موالٍ لها، وللاخوان المسلمين.
وتدرك الادارة الاميركية ان روسيا جادة جدا في محاربة الارهاب، وانها صادقة في كل ما تقوله وتتفق حول ذلك مع الادارة الاميركية ذاتها.. وان روسيا تعمل ايضا بعقلانية وحكمة، وهي حريصة على انهاء الازمة السورية بالطرق السياسية، ودعم الحكومة السورية الشرعية هو دعم للقانون الدولي، وللشرعية الدولية، لمنع سيطرة المجموعات التكفيرية على اية دولة في العالم، وخاصة ان العالم يعاني كثيرا من الوضع المتآزم جدا في ليبيا، والذي يحتاج الى جهود دولية كبيرة للسيطرة عليه.
معاني هذا الاتفاق
لهذا الاتفاق الاميركي الروسي الذي اصبح قراراً دوليا وشرعياً معاني كثيرة ومن أهمها:-
· ان مرحلة جديدة ستبدأ في مكافحة الارهاب ومجموعاته التكفيرية، وسيكون هذا بقيادة الدولتين العظميين.
· لا يسمح لاحد التدخل في شؤون سورية، وخاصة التدخل العسكري، وبالتالي اطماع بعض الدول في سورية ولّت من دون رجعة!
· الدولة السورية الشرعية انتصرت اذ أن هناك اجماعاً على التعامل والتعاون والاتصال معها وخاصة في تنفيذ الاتفاقات السابقة والحالي. وان الدعوة لاسقاطها أو تنحي قيادتها قد ذهبت ادراج الرياح.
· هناك امكانية كبيرة في ان الدول المكافحة للارهاب، وبخاصة روسيا وتركيا ستلجأ الى التعاون مع الجيش السوري لتحقيق انجازات برا، وللقضاء على مقار ومواقع الارهابيين.
· الاتفاق سيؤدي الى وقوع خلافات داخل صفوف "المعارضين الموالين للخارج"، اذ ان بعضهم سيؤيد التحاور مع الدولة الشرعية، والبعض الآخر سيبقى مواليا للخارج ويسعى للتخريب.. وبالتالي سيعري الاتفاق هؤلاء المعارضين الذين وصل الامر بهم الى زيارة اسرائيل وطلب مساعدتها.
· الاتفاق أكد على وحدة سورية وسيادتها، اي انه اسقط مساعي تقسيمها الى دويلات طائفية.
المتوقع مستقبلاً
من الصعب توقع الكثير، ولكن لا شك انه بعد مرور خمس سنوات على المؤامرة الكبيرة ضد سورية، فان هذه المؤامرة سقطت وفشلت في اسقاط الدولة، والمس بسيادة اراضي سورية.
قد تحاول بعض الدول افشال هذا الاتفاق؟ ولكن اميركا وروسيا لها بالمرصاد.
ولكن يمكن القول ان هذا الاتفاق هو منعطف تاريخي، وكل الامل في ان يكون لصالح سورية وشعبها!