حوارات الدوحة ليست بديلاً عن الدور المصري ...,
القيادي الفتحاوي يؤكد لـ"البيادر السياسي" على إيمان حركته بالوحدة الوطنية ويدعو حماس للسير في نفس الاتجاه
* لا حرب قريبة على غزة وهناك حالة من التهدئة المتبادلة بين حماس وإسرائيل
* لقاء الدوحة جاء لوضع تصور لكيفية تنفيذ الاتفاقات السابقة وتطبيقها على أرض الواقع
*انعدام أدنى مقومات الحياة وأبسطها في غزة
* تركيا استخدمت الورقة الفلسطينية لتحسين شروط تفاوضها مع إسرائيل
* تصريحات كلينتون تأتي في سياق حشد أصوات المنظمات الصهيونية
القاهرة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/ محمد المدهون
مرة أخرى تتجه أنظار الفلسطيني إلى العاصمة القطرية "الدوحة" بالرغم من تضاؤل التفاؤل حول ما قد تسفر عنه هذه الحوارات من نتائج على صعيد تحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام.. حوارات كثيرة ولقاءات أكثر جرت منذ تسعة أعوام لتحقيق هدف مازال يراه الكثيرون بعيد المنال جراء إلقاء كل طرف الكرة في ملعب الآخر، فهل تحقق حوارات الدوحة الجديدة ما لم تحققه الحوارات السابقة ؟ أم أن الحوارات قد فشلت في ظل تصاعد التصريحات التوتيرية؟ وأين الراعي المصري من هذه الحوارات؟.. هذه الأسئلة وأخرى طرحتها "البيادر السياسي" على القيادي الفتحاوي الدكتور/ جهاد الحرازين، أستاذ القانون العام والنظم السياسية، حيث أكد على إيمان حركته بالوحدة الوطنية، داعياً في الوقت نفسه حركة حماس للسير في نفس الركب لتحقيق الوحدة الوطنية.. وتناول الحوار العديد من القضايا الهامة. وفيما يلي نص الحوار:
حوارات الدوحة
* دعنا نبدأ في البداية بالحديث حول حوارات الدوحة الجديدة.. ما الذي جرى هناك؟
- لقاء الدوحة الذي جرى خلال الأيام الماضية بين وفدي حركة فتح وحماس، وما سبقه من لقاءات غير رسمية بين الجانبين جاء ذلك في سياق البحث عن كيفية الخروج من حالة الجمود، خاصة أن هناك اتفاق القاهرة والدوحة والشاطئ، فكلها اتفاقات جرى التوقيع عليها من قبل الجميع، إلا أنه في كل مرة كانت حركة حماس تتهرب من تنفيذ تلك الاتفاقات، الأمر الذي أطال عمر الانقسام الفلسطيني رغم كل ما أبدته حركة فتح من مرونة في هذا الملف، لإيمانها العميق بضرورة تحقيق الوحدة الوطنية لمواجهة الاحتلال ومخططاته في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث متتالية تكاد تعصف بالقضية الفلسطينية، لذلك كانت ولازالت وستبقى حركة فتح تعمل بكل ما لديها من إمكانيات لتحقيق الوحدة، ويبقى هذا الأمر لدى حركة حماس التي يجب عليها أن يكون لديها من النضج والوعي والإدراك لطبيعة المخاطر المحيطة والمحدقة بشعبنا وقضيتنا الفلسطينية، حيث أن لقاء الدوحة جاء لوضع تصور لكيفية تنفيذ الاتفاقات السابقة وتطبيقها على أرض الواقع بعيداً عن الدخول في حوارات جديدة، بل كان المطلوب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقاً، خاصة فيما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بمهامها كاملة على أرض الواقع، وخاصة في قطاع غزة والتحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
توتير الأجواء
* ولكن هناك تصريحات تبدد الآمال بتحقيق تقدم على صعيد تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام.. فهل فشلت حوارات الدوحة أم أنه من المبكر الحكم عليها؟
- حول فشل حوار الدوحة من عدمه فهذا الأمر يتعلق بمدى جدية واستعداد حركة حماس لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وإعلاء المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني من أجل العمل على تخفيف معاناته، وتقديم هذا الأمر على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة، لذلك كنا نتمنى أن لا نسمع تلك التصريحات والأصوات التي خرجت لتعكير وتوتير الأجواء قبل لقاء الدوحة وأثناءه وبعده والتي جميعها كانت تحمل رسالة واحدة ألا وهي كيفية إفشال اللقاء من خلال وضع مجموعة من الشروط لتعطيل أي تقدم في هذا الملف، ورغم ذلك نقول بأنه إذا غيرت حركة حماس من نهجها وتفكيرها تجاه تحقيق المصالحة، فالأمور ليست ببعيدة عن تحقيق النجاح، ولكن ما يمارس على أرض الواقع ينقل صورة أخرى تعمل على إطالة أمد الانقسام.
لا بديل عن القاهرة
* هل حوارات الدوحة بديلاً عن القاهرة؟
- حوارات الدوحة هي ليست بديلاً عن الدور المصري، لأن جمهورية مصر العربية منذ البداية هي الحاضرة والمتابعة لملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، فهي من استضافت الحوارات وتوصلت إلى توقيع اتفاق القاهرة، بالإضافة إلى الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية على الأصعدة كافة، لذلك فإن لقاء الدوحة يأتي في سياق مواصلة الجهد لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، مع التأكيد على أن مصر حاضرة دائماً في ملف المصالحة، ولا يمكن لأحد أن يقفز على الدور المصري في هذا الملف أو يتجاهل ذلك، وأي اتفاق سيتم تنفيذه ستكون مصر حاضرة ومتابعة ومشرفة على التنفيذ، لذلك لا يمكن القول بأن حوارات الدوحة تأتي بديلاً عن الدور المصري، وخاصة أن كافة الأطراف أكدت على الدور المصري وحضوره، حيث كانت هناك لقاءات سابقة على الحوار وبعد الحوار بين وفد حركة فتح والمسئولين المصريين لاطلاعهم على كل ما حدث في الدوحة .
معبر رفح
* ماذا عن معبر رفح والحديث المتكرر حول التوصل إلى صيغة بشأنه؟
- حول أزمة معبر رفح، فالكل يعلم بأن هذه الأزمة التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة الإغلاق المتكرر، حيث كانت هناك مطالبات بأن تتولى السلطة الفلسطينية ( حرس الرئاسة) المسئولية الكاملة عن المعبر حتى يتم تشغيله، إلا أن حركة حماس ترفض هذا الأمر جملةً وتفصيلاً، ومصر لا يمكن لها أن تتعامل مع جماعة أو حركة أو حزب في ظل وجود السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومة الوفاق الوطني، مما يعني بأن هذه الأزمة تحل في حال أن قامت حركة حماس بتسليم المعبر بشكل كامل لحكومة الوفاق الوطني وحرس الرئيس للإشراف عليه، بالإضافة إلى أن هناك بعض الأحداث الأمنية التي يعلمها الجميع تدور في منطقة سيناء، مما يعيق في الكثير من الأوقات عملية فتح المعبر بشكل طبيعي مع أنه قد تم الاتفاق بين الجانب المصري والفلسطيني لتشكيل لجنة للقيام بإيجاد آليات محددة لفتح معبر رفح تعمل على تسهيل خروج وعودة المواطنين من وإلى قطاع غزة عبر آلية متفق عليها بين الجانين.
واقع مرير
* غزة تعاني واقعاً مريراً.. فقر مدقع.. بطالة.. حصار.. انقطاع للكهرباء ولمختلف مقومات الحياة.. هل من جهود تبذل للتخفيف من الواقع المؤلم الذي يعاني منه أبناء القطاع؟
- الواقع الذي يعيشه قطاع غزة هو واقع مرير بالفعل نتيجة انعدام أدنى مقومات الحياة وأبسطها، وما يعانيه أبناء الشعب الفلسطيني هناك من أزمات متتالية ومتواصلة، سواءً متعلقة بالأمور الحياتية والخدماتية والمعيشية والتي جمعيها تشكل عبئاً على حياة المواطنين، وخاصة فيما يتعلق بقضية انقطاع الكهرباء، والتي أصبحت تشكل أزمة مزمنة، بالإضافة إلى ضعف الخدمات التي تقدم للمواطنين، هذا الأمر الذي نتج معظمه عن حالة الانقلاب التي جرت بقطاع غزة من قبل حركة حماس، وأصبح الشعب الفلسطيني يدفع ثمنها بكل ما يملك، مما خلق واقعاً مظلماً يعاني منه الكل الفلسطيني في قطاع غزة، ورغم حالة الاختطاف التي يعيشها أبناء قطاع غزة منذ أكثر من ثمان أعوام، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تدخر جهداً إلا وبذلته لتخفيف تلك المعاناة من خلال تقديم الموازنات للوزارات الخدماتية، خاصة الصحة والتعليم والشئون الاجتماعية، ودفع الرواتب ورفع الضريبة عن الوقود الخاص بمحطة توليد الكهرباء والكثير من الخدمات التي تعمل على تخفيف تلك المعاناة، إلا أن ما يمارس من ظلم واضطهاد ومصادرة للحقوق والحريات وفرض الضرائب بلا سند أو قانون ما أدى إلى أن تصبح المعاناة مضاعفة ومتفاقمة .
لغة المصالح
* جرى الحديث عن الوصول إلى اتفاق بين إسرائيل وتركيا، وتخلي الأخيرة عن شرط رفع الحصار عن غزة.. ما هي قراءتكم لهذا الملف ؟
- العلاقات بين الدول تقوم أساساً على المصالح المتبادلة، وهذا الأمر ينطبق على العلاقة التركية- الإسرائيلية، حيث كان مخططاً أن يتم استخدام الورقة الفلسطينية لتحقيق أكبر قدر من الانجازات لكل طرف على حساب الآخر، أي أن تصبح الورقة الفلسطينية ورقة مساومة لتحسين شروط التفاوض بين الجانبين، وهو الأمر الذي شاهدناه من خلال ارتفاع نسبة التبادل التجاري بين الجانبين وتوقيع مجموعة من الاتفاقيات منها العسكرية والاقتصادية، مما أدى إلى نسيان الملف الفلسطيني الذي دائماً ما حاول البعض أن يتغنى به، ولكن ما أظهرته الحقائق بأن هذا الملف لم يكن إلا لتحقيق مصلحة معينة.
الاتفاق الأمريكي الروسي
* اتفاق بين أمريكا وروسيا حول وقف إطلاق النار في سوريا.. هل تتوقع أن يصمد هذا الاتفاق وأن يضع حداً للأحداث في سوريا؟
- الاتفاق الروسي الأمريكي حول وقف إطلاق النار في سوريا هو اتفاق صدر عن القوتين الرئيسيتين في الملف السوري، فكل طرف منهما يستطيع أن يتحدث عن الطرف الآخر، مما يعني بأن هذا الاتفاق سيخرج إلى النور وسيصمد، إلا إذا المصالح أخذت منحى آخر، لأننا نعلم جميعاً بأن روسيا تستطيع أن تملي ما تريد على النظام السوري، وبالمقابل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها يستطيعون أن يفرضوا ما يريدون على المعارضة السورية، لذلك أعتقد بأن هذا الأمر سيتم تطبيق وقف إطلاق النار للبحث عن حلول ترضي كافة الأطراف، وخاصة الأطراف المحركة للأوضاع بسوريا.
جمود سياسي
* على صعيد الوضع السياسي.. الجمود لا يزال سيد الموقف بالرغم من المبادرة الفرنسية.. هل من جهود لتحريك العملية السياسية قريباً؟
- هناك جهد دبلوماسي فلسطيني متواصل لكسر حالة الجمود القائمة والمصاحبة للملف الفلسطيني نتيجة الانشغال العالمي بقضايا أخرى أكثر التهاباً في المنطقة، مع استمرار حالة التعنت الصهيوني والغطرسة التي يمارسها رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، هذا الأمر الذي واجهته القيادة الفلسطينية بالدعوى إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، وخاصة بعد أن وجدت مجموعة من الضغوط الأمريكية التي عملت على تجميد المشروع الفرنسي الداعي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، مما دفع بالقيادة الفلسطينية للبحث عن مخرج يتمثل بحشد إجماع دولي نحو عقد مؤتمر دولي على غرار ما حدث مع إيران يتم من خلاله الاتفاق على إنهاء الاحتلال، والاتفاق على حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، حيث هناك في الأسبوع الأول من شهر مارس ستكون القمة الإسلامية في جاكارتا، والتي يأتي انعقادها لمناقشة القضية الفلسطينية والاعتداءات التي تمارس على المقدسات الإسلامية، وخاصة في مدينة القدس، وهذا الأمر يشكل نقلة باتجاه كسر حالة الجمود لإعادة الملف الفلسطيني إلى الواجهة وذلك على الصعيد الدولي من خلال تبني القمة الإسلامية لموقف القيادة الفلسطينية باتجاه بلورة اتفاق يؤدي إلى إنهاء الاحتلال هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى استمرار الدبلوماسية الفلسطينية في العمل على كافة المستويات الدولية والمنظمات لأجل وقف اعتداءات الاحتلال ومحاسبته على ما يرتكبه من جرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني .
كسب أصوات اليهود
* هيلاري كلينتون خرجت بتصريحات لا تقل تطرفاً عن المرشح ترامب ضد الشعب الفلسطيني، وقالت أنها ستعطي الضوء الأخضر لقتل 200 ألف فلسطيني في أي حرب ضد غزة.. على ماذا تدل هذه التصريحات ؟
- هذه التصريحات التي صدرت عن كلينتون أو غيرها هي تأتي في سياق محاولة كسب أصوات اليهود، وتأييد المنظمات اليهودية لها في المارثوان الانتخابي، مع العلم بأنه درج في الولايات المتحدة الأمريكية بأن أي مرشح للرئاسة يجب عليه أن ينال مباركة وموافقة اللوبي الصهيوني لإدراك الجميع بقوة التأثير الذي تمارسه المنظمات اليهودية، وخاصة في إطار الانتخابات الرئاسية، وهنا لابد من الذكر بأنه كان هناك تصريحاً آخر لهيلاري كلينتون تحدثت فيه عن وجوب إقامة دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني، مما يعني أن هذه التصريحات أثناء الفترة الانتخابية تأتي في سياق حشد الأصوات، وتؤكد على العلاقة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
لا حرب على غزة
* هل تتوقعون حرباً قريبة على غزة؟
- قضية الحرب على غزة من عدمها تأتى في سياق السياسة الإسرائيلية التي تمارسها حكومة الاحتلال، لأن الجميع يدرك بأن الاحتلال عندما تكون لديه أزمات متفجرة داخلياً أو بحاجة إلى حالة من التوافق الداخلي، أو إرسال رسالة ذات مضامين معينة أو للفت الأنظار إليه يقوم بالبحث عن ضحية تتمثل بإشعال حرب على جبهة من الجبهات، لذلك فإن هذا الأمر ليس بالممكن توقعه، مع التأكيد على أن معظم التقارير العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية تتجه نحو عدم القيام بأي عملية عسكرية ضد غزة، بل من الممكن القول بأن هناك حالة من التهدئة المتبادلة بين حماس وإسرائيل، فتوقعات شن حرب على غزة غير واردة من قبل الجانبين، لأن لكل طرف مصالحه الخاصة التي تفرض عليه أن يحافظ على الوضع القائم دون أية استفزازات للطرف الآخر، وهناك حالة من التنسيق بين الجانبين تعمل على المحافظة على حالة الهدوء القائمة وحمايتها وهو ما شاهدناه بأكثر من موقف وصورة تظهر من يقوم بحراسة الأسلاك الشائكة بين الجانبين، لذلك الأمر مستبعد وغير متوقع.
العلاقة مع مصر
* ماذا عن العلاقة مع مصر في الوقت الراهن؟
- العلاقة مع مصر هي علاقة متميزة ومتطورة ومتواصلة بشكل مباشر وعلى أعلى المستويات، وخاصة على مستوى الرؤساء، فهناك حالة من التنسيق المباشر في كافة المواقف، ومشاورات حول العديد من القضايا التي تهم الجانبين والمنطقة والعالم، لذلك فإن هذه العلاقة في تطور مستمر، ولمصر مواقف كثيرة مشرفة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لا يتسع المجال لذكرها، ولكن لا يمكن أن ننسى مواقف مصر في المعركة الدولية مع الاحتلال ودعمها للقيادة الفلسطينية والموقف الفلسطيني في المحافل كافة، بالإضافة إلى دورها في حماية أبناء شعبنا الفلسطيني، ووقف الاعتداءات الصهيونية، سواءً أثناء الحروب المتتالية على غزة وعلى المقدسات، والشواهد يطول ذكرها، لذلك فإن العلاقة هي علاقة متميزة لن تشوبها أية شائبة، أو تعكر صفوها زوبعة هنا أو هناك، لأن مصر قلب العرب النابض واستطاعت العلاقة أن تتطور بين الجانبين، خاصة ما تشهده علاقة الرئيسين الفلسطيني والمصري من متانة وقوة وتشاور في كافة الملفات.