قال رئيس الاركان الاسرائيلي الجنرال جادي ايزنكوت لمجموعة من الطلبة: "انه ليس من الضرورة تفريغ "مشط" الرصاص لمواجهة او التصدي لعملية طعن، فهناك امكانية لالقاء القبض على الجاني"، اي انه دعا الى عدم استخدام القوة المفرطة في مواجهة منفذي العمليات الفلسطينيين. وهذا القول اثار غضب اليمين الاسرائيلي، اذ هاجموا ايزنكوت بصورة فظة، لكن وزير الدفاع موشيه يعالون دافع عنه.
جاء قول رئيس الاركان تعقيبا على اطلاق النار على فتاتين في سوق "محني يهودا" في القدس قبل عدة شهور، كان سلاح كل منهما مقص صغير لقص الاظافر، اذ ان اطلاق نار غزير اطلق عليهما! مع انه كان بالامكان اعتقالهما وبكل سهولة لانهما فتاتان قاصرتان!
وزيرة خارجية السويد اعتبرت ما تقوم به اسرائيل بانه اغتيال غير مشروع للشبان الفلسطينيين، لان الهدف هو قتل أي منفذ عملية وليس اعتقاله. وقامت الدنيا في اسرائيل ضد هذا التصريح، وتوترت العلاقات السويدية الاسرائيلية.
ما حدث يوم الجمعة (19/2/2016) وحوالي الساعة التاسعة وخمس دقائق صباحا قرب باب العمود في القدس يؤكد ما صرحت به وزيرة الخارجية السويدية، وكذلك ما اشار اليه قائد الجيش الاسرائيلي، اذ قامت القوات الاسرائيلية باطلاق اكثر من 15 رصاصة على منفذ عملية طعن وهو محمد زياد ابو خلف، مما ادى الى وفاته فورا.. وكان من الممكن اعتقاله، ولكن يبدو ان الهدف هو القتل بدم بارد جدا.
سؤال يطرحه كثيرون: هل دورية مكونة من ثلاثة او اكثر من رجال الامن المدججين بالسلاح لا يستطيعون السيطرة على شاب، او فتى فلسطيني عندما "يحاول طعنهم"! واذا كان الجواب نعم، فهذا يعني أنهم غير قادرين فيعني وان قوات الامن الاسرائيلية ضعيفة، وخائفة ومرتبكة، وهمها الاول والاخير هو القتل وليس الاعتقال، وليس التصدي لاي اعتداء عليهم.
ان من يريد تهدئة الامور يحاول اعتقال منفذ العملية لمعرفة دوافعه، هل هي شخصية وفردية، ام ان هناك من حرضه، وما هي دوافع تنفيذ مثل هذه العمليات!
وهذا التصرف يؤكد ان الهدف من استخدام القوة المفرطة هو القتل؟ ولكن القتل لن يؤدي الى "ردع" مثل هذه العمليات!
وهناك من يقول ان التعليمات المشددة تسمح باطلاق النار ضد من يشك فيه بانه سينفذ اية عملية مقاومة! اي ان هناك محاسبة "للنية" قبل التأكد منها. وان هناك تعليمات واضحة القتل.
كم من فلسطيني قتل بدم بارد، وتمت عملية التغطية على ذلك؟ وامثلة اخرى على ان الهدف الاسرائيلي هو القتل المتعمد يكمن أيضاً في منع أي سيارة اسعاف من الوصول الى منفذ العملية المصاب حتى يموت، واحيانا يتم اخذ منفذ العملية، ولا يعرف مصيره، هل هو على قيد الحياة، ام قتل، او تم قتله فيما بعد؟ تساؤلات عديدة تطرح، ولكن من المؤكد ان هناك اهدافا اخرى وراء استخدام القوة المفرطة بحق الشبان الفلسطينيين لمنعهم من القيام بعمليات مقاومة، او للتصدي لهم بهذه الطريقة البشعة والقاسية، ومن أهمها:-
· اعتبار استخدام القوة المفرطة اجراءً رادعاً لكل من يفكر بالقيام بأية عملية، علما ان المردود عكسي لهذا الفكر او الاعتبار، لان من تتم تصفيته، يصبح شهيداً، وهناك من يتشجع على السير على نفس الخطى حتى ينال الشهادة!
· ارضاء اليمين الاسرائيلي وكل المتطرفين من خلال القول ان رجال الامن لا يتساهلون على الاطلاق مع اي منفذ عملية، فمصيره "القتل"!
· اشباع رغبات بعض عناصر الامن "المتطرفين" في النيل من ابناء الشعب الفلسطيني تحت اعذار التصدي لاعتداء عليهم! مستغلين القانون الذي يسمح لهم بذلك.
· التخفيف من المسؤوليات الناتجة عن الاعتقال والعلاج اذا كان منفذ العملية مصابا اصابات خطيرة.. فالقتل يوفر الكثير وخاصة ان السجون مكتظة!
· هناك من يقول ان هذه الاجراءات تأتي من اجل جر شعبنا نحو مواجهة مسلحة ردا عليها.. وان القتل مقصود!
· محاولة اظهار ان اسرائيل تعيش حالة رعب وخوف وارتباك نتيجة عمليات مقاومة فلسطينية! وانها بحاجة الى مساندة في مواقفها المختلفة تجاه شعبنا الفلسطيني وقيادته!
مهما كانت الدوافع، والاهداف والعوامل، فان هذه القوة المفرطة تعني اولا واخيرا ان لا احترام لحقوق الانسان الفلسطيني، وان اسرائيل لا تحترم كل القوانين الدولية، ولا الانسانية، ولا الاخلاقية وانها تعمل كما تشاء، وكما تظن انه صحيح.
وتؤكد هذه القوة المفرطة ان شابا في مقتبل العمر قادر على تخويف رجال امن (من الشرطة أو حرس الحدود)، وان معنويات هؤلاء الاسرائيليين ليست عالية، وقدرتهم القتالية الجسدية ضعيفة.
ان هذه القوة المفرطة هي وقود اضافي للهبة الجماهيرية ضد الاحتلال.. وحتى الآن لم تدرك القيادة الاسرائيلية ان لكل فعل ردة فعل.. والهبة الجماهيرية هي ردة فعل على ممارسات الاحتلال، وعلى اجراءاته القمعية.. وان لا وقف لهذه المقاومة الا بزوال الاحتلال المسبب الاول والاخير لعدم الاستقرار، ولبقاء العنف متواصلا.