تدخلات خارجية ومؤثرة تلعب دوراً تخريبياً
جهود تحقيق المصالحة ما زالت مستمرة رغم انها "هدأت" في الفترة الاخيرة بعد ان تفاءل كثيرون بحدوث مفاجأة سارة، ولكنها لم تتحقق ولم تأت سلسلة من لقاءات بين وفدي حماس وفتح عقدت في الدوحة، عاصمة قطر برعاية ودعم قطري تركي مشترك، ولكن هذه اللقاءات لم تحدث أي اختراق نحو تحقيق المصالحة.
ما هي عراقيل عدم التوصل الى هذه المصالحة؟ وما هو المتوقع في الفترة القادمة؟
عراقيل حماس وفتح
هناك مطلب حمساوي واضح بأن تقوم السلطة الوطنية بدفع رواتب 70 ألف موظف اضافتهم سلطة حماس الى قائمة موظفي الدولة، ولكن السلطة الوطنية تضع شرطا بدراسة احوال هؤلاء الموظفين/ العاملين عبر لجنة تشكل خصيصا لذلك.
حركة فتح تطالب بضرورة ان تتنازل عن سلطتها في القطاع، ولكن حماس ترفض ذلك.
هناك اجماع على ضرورة اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، ولكن هذه الانتخابات لن تتم الا بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهذه الحكومة لم تشكل بعد، اذ ان تشكيلها يحتاج الى مفاوضات لاختيار الوزراء، وتحديد المهام واهمها بسط سيادتها على القطاع، والاشراف على الاستعدادات لاجراء الانتخابات!
حماس تطالب بعقد اجتماعات للجنة المنوطة بتطوير منظمة التحرير، ولكن فتح تؤجل ذلك الى ما بعد المصالحة، وهناك اجماع على اجراء انتخابات ايضا للمجلس الوطني، ولكن موعد اجراء هذه الانتخابات لم يحدد، كما انه لم يحدد القانون الخاص بانتخابات المجلس.
ما زال الطرفان الفتحاوي والحمساوي يتبادلان الاتهامات حول الاعتقالات السياسية، ولكن وتيرة الحرب الاعلامية هدأت بعد لقاءات الدوحة، ولكنها لم تتوقف نهائيا كما هو مطلوب!
نهجان مختلفان
من الصعب ان تتحقق المصالحة لعدة أسباب ومن أهمها:-
1. أن لكل حركة نهجها السياسي والاستراتيجي الخاص، فحماس مع نهج المقاومة المسلحة، في حين ان نهج فتح يدعو الى المفاوضات والحل لن يتم الا عبر ذلك.
2. السلطة الفلسطينية، وخاصة عمودها الفقري الحزب الحاكم حركة فتح، تعترف باسرائيل، في حين ان حماس ترفض هذا الشرط، وترفض القبول بالاتفاقات الموقعة بين المنظمة واسرائيل.
3. "حماس" تطالب بتحرير كامل اراضي فلسطين التاريخية، في حين ان "فتح" تؤمن بحل الدولتين، دولة فلسطين على حدود 4 حزيران 1967، الى جانب دولة اسرائيل.
4. علاقة "حماس" مع كل من قطر وتركيا قوية، لان الدولتين تدعمان حركة الاخوان المسلمين، في حين ان السلطة الوطنية تعتمد على علاقات مع دول عربية واسلامية عديدة!
5. حماس تريد تصعيد الوضع في الضفة، والسلطة حريصة على الهدوء والاستقرار، وان تقتصر المقاومة على وسائل سلمية.
تدخلات خارجية
لا شك ان العلاقات العربية العربية تنعكس على الساحة الفلسطينية بصورة واضحة وجلية جدا. فهناك اكثر من محور في العالم العربي، وهذه المحاور هي:
1. محور قطر مدعوم تركيا. وهذا المحور يدعم حركة حماس لانها جزء من حركة الاخوان المسلمين. ويصر هذا المحور على دعم حماس والمقاومة مع ان الدولتين تقيمان علاقات واضحة مع اسرائيل!
2. محور المقاومة الذي تمثله سورية والعراق والجزائر وتدعمه ايران بشكل واضح.
3. محور "الاعتدال" أو "الاستسلام" الذي تقوده السعودية ومعها دول خليجية، وهو ضد "حماس" الى حد كبير.
4. محور الدول اللامبالية لا بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وتهتم بامورها الداخلية، لانها تعاني من ظروف قاسية مثل اليمن وليبيا.
هذه المحاور تبقي العرب منقسمين، وبالتالي يتعزز الانقسام الفلسطيني، اذ ان حركة "حماس" مدعومة من قطر وتركيا اللتين تؤيدان فعليا أي عمل عسكري، ولكنهما تريدان بقاء "حماس" في السلطة على القطاع.
واضافة الى ذلك،فان القيادة الفلسطينية تواجه ضغوطات بعدم تحقيق المصالحة اذ أن "حماس" هي على لائحة "المنظمات الارهابية"، واي تقارب مع "حماس" قد يؤدي الى اجراءات ضد السلطة الوطنية، كذلك فان اسرائيل تنظر بعين الغضب على أي تقارب مع حماس.
من هنا نجد ان الرئيس عباس لا يريد زعزعة العلاقة مع دول الاتحاد الاوروبي، ولا يريد ان تواجه السلطة مزيداً من المعاناة في عجز مالي قد يؤدي الى عدم دفع رواتب، وبالتالي تحرك جماهيري ضد السلطة. ولذلك فهو يتمسك بشرط هو اعتراف حماس بكل الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير مع اسرائيل.
وماذا بعد
جهود المصالحة تراوح مكانها، ولا شيء جديد قد يبشر بالتفاؤل،وهذا ما تريده اسرائيل، ويرفضه الشعب الفلسطيني.
وسيبقى الانقسام قائما ما دام العرب منقسمين، وما دام العالم عاجزا عن انهاء الاحتلال الاسرائيلي البغيض!
هناك من يتفاءل بالمصالحة بعد قرار القيادة الفلسطينية بقطع الاتصال واللقاء مع الجانب الاسرائيلي، وهذا يقرّب من نهجي الحركتين، ولكن هذا التفاؤل ليس بمكانه لان مصالح كل من الحركتين الذاتية اقوى من مثل هذه الخطوات، واقوى كثيرا من المصالح العامة!