الفرصة غير متاحة لتطبيقه الآن ولكن حين تسنح الظروف
تسليم مناطق حول القدس للسلطة الوطنية
ولكن السيادة الامنية تبقى لاسرائيل
القدس تُعاني، ولا احد غير أبنائها يبالي، تعيش القدس في مخاطر، والعالم عديم الضمائر.. القدس يتاجر الكل بها، ولا يقدم الدعم لابنائها.. يقولون أنها عروس العروبة والاسلام، ولكنه مجرد كلام بكلام.. الخصوم يخططون وينفذون، ونحن في القول لا الفعل مُبدعون.. هذا هو حال قدسنا العربية الاسيرة، فانها لا تلقى الاهتمام المطلوب، ويترك المجال لكي تتعرض لمزيد من المخططات الاسرائيلية.
وقد ثقلت المعاناة منذ الهبّة الجماهيرية ضد الاحتلال اوائل شهر تشرين الاول، وبدأت اسرائيل تخطط لمصير أبنائها، ولضم أجزاء منها والتخلي عن أجزاء أخرى.. وهذه المخططات الخطيرة تمر مر الكرام، ولا أحد يفعل أي شيء ليواجهها أو للتصدي لها.
اجراءات ودعوات
بعد اندلاع الهبة الجماهيرية قبل أكثر من سبعة شهور، قامت السلطات المحتلة بوضع حواجز أمنية، وفصلت أحياء عربية عن بعضها بعضا، وكذلك فصلت احياء عربية عن يهودية، وبدا التفكير في التخلص من أبنائها، وفي الوقت نفسه لم يتم التنازل عن مبدأ ثابت لاسرائيل وهو بقاؤها موحدة والعاصمة الأبدية.
وخلال اندلاع الهبة الجماهيرية تعرّض أبناؤها الى سلسلة من الاجراءات القمعية والعقاب الجماعي، فها هي المتاجر داخل البلدة القديمة تعاني.. وعادت سياسة هدم البيوت للذين يقومون وينفذون عمليات مقاومة، أو يُتهمون في ذلك ويقتلون بدم بارد. وسنت قوانين لتشدد من الاجراءات القمعية من بينها مصادرة بطاقات الهويات الزرقاء عن أهالي منفذي العمليات المقاومة، وكذلك حرمان اهالي هؤلاء المقاومين من حقوقهم المدنية، أو ابعادهم عن المدينة، وتم تشريع اعتقال الاطفال الذين تتراوح اعمارهم 14 وما فوق.. وتمت مضاعفة العقاب على راشقي الحجارة، وغيرها من القوانين المشددة التي تخالف كل الشرائع الدولية، وحقوق الانسان.
ودعوات الفصل كثيرة وعديدة لاقصى اليمين، ولبعض الأحزاب التي تعتبر نفسها يسارية أو في الوسط!
آراء الأحزاب..
حزب الليكود اليميني يطالب باجراءات عقابية والتخلص من أبناء القدس مع التنازل عن أحياء هي واقعة داخل الضفة خارج الجدار.
أما حزب المعسكر الصهيوني المعارض فهو يطالب بخطة فصل. ويختلف زعيم الحزب اسحاق هرتصوغ في طروحاته مع حاييم رامون، عضو سابق في حزب العمل.
واذا نظرنا الى حزب البيت اليهودي الديني المتطرف فهو يفكر ويدعو الى ضم الضفة الغربية الى اسرائيل، ويؤمن بصورة واضحة بترحيل الفلسطينيين، وبالسيطرة الكاملة على الحرم القدسي الشريف.
هذه الاحزاب، رغم اختلاف توجهاتها، الا انها تصر على بقاء القدس موحدة والى الابد، وهي تدعم الحكومة في قراراتها لدعم هذا التوجه القمعي لابناء القدس.
واضافة الى كل ذلك، فان هناك رأيا يتم التداول فيه وقد يلقى قبولا من الحكومة الاسرائيلية، انه مخطط التخلص من الاحياء ذات الكثافة السكانية العالية، وبالتالي التخلص من عدد كبير من سكان المدينة.
تفاصيل المخطط الجهنمي الخطير
يدعو هذا المخطط الى عدة اجراءات عملية على ارض الواقع وبصورة تدريجية، وبالاتفاق مع السلطة الوطنية الفلسطينية، التي حسب رأي هذا المخطط، ترحب بأي سيادة على أي أحياء من القدس، ومن خطوات هذا المخطط:-
أولا: تسليم مخيم شعفاط (35 الف نسمة يحملون بطاقة الهوية الزرقاء) وكذلك منطقة عناتا، وهذا يعني التخلص من 50 ألف نسمة من أبناء القدس. وهذه المنطقة هي خارج الجدار، وتصبح تابعة للسلطة الفلسطينية ادارياً.
ثانياً: تسليم مناطق كفر عقب وسميراميس واجزاء من الرام وضاحية البريد، هذه المناطق هي خارج الجدار ايضا للسلطة الوطنية بعد انتهاء المرحلة الاولى، أي بعد تسليم مخيم شعفاط وعناتا.
ثالثاً: تسليم مناطق السواحرة وجبل المكبر وصور باهر للسلطة الوطنية الفلسطينية ادارياً رغم ان هذه المناطق هي داخل الجدار، ويمكن وضع حواجز وفاصل يمنع هؤلاء السكان من الوصول الى داخل القدس! اما الامن في هذه المناطق يبقى في يد اسرائيل.
هذا المخطط يُبقي السيادة على قلب القدس العربية وهذه البلدة القديمة وما حولها بيد اسرائيل. ويؤدي الى التخلص من حوالي 150 الف نسمة من حملة الهوية الزرقاء.
والتساؤل: هل ستوافق السلطة الوطنية الفلسطينية عليه؟ وهل يكون هذا الانسحاب الاسرائيلي من جانب واحد اذا عارضته السلطة الفلسطينية!
عراقيل عديدة للمخطط
اذا بدأت اسرائيل بتطبيق المخطط بصورة تدريجية، فان القدس ستشهد كثافة سكانية اذ ان سكان هذه المناطق سيرحلون الى قلب القدس للحفاظ على مصالحهم واعمالهم.. وهذا يعني ان مخطط التخلص من السكان يفشل الى حد ما.. ناهيك عن ان المخطط، اذا رفضته السلطة الوطنية، قد يؤدي الى رد فعل، اي الى أعمال مقاومة ضد اسرائيل.
الاحزاب اليمينية المتطرفة سترفض المخطط لانها ترفض اقتراب السلطة الوطنية من القدس. لان هذا يشكل خطراً أمنياً على اسرائيل. وكذلك سيعتبر تنازلا عن مبدأ السيادة الكاملة على القدس "الموحدة"، أي أن اليمين قد يصوت ضد مثل هذا المخطط حاليا.
وهناك من الجانب الفلسطيني أو العربي أو الدولي سيتساءل: هل ستقوم اسرائيل بتسليم مناطق حول القدس للسلطة الفلسطينية وهي في الوقت نفسه لم تسلم مناطق "أ" لها، وترفض مقترحات لعدم دخول الجيش الفلسطيني الى داخل هذه المناطق.
هذا المخطط جدير بالاهتمام والمتابعة، لانه قد يكون غير قابل للتطبيق حاليا، ولكن الظروف قد تسمح بذلك مستقبلا.. وبالتالي تدخل القدس في مرحلة معاناة اضافية الى ما تعانيه الآن!