تحليل خاص:
أعلنت اسرائيل رسميا رفضها للمبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي بخصوص النزاع العربي الفلسطيني، واكدت رفضها أيضاً لأي اجراء قد يؤدي الى تدويل الصراع مع الجانب الفلسطيني.
أما السلطة الوطنية الفلسطينية فقد رحبّت بهذا الجهد الفرنسي وشجعته لانها تريد كسر الجمود السياسي الحالي، وتحديد زمن سقفي لانهاء الاحتلال. واجرت المزيد من الاتصالات مع القيادة الفرنسية لانجاح المبادرة!
ما هي المبادرة؟
رأت فرنسا أن "الطرفين" الفلسطيني والاسرائيلي يرغبان في تحقيق سلام، وفي كسر الجمود السياسي القائم. وان السلطة الوطنية الفلسطينية معنية بتحديد سقف زمني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي. وبعد مشاورات مع الجانب الفلسطيني طرحت فرنسا مبادرة عقد مؤتمر دولي موسع يتم من خلاله بحث النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.
وقد وجدت فرنسا تحفظاً لهذه المبادرة، وخاصة من ادارة الرئيس اوباما، لذلك قررت الاعداد لهذه المبادرة مسبقاً من خلال عقد اجتماع موسع لوزراء خارجية عشرات الدول المعنية بتحقيق سلام في منطقة الشرق الأوسط، وذلك في اوائل الشهر الجاري (أيار)، أو في اوائل شهر حزيران القادم.
هذا الاجتماع الموسع سيكون بمثابة جس نبض الوزراء لمعرفة ما اذا كان من المجدي ان يعقد مؤتمر دولي حول هذا الصراع يناقش عدة امور ومن أهمها:-
· تشجيع الجانبين على العودة الى طاولة المفاوضات، مع تهيئة الظروف لذلك ومن اهمها تجميد الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة.
· تحديد سقف زمني لانهاء الاحتلال لمدة سنتين او ثلاث سنوات.
· الالتزام بتطبيق كافة الاتفاقات الموقعة بين الجانبين، وتواصل التعاون في مختلف المجالات.
· الاعتراف الفلسطيني بان دولة اسرائيل "يهودية"!
· التزام كافة الدول المشاركة في المؤتمر بتوفير الضمانات اللازمة لأي اتفاق قد يتم التوصل اليه بين الجانبين!
أسباب الرفض الاسرائيلي
أعلنت اسرائيل رفضها لعقد أي مؤتمر دولي خاص بالنزاع العربي الاسرائيلي، أو خاص بالقضية الفلسطينية، وذلك لعدة أسباب وأهمها:-
· رفضها لتدويل هذا الصراع أو النزاع، لان التدويل قد يترتب عليه التزامات واستحقاقات عديدة، واسرائيل غير مستعدة لدفع أي مستحق لأي "سلام" لا تريده!
· لا تريد اسرائيل التنازل عن الضفة الغربية، ولا تريد اقامة دولة فلسطينية لان هذه الدولة تشكل خطراً امنياً على دولة اسرائيل، أي أنها لا تريد انهاء احتلالها للاراضي الفلسطينية!
· تُصّر اسرائيل على أن المفاوضات المباشرة من دون تدخل خارجي ستؤدي الى نتائج جيدة، حتى ولو استمرت هذه المفاوضات لسنوات امام المماطلة الاسرائيلية.
· لا تريد اي راع دولي جديد للمسيرة السلمية، وتدعي أن اللجنة الرباعية ما زالت قائمة، ولا تريد توسيع دائرتها وخاصة انها تضم اميركا وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وهي ترفض ضم اعضاء جدد لهذه اللجنة أو تشكيل لجنة بديلة. فاسرائيل مرتاحة الآن لان الراعي للمسيرة السلمية في هذه اللجنة هي اميركا، وهي الدولة الحليفة التي لن تضغط عليها لتقدم تنازلات أو استحقاقات ما!
· تتهم اسرائيل اوروبا بأنها متلونة في المواقف، فتارة تدعم اسرائيل وتارة تنتقدها.. وان اوروبا هي ضد الاستيطان، وان فرنسا خاصة صوتت لصالح قرار في اليونسكو في شهر نيسان المنصرم يؤكد على أن الحرم القدسي الشريف مكان مقدس اسلامي، وان حائط البراق جزء منه. وهذا التصويت مع دول اخرى اكد ان هذه الدول تعمل وفق مصالحها اليومية (حسب الادعاء الاسرائيلي).
الترحيب الفلسطيني الفاتر
رحبت القيادة الفلسطينية بهذا التوجه الفرنسي، وشجعته ولكن الترحيب فاتر الى حد ما لعدة اسباب ومن أهمها:
· مهما اتخذ من قرارات فان اسرائيل لن تلتزم بها.
· التخوف من ان الموقف الاميركي المناهض لهذا التحرك الفرنسي قد يقتل المبادرة كاملاً.
· قد تمارس ضغوطات على الدول المشاركة في المؤتمر كي لا تحدد سقفا زمنيا لانهاء الاحتلال.
· هناك تحفظ من السلطة الوطنية الفلسطينية من بند الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة.
· هذه المبادرة قد تؤجل نشاطات وتحركات القيادة الفلسطينية لعدة أشهر حتى تتبلور الامور والصورة للتحرك السياسي الدولي. ومن هذه النشاطات عدم تقديم مشروع قرار لمجلس الامن يدين الاستيطان، لان المؤتمر الدولي نفسه قد يدين الاستيطان، وقراراته قد ترحل الى مجلس الامن كمشروع قرار تتم المصادقة عليه من قبل جميع اعضاء المجلس.
· الامل ضعيف في نجاح عقد مؤتمر دولي لان الحكومة الاسرائيلية الحالية ماضية في اتخاذ اجراءات وسن قوانين لضم المزيد من الاراضي الفلسطينية المحتلة لاسرائيل.
رغم هذا الترحيب الفاتر الا ان القيادة الفلسطينية متمسكة بخيط امل رفيع من اجل التأكيد على انها ترغب في تحقيق السلام العادل والنهائي، وفي الوقت نفسه من اجل كشف المواقف والاجراءات الاسرائيلية التي لا تريد تحقيق اي سلام، وابقاء حالة اللااستقرار في المنطقة الى ما لا نهاية.