مُسلسل لقاءات مسؤولين سعوديين مع زعماء في دولة اسرائيل قائم منذ سنوات طوال، ولم يبدأ بلقاء مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية دوري غولد بانور عشقي قبل اقل من عام، ولا بلقاء وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون مع الامير تركي الفيصل. وقد كشف ذلك الوزير الليكودي السابق دان مريدور في عدة مقابلات صحفية عندما قال انه التقى الامير الفيصل قبل سنوات، وقبل لقاء المسؤولين الاسرائيليين الحاليين به.
أنور عشقي، أحد ضباط الامن السعوديين السابقين، قال في مقابلة تلفزيونية قبل ايام انه اذا قبلت اسرائيل بالمبادرة العربية المطروحة عام 2002، فان السعودية ستقيم سفارة لها في تل ابيب فوراً. هذا التصريح يؤكد وجود علاقة حميمة بين السعودية واسرائيل، ولم يبق سوى ايجاد المبرر للكشف عنها.
واضافة الى كل ما ذكر، فان وسائل الاعلام الاسرائيلية العديدة خلال السنوات الماضية كانت تعلن عبر الغاز وتقارير سرية لها ان هناك اجتماعات أمنية سعودية اسرائيلية، وكان عرابها الامير بندر بن سلطان. وكانت تجري في شواطىء البحر الاحمر السعودية، أو في مدينة ايلات. وكانت تشير هذه الوسائل الى ان بندر كان معنياً بتشكيل قوة اسلامية سنية، أي أنه من مهندسي الفتنة الشيعية السنية.. ولا شك أن التنظيمات الارهابية المتطرفة والمتشددة هي من صناعته بالتعاون مع الادارات الاميركية من أجل ضرب العالم العربي، وهيمنة السعودية على الاقطار العربية. والادعاء بأنها زعيمة العرب بعد ان كانت مصر وسورية والعراق تتبوأ وتحتل هذا المركز القومي المهم.
قد يقول قائل أن العلاقات السعودية مع اسرائيل أو غيرها هو شأن سعودي داخلي، ولكن هذا القول مرفوض الا اذا أعلنت السعودية أنها ليست دولة عربية او اسلامية، وان قادة السعودية ليس لهم أي علاقة بالعروبة والاسلام، وانهم زعماء فقط على انفسهم. وكذلك فان هذه العلاقات تُؤكد حقائق لا يمكن التغطية عليها، وفي مقدمتها أن ما يعانيه عالمنا العربي من تقسيم وتجزئة عبر مؤامرات تشن على العديد من أقطاره، وخاصة قلب العروبة النابض سورية، تقف وراءه وتدعمه السعودية للحصول على رضى اسرائيل، وعلى دعمها لها في علاقتها مع الادارة الاميركية، وفي فرض هيمنتها على الخليج وعلى العرب كلهم.
هذا المسلسل من اللقاءات السرية الذي بدأ الكشف عنه، من دون أي خجل يؤكد ان السعودية عدو لدود للعروبة والوحدة والتعاون والتضامن.. وانها في خدمة الاهداف الاسرائيلية.
ماذا فعلت السعودية ولو "كلاميا" للدفاع عن المسجد الاقصى الذي يرزح تحت الاحتلال، لا شيء. وان تمادي اسرائيل في اقتحامه، وفي الهيمنة عليه، وفي ادلاء رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو بأن هضبة الجولان هي أراضٍ اسرائيلية لن تعود لسورية، وغيرها من التصريحات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كلها تقول وتؤكد أن قادة السعودية هم الذين يمنحون البركة والدعم لهذا التمادي على الأمة العربية.
لقد كانت السعودية في عهد الملك فيصل غير السعودية الآن.. اذ أن مسؤوليها الآن لا يهمهم الا رضى اسرائيل، وتدمير العالم العربي حتى تكون مهيمنة على الشرق الأوسط.
قادة السعودية يعيشون في وهم كبير، فان من يسير مع أو يُساير العقرب فانه قد يلدغ منه.. وهذه اللدغة قادمة لا محالة.. وعندها لن ينفع الندم، ولن تنفع أي محاولات لتصحيح الامور المتدهورة، وما تتعرض له اقطار عربية من ارهاب مدمر، سينتقل اليها عاجلاً أم آجلاً، وهذا ما ستؤكده السنوات القادمة.. والتاريخ خير حكم على هذا المتوقع!