سياسة التوسع الاسرائيلية ستؤدي حتماً الى حل الدولة الواحدة
"من حق المستوطنين ان يعربدوا وان يفعلوا ما يريدون لانهم مدللون كثيرا عبر الحصول على امتيازات في كل المجالات". هذا قول صحيح وواقعي، فالحكومة الاسرائيلية الحالية المشكلة من ائتلاف حكومي يميني صرف متطرف هي حكومة مستوطنين، فكم وزير في هذه الحكومة هو من دعاة دعم الاستيطان، أو يقيم في مستوطنات مقامة على اراضي الضفة الغربية، وكم من عضو كنيست (برلمان) هو بحد ذاته مستوطن.. وكم من حزب مشارك في الائتلاف الحكومي يرفض المس بالاستيطان، ويرفض حتى السماح باقامة دولة فلسطينية مستقلة.
مخصصات علنية اضافية
وقبل عدة أيام، اجتمع مجلس الوزراء الاسرائيلي واقر تقديم منحة مالية لمستوطنات الضفة قيمتها حوالي 84 مليون شاقل من اجل تحسين البنى التحتية، وتأمين حاجاتهم اليومية، وهذه المساعدة هي علنية، وهي اضافة الى مساعدات عديدة تتوفر لهذه المستوطنات عبر وزارات الاسكان والاشغال والمالية تحت ذرائع ومسميات عديدة.
مخصصات الاستيطان هي بالفعل سرية لانها موزعة على اكثر من مصدر، وهذه المساعدات هي جزء من مساعدات تأتي من الخارج تحت يافطة التبرعات، وهناك عرابون كثيرون يدعمون الاستيطان، ويقدمون الدعم المالي لاقامة مستوطنات في الضفة الغربية والقدس. واهمهم الملياردير اليهودي موسكوفيتش الذي تبنى دعم وبناء عدة مستوطنات في قدسنا العربية.
المزيد من المستوطنات
لن يمر يوم واحد الا ويصدر قرار لمصادرة اراض عربية لاقامة وحدات سكنية استيطانية عليها لتوسيع المستوطنات القائمة، واعلن مؤخراً عن عطاءات لبناء وحدات سكنية في مستوطنة جبل ابو غنيم، وجيلو، وبسغات زئيف ومعاليه ادوميم.. وتدعي الحكومة الاسرائيلية ان هذا البناء يأتي لمواجهة الزيادة السكانية للمستوطنين، ولمنع الاكتظاظ داخل وحدات السكن المقامة حاليا.
ولا يخفى على احد ان عدة مستوطنات تقام في القدس وبصورة هادئة تحت مسميات عديدة، والهدف منها تعزيز الوجود البشري اليهودي في المدينة.
وكذلك هناك بناء لمستوطنات عشوائية، بعضها يتعرض لحملة اعلامية، وبعضها لا تذكر في وسائل الاعلام الاسرائيلية، فبالتالي تقام ولا احد يدري عنها، واذا تم الكشف عنها، يبرر وجودها وتواجدها واقامتها.
مياه الضفة للاستيطان
حسب اتفاقيات اوسلو، فان اسرائيل هي صاحبة السيادة على المياه في الضفة الغربية، وهي تحدد الكميات اللازمة من المياه لهذه المدينة او تلك، وحسب اتفاقيات اوسلو فانه لا يسمح ببناء "بئر ارتوازي" الا بعد الحصول على اذن من السلطات الاسرائيلية.
ورغم هذا الظلم في السيادة على ينابيع ومياه الضفة الغربية، فان سلطات الاحتلال لا توفر كميات المياه المتفق عليها لهذه المناطق الفلسطينية او تلك، ومؤخراً، قامت بتقليص المياه المرسلة الى مناطق في شمال الضفة، وحوّلت هذه الكميات للمستوطنين.
ولا بد من الاشارة الى ان أربعة آلاف مستوطن في قطاع غزة كانوا يحصلون على نفس كمية المياه المخصصة لمليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.. وهذا يعني ان المستوطنين اينما كانوا واقاموا وبنوا فهم يحصلون على ما يريدون، حتى ان هناك تمييزاً في توزيع المياه بين الفلسطينيين والمستوطنين. وهذا ظلم، لا يثار الا في بعض الاحيان عندما تصاب منطقة بالعطش بعد انقطاع المياه عليهم لاشهر في عز الصيف، وفي عز شدة الحرارة.
ومن هنا يمكن القول ان مياه الضفة ليست لابنائها، فهي للمستوطنين ولاسرائيل ايضا.
عرقلة لأي جهد سياسي
الاستيطان الاسرائيلي هو المعرقل الاساسي لاي جهد سياسي، فكيف ستجري مفاوضات لاقامة دولة فلسطينية ما دامت سياسة التوسع الاسرائيلية قائمة؟ وعلى أي ارض ستقام هذه الدولة الفلسطينية عندما يصر القادة الاسرائيليون على عدم التنازل عن الاستيطان؟ وكيف يمكن اقامة دولة والمستوطنون يسرحون ويمرحون في اراضي الضفة ويعربدون؟
واضافة الى ذلك، فانهم يقومون بأعمال عدوانية على العديد من البلدات العربية القريبة من مستوطناتهم، ومن هذه الاعمال حرق الحقول، وقطع اشجار الزيتون اضافة الى اطلاق النيران او رشق الفلسطينيين بالحجارة، وكذلك الاعتداء على المساجد والمنازل كما حدث لعائلة دوابشة.
وهم يؤثرون على السياسة العامة للحكومة لان لديهم تواجداً عبر الوزراء. فهم "سلطة" قوية يمينية متطرفة داخل الدولة مع ان كثيرين يحاولون نفي وجود سلطة لهم، ولكن على ارض الواقع يحصلون على "دلال" اكثر من أي اسرائيلي، وهم الذين يقولون علنا لا لدولة فلسطينية، وهم لا يريدون التوصل الى أي اتفاق سلام، بل يريدون ان يبقى الوضع متوترا حتى لا يتم التوصل الى أي اتفاق!
الاستيطان مدان
قرارات دولية عديدة صدرت ادانت سياسة الاستيطان، واعتبرته غير شرعي، ولكن هل تصغي اسرائيل الى هذه القرارات؟ هل تجمد الاستيطان لدعم ما يسمى بمسيرة السلام؟ الاجابة واضحة بأن اسرائيل لا تحترم القرارات ولا تصغي الى كل النداءات فيما يتعلق بالاستيطان؟ واهم اسباب ذلك هو تقاعس العالم كله في معاقبة اسرائيل على عدم تطبيقها للقرارات الدولية، اذ ان المجتمع الدولي يدين الاستيطان كلاميا ولا يفعل أي شيء لوضع حد له.. ومن هنا تبقى قرارات الامم المتحدة "فارغة"، ومجرد حبر على ورق.
وانطلاقاً من كل ما ذكر، فان سياسة الاستيطان مستمرة، ويعني ذلك لا سلام ولا هدوء، وان الوضع سيبقى متأزما.. وان حل الدولتين قد ولى.. وليس هناك أي حل سوى الدولة العلمانية، دولة واحدة ثنائية القومية، أي ان من الاثار الايجابية لسياسة الاستيطان هو التحول الى حل واحد، وهو الدولة الواحدة، وهو ما كان يدعو اليه قادتنا قبل 15/11/1988، يوم اعلان الدولة عندما قبلوا بحل الدولتين.
الوقت لا يداهم شعبنا اذا واصل صموده وتعاظم صبره، فالوقت ليس لصالح اسرائيل، والاستيطان سيضعف دولة اسرائيل، وهذا الامر ستثبته السنوات القادمة.