في قلب بيروت، وبالقرب من مقر بنك لبناني، وعند جدار مدرسة ثانوية، وقع انفجار لم يحدث خسائر بشرية، وكانت الخسائر مادية ليست كبيرة، وذلك لانه كان يوم احد، ومعظم الناس في بيوتهم او في رحلات وزيارات خارج بيروت. التفجير الارهابي وقع في مساء يوم الاحد 12/6/2016، أي في نفس اليوم الذي وقع فيه الهجوم الارهابي الذي نفذه عمر متين على ناد ليلي في مدينة اورلاندو/ فلوريدا الاميركية.. وبعد فترة زمنية قصيرة داهم شخص منزل احد الضباط الفرنسيين قرب باريس وقام باغتياله مع شريكته. وتنسب هذه الاعمال لتنظيم داعش مع ان تفجير بيروت لم يتحمل احد مسؤوليته حتى اعداد هذا التحليل.
مراقبون حاولوا الربط بين الاحداث الثلاثة التي وقعت في نفس الفترة الزمنية، ولكنهم وجدوا ان الربط صعب، ولكنهم استنتجوا ان "الارهاب" واحد ولو تعددت الاشكال، وهو يؤدي في النهاية الى القتل والتدمير والتصفية. وهذا يعني ان وضع حدود ما لمنعه من الانتقال من مكان الى آخر أمر صعب جدا.. وظهر لهم ايضا ان لكل حادث اهدافه وعوامله.
تفجير بيروت جاء حسب معلقين ومحللين، لاستهداف حزب الله بصورة خاصة، والبنوك اللبنانية بصورة عامة. وكان بمثابة رسائل عديدة موجهة الى لبنان بكل فئاته وطبقاته واحزابه السياسية. هذه الرسائل قد لا تؤثر كثيرا اذا تم التعامل معها بهدوء وموضوعية ووحدة حال ومصير، وقد تكون "مؤذية" اذا لم يتم التعامل معها بالاسلوب السليم!
لماذا حزب الله
جاء التفجير في الوقت الذي كانت الاجواء ملبدة حول قرارات دولية بتجميد ارصدة مواطنين أو أشخاص محسوبين على حزب الله، وصدور تعليمات للبنوك اللبنانية لتنفيذ اجراءات بحق العديد من المتعاطفين مع الحزب.
وتم وضع المتفجرات قرب بنك "لبنان والمهجر" أي انه كان رسالة بضرورة تطبيق هذه القوانين، والا فان البنوك ستتعرض لمزيد من الاعتداءات.
هناك من قال ان هذا التفجير هو ضد الحكومة اللبنانية، لانه جاء كتحذير لها بعدم الخروج عن توصيات وتعليمات مصرفية دولية، وعلى لبنان ان يحترم ويطبق هذه القرارات.
أي أن الهدف من التفجير هو "حزب الله"، لان القوانين المصرفية الجديدة اذا طبقت فهي تعمل على محاصرة المتعاطفين ايضا مع حزب الله، كما انها ستضرب الاقتصاد اللبناني من خلال ضرب القطاع المصرفي الذي يعتبر من افضل القطاعات في العالم، نظرا للثقة الكبيرة فيه، والاجراءات الحامية للارصدة والتعاملات.
لا يعتمد على ارصدة مصرفية
"حزب الله" لا يعتمد على ارصدة مصرفية، لانه يدرك انه مستهدف، وان هذه الارصدة مكشوفة لاجهزة امن دول عديدة، وهي قابلة للتعرض للحجز أو للاختراق، وقد تساعد في مراقبة تحركات الحزب من نواح عديدة.
ومن هنا، فان الحزب لا تؤثر عليه القوانين التي تهدف محاصرته مادياً، لانه يتعامل بالامور المالية بطريقته الخاصة.
ولكن الهدف من الاجراءات هو مضايقة تجار ومواطنين ماليا لاثارة هؤلاء ضد حزب الله، أي ان الاجراءات هي للتحريض ضد حزب الله، لانه سيقول بعضهم انه لولا سياسة حزب الله لما تعرض لبنان والقطاع المصرفي الى قوانين واجراءات دولية مضطر لاحترامها وتطبيقها.
لاثارة فتنة
هذا التفجير في قلب بيروت، وبالقرب من منطقة الحمراء يهدف الى ايقاع فتنة لادخال لبنان في صراعات داخلية. فبعد ان فشلوا في زرع هذه الفتنة وتغذيتها بصورة دينية ومذهبية، فانهم يعملون على الدخول اليها واحياءها من خلال "الورقة المصرفية".
هذا الهدف مكشوف، وكان التعامل معه بهدوء وحكمة لان ابناء لبنان يعرفون انهم مستهدفون، وان وقوع صراع داخلي يؤدي الى الدمار والى معاناة الشعب.. فهم لا يريدون خوض تجربة حرب 1975 التي استمرت 15 عاما.. ولذلك يحاولون التصدي لكل من يحاولون اثارة الفتنة أو ضرب لبنان.
رسائل عديدة
من قام بالتفجير حاول تمرير أو توجيه رسائل عديدة ومن اهمها:-
1. ان الارهاب قادر على الوصول الى لبنان، وقادر على زرع متفجرات هنا أو هناك.
2. ان على الحكومة اللبنانية الالتزام بقرارات المجتمع الدولية، وخاصة فيما يتعلق بالقطاع المصرفي.
3. على اللبنانيين الاعتراض على تواجد حزب الله خارج لبنان، في سورية والعراق.. وان عليه عدم توريط اللبنانيين في مشاكل وازمات الدول الاخرى.
4. ان ملاحقة واستهداف حزب الله لم تتوقف، وستتواصل بطرق عدة.
5. الاقتصاد اللبناني سيتعرض لهزة ارضية كبيرة فيما لو فكر التغاضي عن التعليمات الدولية الجديدة.
6. ان لبنان ليس آمناً، وهناك خلايا قد تقوم بعمليات عديدة وخطيرة للمس بالامن اللبناني.
من يقف وراء التفجير
هناك عدة احتمالات لمن يقف وراء هذا التفجير ومنها:-
· أجهزة مخابرات دولية او اقليمية معادية لحزب الله من اجل اجبار لبنان على الالتزام بقرارات الحصار على الحزب، وادخال لبنان في اتون نار الخلافات السياسية.
· تنظيم "داعش" من اجل الانتقام من الحزب لانه يقف ويواجه ارهاب هذا التنظيم واخوانه من التنظيمات الارهابية ذات الاسماء الدينية البراقة.
· جهة ما داخلية، وبايعاز من الخارج، من اجل توتير الوضع في لبنان سياسيا، وان امكن "عسكريا"!
في الخلاصة، فان من يقف وراء هذا التفجير هو عدو لبنان، وعدو المقاومة، وهو يشارك في التآمر على العالم العربي وبالتحديد سورية. وهذا التفجير وغيره لن يغير من الوضع الحالي في لبنان لان قادته واعون، ويعملون على تجنب وتفادي دخول نفق الصراعات والمواجهات المظلم والمؤلم جدا.