قادة عسكريون ووزراء دفاع انتقدوا
سياسة وتصرفات نتنياهو
في مؤتمر هرتسليا الذي عقد خلال شهر حزيران الجاري، شن اربعة قادة سابقين للجيش الاسرائيلي هجوماً على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو متهمين اياه، وبصورة غير مباشرة، باضعاف دولة اسرائيل من خلال انقسامها ومن خلال بث ذعر وهمي بوجود خطر ايراني دائم، مع ان هذا الخطر مبالغ به، وقالوا ان على الشعب الاسرائيلي ان يكون يقظا، ويخشى الانقسام والوضع الاخلاقي الذي يعيش فيه. هؤلاء القادة العسكريون السابقون هم: وزير الدفاع المستقيل موشيه يعالون، ووزير دفاع سابق ايهود براك، وقائد الجيش السابق جابي اشكنازي، وقائد الجيش الاخير بيني غانتس. وقد انضم اليهم فيما بعد وزيرا الدفاع عمير بيرتس، وشاؤول موفاز.
ماذا يعني توجيه قادة عسكريون انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الاسرائيلي؟
خلاف مؤسسة الجيش
مع الحكومة الحالية
ان هذه الانتقادات تعني ان هناك خلافا بين وجهات نظر القادة العسكريين مع حكومة نتنياهو الحالية اليمينية المتطرفة. فرغم ان الجيش لا يتدخل في الشؤون السياسية، ويخضع لامرة السياسيين الا ان له كلمة في العديد من المواضيع وخاصة تلك المتعلقة به. واذا حاول السياسيون التدخل في شؤون الجيش الداخلية لاهداف شخصية. ووقع الخلاف بين الجيش الاسرائيلي، أو مؤسسة الجيش الاسرائيلي مع الحكومة عندما قرر تقديم جندي اسرائيلي متطرف قام باطلاق النار على فلسطيني، الشهيد الشريف، عندما كان مصابا ولا يشكل خطرا كبيرا، وقام قائد الوحدة العسكرية بتحويل هذا الجندي للمحاكمة لانه: اولا وأخيراً تجاوز الاوامر العسكرية بعدم اطلاق النار، وثانياً لانه لم يتردد بالقول لزملائه يجب قتله بدافع ذاتي انتقامي مع ان الشهيد لم يشكل خطرا عليه، وهذا بالطبع "مَس بأخلاق الجيش" حسب المعايير العسكرية. وكذلك هذه الحادثة صوّرت وبثت ولا يستطيع الجيش السكوت عنها امام العالم كله.. ولا يستطيع الا يقدمه لمحكمة انضباط عسكرية لان التغاضي عن هذه الحادثة سيضع الجيش الاسرائيلي في حالة "فوضى"، وعدم الطاعة والانصياع للاوامر والتعليمات.
هذه الحادثة كشفت الوجه الحقيقي للحكومة الحالية اذ ان وزراء يمينيين دافعوا عن تصرف الجندي، وتهجموا ايضا على قائده الميداني لانه قدم شهادة ضده. وتهجموا ايضا على وزير الدفاع وقتئذ موشيه يعالون.
وقد توسعت دائرة الانتقادات للجيش الاسرائيلي عندما شجع قائد الجيش الاسرائيلي الحالي جادي ايزنكوف القادة العسكريين على ابداء آرائهم من دون خوف او تردد، مؤكدا ان حرية التعبير مهمة. فشن وزراء يمينيون هجوما اعلاميا على ايزنكوف، فتدخل وزير الدفاع يعالون، ودافع عن قائد الجيش.
وشعر الجيش الاسرائيلي بأن نتنياهو لا يدافع عنه، ويحابي اليمين لمصلحته الشخصية، عندما فضل افيغدور ليبرمان كوزير للدفاع عن موشيه يعالون، الجنرال، قائد الجيش الاسرائيلي، مما يعني ان الجيش سيجد صعوبة في تفهم مواقف ووجهات نظر مسؤول سياسي عنه. واستقالة يعالون دقت ناقوس الخطر، فاضطر قادة الجيش ووزراء دفاع سابقون الى الدفاع عن الجيش الاسرائيلي من خلال انتقادهم لسياسة نتنياهو.
ومما يجدر ذكره ان مؤسسة الجيش تشعر بأن نتنياهو عمل على تعيين مسؤولين مقربين اليه في اجهزة امن عديدة مثل الموساد، والشين بيت، وقائد الشرطة العام، وانه يسعى ايضا للسيطرة على الجيش ايضا، ولكن هناك انظمة وقوانين لا تسمح له بتعيين موالين له من خارج السلك العسكري.
يعالون يقود الحملة
رغم انه كان مقربا الى نتنياهو، وكان نائبا له، ودعمه وسانده كثيرا، الا ان نتنياهو "باعه" في اول مفترق طرق حفاظا على كرسي الحكم، ولتعزيز مصلحته الشخصية على المصلحة العامة. وكان رد يعالون بتقديم الاستقالة، وكذلك الدفاع عن الجيش.
أعلن يعالون ان استقالته لا تعني الاعتزال عن السياسة، بل انه في قلبها، ولكنه خارج اطار الليكود الذي تغيّر وتبدل، ولم يعد الليكود ذاك الذي قاده مناحيم بيغن. ومن هنا، فكّر يعالون، وبدأ العمل على تشكيل حزب جديد لانه وجد ان عدم وجود منافس قوي لنتنياهو سيشجعه على التصرف كقيصر، وكزعيم اوحد، ويتخذ ما يعجبه من اجراءات وقرارات لان من هم في الحكومة يريدون مصالحهم الذاتية قبل الاهتمام بالمصالح العامة.
ومن خلال مؤتمر هرتسليا يمكن القول ان الحزب السياسي الذي سيقوده، أو يتزعمه يعالون سيضم العسكريين المعارضين لنتنياهو، وسيكون منافسا لحزب الليكود. وهناك مصادر تقول ان يعالون يحاول ان يجمع القواسم المشتركة بين مواقف الزعيمين الاسرائيليين القوميين مناحيم بيغن والجنرال اسحاق رابين لتكون هذه المواقف مبادىء وأسس هذا الحزب الجديد.
يعالون هو عسكري ذكي، وكذلك سياسي واقعي رغم ان آراءه متطرفة في بعض الاحيان، وكان قاسيا وشديدا في تعامله مع الشعب الفلسطيني حينما كان قائدا للجيش. فهو لا يناقض ولا يعارض نتنياهو من اجل القضية الفلسطينية، ولا من اجل موقف سياسي، بل يعارضه لانه يجد ان المعايير الاخلاقية ذهبت، وهذا يؤثر على الجيش الاسرائيلي، واذا عمت الفوضى الجيش فتكون اسرائيل في خطر.. أي انه يدافع عن اسرائيل ويجد ان نتنياهو تجاوز الخطوط الحمر، ويتصرف بصورة فردية.
يستطيع يعالون ان يحشد معه عددا كبيرا من سياسيين بارزين، ويستطيع ان ينافس نتنياهو في الانتخابات القادمة. وخلاف يعالون مع نتنياهو يشكل صورة صادقة للخلاف الجاري بين الجيش والحكومة الحالية.. ويعني هذا ان عددا كبيرا من العسكريين الكبار المتقاعدين قد ينضمون الى حزب يعالون الجديد، والذي اقترب موعد الاعلان عنه!