تخاذل العالم العربي ونفاق المجتمع الدولي
من ركائز دعم الاستيطان
عندما يشارك وزيران في حكومة اسرائيل اليمينية، وهما نفتالي بينيت، زعيم البيت اليهودي ووزير التربية والتعليم، وميري ريجيف من حزب الليكود، ووزيرة الثقافة والرياضة، في احتفالات مستوطنة كيدوميم بمناسبة مرور اربعين عاما على اقامتها، فهو دلالة كاملة على ان الحكومة الحالية تؤيد الاستيطان، وتسعى الى توسيعه. وان الحكومة الحالية لا تريد "السلام" اذ ان الوزيرة ريجيف وعدت بان يكون عدد المستوطنين في الضفة مليون نسمة، والا تكون هناك دولة فلسطينية، في حين ان بينيت اعتبر صمود الاستيطان امرا حيويا لدولة اسرائيل.
وفي مناسبة اخرى، وهي بدء العام الدراسي الجديد قام وزير البناء والاسكان يؤاف غالانت بزيارة مستوطنة معاليه ادوميم حيث القى كلمة قال فيها ان هذه المستوطنة هي جزء من دولة اسرائيل، ولا داعي للدعوة الى ضمها لاسرائيل، واكد ان المخططات لبناء وحدات سكنية لالاف المهاجرين الى المستوطنة جاهزة في الوزارة.
أما حركة "السلام الآن" فقد كشفت عن سعي الحكومة لايجاد المزيد من الاراضي لتوسيع مستوطنة افرات من خلال بناء 2500 وحدة سكنية جديدة.
وزير آخر تمنى وتوقع أن يصبح عدد المستوطنين في غوش عتصيون الواقعة بين بيت لحم والخليل نصف مليون مستوطن.
كل هذه التصريحات، اضافة الى قرارات الحكومة لبناء المزيد من الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة، لدليل قطعي على عدة امور غير قابلة للشك أو التأويل، ومن أهمها:-
· ان الحكومة الاسرائيلية الحالية لا تريد اقامة دولة فلسطينية، ولذلك تعمل على عرقلة هذا الخيار عبر توسيع الاستيطان.
· سياسة التوسع الاسرائيلية لم تتوقف، وهي ما زالت قائمة ومستمرة رغم توقيع اتفاقيات اوسلو.
· غالبية الشعب الاسرائيلي، وحسب استطلاعات الرأي العام داخل اسرائيل، تريد بقاء السيطرة والهيمنة على اراضي الضفة الغربية، لانها اراضٍ اسرائيلية، اراضي يهودا والسامرة.
· ان الحكومة الاسرائيلية الحالية لا تريد تحقيق سلام، بل هي تريد اجراء مفاوضات لعلها تصل الى اتفاق يحقق اهدافها واملاءاتها وشروطها.
· ان اسرائيل غير آبهة لكل البيانات والمناشدات التي تدين الاستيطان وتطالب بوقفه. وبالتالي لا تهتم بأي قرارات للامم المتحدة حتى لو صدرت، لانها لم تطبق ايا منها منذ حزيران 1967 وحتى يومنا هذا.
· المستوطنون في اسرائيل اقوياء، وهم المسيطرون على الحكومة الاسرائيلية.
· غياب لاي قوى سلمية في اسرائيل، ولو تواجدت او وجدت فانها ضعيفة الى ابعد الحدود.
أسباب "التبجح" الاسرائيلي
قال احد المراقبين "من حق اسرائيل ان تتبجح وتتمرد وان تتحدى العالم لانها قوية، وليست هناك قرارات جدية لا من الدول العربية، ولا من المجتمع الدولي، تتصدى للاستيطان، اذ ان غالبية الانتقادات لهذه السياسة تأتي عبر بيانات شجب واستنكار خجولة، والمواقف الاميركية والاوروبية لا تتعدى التعبير عن القلق عن هذه السياسة".
واضافة لما قاله هذا المراقب، فان العالم العربي ضعيف الآن لانه "متورط" في مشاكله الداخلية التي اشعلت نارها قوى خارجية بالتعاون مع "قادة" عرب مرتمين باحضان السياسات المعادية للوطن العربي.
ووصل الامر الى ان الدول العربية عاجزة عن طرح مشكلة الاستيطان على الامم المتحدة لان نفوذ اسرائيل قوي، في حين ان عالمنا العربي غائب في نفوذه ووجوده وتأثيره على الساحة الدولية.
عندما كان العرب "ضعافا" في السابق، كانت لهم كلمة واحدة، ولكن الضعف اكبر في انه ليس لهم لا كلمة واحدة، ولا نصف كلمة.. وهذه الاجواء تعطي الضوء الاخضر لاسرائيل كي تواصل سياستها واجراءاتها وتنفيذ مخططاتها لانها تعلم ان لا ردود فعل جادة او حقيقية عليها.
اذا كان العالم كله جادا في انهاء الاحتلال الاسرائيلي، فان كل هذه المستوطنات يجب ان ترحل مع ذهاب الاحتلال، ولكن هذا العالم "منافق"، ومنحاز لاسرائيل، وبالتالي فان ما يتم السعي اليه هو ايجاد حل مؤقت وسلام جزئي يفرض على الشعب الفلسطيني، هذا السلام الذي يبقي اسرائيل مسيطرة ومهيمنة على الارض للابد مقابل فتات من الحقوق.
هل تتغير الامور في المستقبل، لن تتغير الا اذا ضعفت اسرائيل، ولن تضعف ما دام العالم منافقا ومنحازا لها؟ لذلك فان من يراهن على تحقيق اتفاق سلام فهو يعيش في اوهام!