أقرت اللجنة الوزارية الخاصة بشؤون التشريع قانوناً سيقدم للكنيست الاسرائيلي للمصادقة عليه بالقراءات الثلاث. وهذا القانون يمنع الآذان بمكبرات الصوت في مساجد القدس وبقية المساجد داخل الخط الاخضر، لان هذا الآذان "مزعج" للمستوطنين وخاصة في فترة الفجر.
لم يقدم القانون المقترح الى الكنيست بعد لان الاحزاب الدينية المشاركة في الائتلاف الحكومي تعارضه، وتعتبره مساً بتقاليد وعادات دينية متبعة منذ قرون عديدة. وقد يعرّض القانون "صفارات" حلول السبت ورحيله، وحلول الاعياد الدينية للمساءلة ايضا.. والاحزاب الدينية ترفض مثل هذا القانون لانه مقدمة للمس بالعادات الدينية، أي انه يعزز مكانة العلمانيين على حساب المتدينين.
والخطورة في هذا القانون انه يساهم في الغاء الوجود العربي في هذه البلاد، وشطب الاسلام ايضاً، اذ ان الاذان ضرورة، ولا يمكن التخلي عنه! وقد يلحق به مستقبلاً قانون منع قرع اجراس الكنائس لان المتطرفين سيعتبرونها ازعاجاً لهم، لانهم لا يريدون وجود أي ديانة غير اليهودية في هذه البلاد.
ومنع الاذان بمبكرات الصوت يعني اسكات صوت الآذان في الحرم القدسي الشريف، وهذا يرفضه ابناء فلسطين لان الاذان في المسجد الاقصى المبارك هو مهم ايضا لهم ويؤكد ان الحرم في خير.
الاحزاب الدينية "يهوديت هتوراة" وحركة "شاس" والمشاركتان في الائتلاف الحكومي تخشيان من تحول الصراع الى ديني، وقادة الحزبين لا يريدون ذلك. والتساؤل الذي يتوفر الآن: ما معنى اثارة موضوع الاذان بعد 50 عاماً من الاحتلال؟
آذان من دون مكبرات الصوت
يقول الاسرائيليون انهم لا يمنعون الآذان، بل يمنعون استخدام مكبرات الصوت. ويقولون ان هناك العديد من الدول الاسلامية تمنع استخدام مكبرات الصوت، واسرائيل ليست افضل حالاً من هذه الدول.
والاحتجاج الاسرائيلي هو على آذان "الفجر"، وليس على الآذان نفسه بل على قيام بعض المساجد بتلاوات لآيات من القرآن الكريم قبل موعد الآذان بثلث ساعة تقريباً وعبر "مسجل" ما، وليس عبر قراءة لقارىء صاحب صوت جميل، وهذا العمل اثار احتجاجات مستوطنين يقيمون على اراض مصادرة قريبة جدا من قرى عليها مساجد مقامة منذ سنوات طوال.. ويدعي الاسرائيليون ان تلاوة الايات القرآنية وبصورة مطولة فجرا عبر مكبرات الصوت لا تهدف الى دعوة الناس للصلاة بل لازعاج المستوطنين. ويجب ايقاف ذلك. ولا بد أيضاً من الاشارة بأن مستوطني القدس، وخاصة الحي اليهودي ومناطق اخرى في القدس القديمة هم الذين اعربوا عن احتجاجهم على هذا الآذان فجراً!
ولكن كيف سيتم الآذان من دون مكبر صوت وخاصة في مسجد رئيسي مثل الحرم القدسي الشريف؟ انه لامر صعب، وانه امر غير مقبول بتاتا، فالآذان بمبكرات الصوت جار منذ عشرات السنين، ولماذا "يثور" الاسرائيليون ضده الآن؟ هناك شعور بأنه قرار سياسي يهدف الى تصعيد التوتر والمواجهة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي!
خطوة لتهويد الدولة
تسعى اسرائيل الى تعزيز "هوية" الدولة اليهودية، فهي تطلب من الفلسطينيين الاعتراف بأن اسرائيل دولة لليهود. ولربما الآذان وقرع اجراس الكنائس، وخاصة في القدس، يؤكد ان القدس ليست "يهودية"، فهي للديانات الثلاث، ولذلك بدأت السلطات المحتلة باتخاذ اجراءات لمنع الآذان بحجة الازعاج، وبحجة استخدام مكبرات الصوت بصورة خاصة مزعجة للآخرين.
هذه الخطوة الاسرائيلية هي مقدمة لمنع قرع أجراس الكنائس، وخاصة في القدس، ولذلك فان جميع أبناء القدس وقياداتهم الروحية الاسلامية والمسيحية هم معا ضد هذه الخطوة او القانون الاسرائيلي. ولن يسمحوا بتمريره لانه سيقود الى صراع ديني، وليس الى صراع سياسي صرف!
ما المطلوب لمواجهة القانون
ليس بيد أبناء الديار المقدسة أي سلاح لمواجهة هذا القانون سوى الاعتراض عليه، والتعاضد ورفض الانصياع له وتطبيقه، ولربما حشد اصوات داخل اسرائيل، اصوات دينية، لمنع تمرير هذا القانون والمصادقة عليه.
كذلك يجب ايضا التحرك داخليا من خلال تنظيم الاذان ليكون موحدا في القدس كما هو الحال في العاصمة عمان، وعواصم اخرى، وكذلك مراقبة المساجد ومنع قيام استخدام مكبرات الصوت في امور غير دينية، او في طرق خاطئة.
على العالم العربي التحرك لمنع اسكات آذان المسجد الاقصى واجراس كنيسة القيامة.. والتحرك ليس عبر اصدار بيانات ادانة خجولة، بل عبر اجراءات سياسية فعالة لمنع تمرير هذا القانون، ولوقف التمادي في الاعتداءات الاسرائيلية على الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية على حد سواء.