مستوطنة "عمونة" العشوائية أصبحت شرعية من خلال مداولة قضيتها في القضاء، وعدم استطاعة الحكومة الاسرائيلية حتى اليوم اخلاء هؤلاء عن هذه المستوطنة.
المحكمة العليا الاسرائيلية اصدرت حكما عام 2014 بضرورة اخلاء هذه المستوطنة من الابنية، وكذلك من المستوطنين نظرا لانها بنيت على اراض فلسطينية ذات ملكية خاصة. وامهلت الحكومة مدة سنتين لتنفيذ قرار الحكم، وينتهي يوم 25/ كانون الاول 2016. وتحاول الحكومة اقناع المستوطنين بمغادرة المستوطنة طوعا، وقد نجحت هذه الجهود من خلال نقلهم الى قطعة ارض مجاورة والعيش في مقطورات مؤقتة.
الحكومة الاسرائيلية عبر وزارة العمل ستطلب من المحكمة العليا اعطاءها مهلة اضافية قدرها 45 يوما لاخلاء المستوطنة، واعادة توطين سكانها على اراضٍ مجاورة ذات ملكية خاصة ايضا. وهذا يعني تأجيل اخلاء هذه البؤر الاستيطانية الى يوم 8 شباط 2017، اذا وافقت المحكمة العليا على هذا التمديد، وهو متوقع الى حد كبير.
هل يستطيع صاحب الارض الفلسطيني منع اقامة المستوطنة على اراضيه، قسيمة 38 المجاورة لبؤرة "عمونة"؟ وهل ستتدخل المحكمة العليا ثانية او انها لن تتدخل، ولن تصعب الامر امام الحكومة.
هناك تساؤلات عدة واهمها: لماذا هذه الضجة الكبيرة حول بؤر استيطانية صغيرة محدود عدد بيوتها؟
مهمة ازالة المستوطنة صعبة
استنادا الى مصادر عديدة، فان هذه الضجة الكبيرة، ومحاولة ارضاء واقناع مستوطني "عمونة" بالاخلاء طوعا، وتجنيد الاف المستوطنين لمعارضة الاخلاء، جميعها تهدف الى توجيه رسالة بان ازالة بؤر استيطانية لم تكن شرعية هي عملية صعبة ومعقدة، ولذلك فان ازالة جميع المستوطنات لهو امر صعب ومستحيل، ومكلف جدا.. ليس لان الحكومة غير قادرة على ذلك، بل لانها لا تريد الصدام مع المستوطنين، ولانها أيضاً هي نفسها جزء لا يتجزأ من هذا الاستيطان، وسياستها وائتلافها قائمان على هذا الاستيطان.
وارادت الحكومة الاسرائيلية اظهار عدة امور من وراء هذه الضجة ومنها:-
1. ان هناك قرارات مستقلة لمحكمة العدل العليا لا بد من تطبيقها وتنفيذها.
2. ان الحكومة تحترم قرارات المحكمة العليا لذلك تعمل على اقناع هؤلاء المستوطنين باخلائها.
3. تبرير مصادرة اراض خاصة للفلسطينيين عبر تشريع قانون التسوية، الذي لم يتم تشريعه حتى الآن، وهذا يعني ان املاك الفلسطينيين في القدس وسائر المناطق هي في خطر، ولا احد يستطيع الاحتفاظ بها وللابد لانها معرضة للمصادرة لاغراض الاستيطان.
"عمونة" فيلم استيطاني
مسرحية اخلاء بؤرة "عمونة" الاستيطانية سائرة وتعرض منذ سنتين. وقد اعطت المحكمة العليا مهلة سنتين للحكومة حتى تخليها، ولكن الحكومة لم تفعل شيئا، ولم تتحرك الا مؤخرا عندما اقترب الموعد النهائي للاخلاء.
هذه هي مسرحية على شكل فيلم يعرض حتى يراه العالم، ويدرك ان موضوع الاستيطان ليس سهلا، فبؤرة صغيرة تحتاج الى جهود مضنية لازالتها، فكيف بالحري سيكون الوضع مع ازالة جميع البؤر الاستيطانية العشوائية؟ وكم سيكون صعبا ايضا ازالة كل المستوطنات في الضفة الغربية والجولان؟ أي ان الاستيطان شكل امرا واقعا جديدا لا يمكن تغييره.
وهذا الفيلم يعرض على مدى سنتين ليقول ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يجد صعوبة في وقف عملية الاستيطان، وان مطالبة السلطة بتجميد هذا الاستيطان هو امر صعب من قبل نتنياهو لان حكومته ستسقط اولا، ولان اخلاء مستوطنة يؤدي الى مواجهات، وكذلك وقف او تجميد الاستيطان سيؤدي الى نفس الشيء، خصوصا ان الائتلاف الحكومي هو يميني ومن انصار الاستيطان.
رحيل خيار حل الدولتين
فيلم "عمونة" يهدف الى التأكيد مجددا على ان حل الدولتين قد ولى بلا رجعة، ما دام الاستيطان مستمرا، وليس بامكان الحكومة الاسرائيلية اخلاء بؤرة استيطانية صغيرة.
كما ان معظم اعضاء الحكومة الاسرائيلية الحالية يدعون الى ضم مناطق "ج" الى اسرائيل، وكذلك يرفضون اقامة دولة فلسطينية، لا مستقلة ولا ممسوخة، لانهم لا يريدون وجود أي كيان فلسطيني مهما كان نوعه الى جانب اسرائيل.
الاستيطان خطر على اسرائيل مستقبلاً
عدد المستوطنين في الضفة الغربية وصل الى حوالي 800 الف مستوطن، ودعم هؤلاء المستوطنين على حساب ابناء الشعب الاسرائيلي، وتوفير امتيازات خاصة لهم، سيخلق المشاكل العديدة مستقبلا.
لذلك، فان أي حل سياسي مقبول هو غير ممكن في الفترة الحالية ما دام الاستيطان مستمرا، وما دام رفض اقامة دولة فلسطينية قائما؟ وما دام العالم مقصرا تجاه شعبنا الفلسطيني الذي عليه الصبر حتى تتغير المعطيات والظروف، وعليه الا يستسلم او ييأس، وعليه ان يرص صفوفه ويوحد نضاله واستراتيجيته!