محاولة ترامب لدق اسفين بينهما
اتفاقات حول أمور وخلافات حول أخرى
يتساءل كثيرون عن طبيعة العلاقات الاميركية في عهد ادارة الرئيس ترامب مع كل من روسيا والصين؟ وخاصة بعد أن صرح ترامب أكثر من مرة أنه سيتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقضاء على الارهاب في العالم، وانه معني بتعزيز العلاقات بين الدول العظمى وليس خلق توتر فيما بينها.
لقد كان الرئيس الروسي ذكيا جداً عندما تفادى الانزلاق الى الصراع بين الرئيس السابق اوباما والرئيس ترامب عندما قام اوباما بطرد 35 دبلوماسيا روسيا من اميركا. وكذلك لم يرد على اتهامات اوباما بان روسيا لعبت دورا ما في نجاح وفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، وهذا بحذ ذاته "اهانة" لاميركا لانها تقول ان روسيا هي التي تقرر من هو الرئيس الاميركي القادم. وهذا افتراء كبير هدف الى الاساءة الى الرئيس ترامب والتحريض عليه، خاصة بعد ان منيت هيلاري كلينتون بالهزيمة امام ترامب، مع ان استطلاعات الرأي العام الاميركية أكدت أن الرئيس القادم ستكون هيلاري كلينتون، ولكن هذه الاستطلاعات منيت أيضاً بفشل ذريع!
استطاع الرئيس بوتين ان يستوعب صفعة اوباما السياسية لانه اراد كسب ترامب لصالحه. وهذا ما جرى. وقد كانت هناك مكالمة هاتفية مطولة بين الرئيسين يوم السبت 28/1/2017 أي 8 أيام بعد تولي ترامب لمنصبه الرئاسي. وقيل واعلن أنها كانت جيدة ومثمرة، وأنها أعدت الطريق لقمة بين الرئيسين في وقت لاحق.
التعاون مع روسيا ضروري
الرئيس ترامب يعلم جيدا ان فشل سياسة اوباما في الخارج، وخاصة دعمه للارهاب، اضعف الموقف الاميركي. ولذلك يريد أن يعيد لاميركا عظمتها ليس عبر استعراض العضلات، بل عبر التعاون مع روسيا في محاربة الارهاب والقضاء عليه. ويدرك الرئيس ترامب ان روسيا جادة في القضاء على الارهاب، وبالتالي لا بد من التعاون معها.
ويعتقد الرئيس ترامب أنه عبر التعاون مع روسيا، تستطيع اميركا ان تحيي نفوذها في بعض المناطق، أو تؤكد وجودها على الاقل.. فبعد أن يتم القضاء على الارهاب، فان سورية والعراق تحتاجان الى اعادة اعمار، فضروري ان تكون اميركا مشاركة في الاستثمار في هذا الاعمار ولو بصورة بسيطة. أي أن ترامب مهتم بأن يكون للشركات الاميركية تواجد في عملية اعادة اعمار بلدان الشرق الاوسط، وهذا بحد ذاته دعم لاميركا.
الخلاف حول اوكرانيا وايران
لا شك أن الخلاف الروسي الاميركي سيكون حول اوكرانيا. ولكن هناك شكوكاً بأن ترامب قد يتنازل عن اوكرانيا مقابل تعاون اقتصادي وسياسي مع روسيا، ومقابل الحفاظ على ما توفر من نفوذ اميركي في منطقة الشرق الاوسط. وهناك توقعات بأن التعاون الروسي الاميركي قد يساهم في حل العديد من القضايا في منطقة الشرق الاوسط.
وكذلك سيكون هناك خلاف روسي مع اميركا حول الاتفاق النووي مع ايران، اذ ان روسيا سترفض فتح ملف هذا الاتفاق، واعادة التوتر مجددا بين ايران واميركا، او بين ايران والمجتمع الدولي، لانه يسبب توتراً في منطقة الشرق الاوسط!
روسيا لن تتخلى عن الصين
يسعى الرئيس بوتين الى التعاون مع ترامب في عدة مجالات ومن اهمها القضاء على الارهاب في سورية وكل منطقة الشرق الاوسط، وكذلك في العالم ايضا، وهناك بوادر تعاون عسكري في هذا المجال اذ أن طائرات استراتيجية روسية بالتعاون مع طائرات اميركية شنت غارات مشتركة على مواقع لتتظيم داعش في منطقة دير الزور في شمال شرق سورية. كما ان الرئيس بوتين يريد من الرئيس ترامب وقف والغاء العقوبات الاقتصادية على روسيا والتي وضعتها وفرضتها ادارة الرئيس السابق اوباما بحجة اوكرانيا، ولكن السبب الرئيسي هو لان روسيا تحارب الارهاب الذي صنعته ادارة اوباما نفسها!
قد يتعاون الرئيس بوتين كثيرا مع اميركا، ولكنه لن يتخلى او يتنازل عن علاقاته مع الصين، اذ أن الرئيس ترامب معني بألا تتفوق الصين اقتصاديا عليه، ومعني أيضاً في اعادة الصناعات الاميركية المتواجدة في الصين الى اميركا ذاتها. فاذا ضعفت الصين، ضعفت روسيا، لذلك فان "دق اسفين" بين روسيا والصين لن ينجح لان روسيا تعرف جيدا ان تحالفها مع الصين هو أمر ضروري، وكذلك يساهم في تعدد وجود اقطاب في العالم لان روسيا معنية بالتعاون والشراكة بين الاقطاب، وغير معنية بحرب باردة ليست لصالح أحد، بل لصالح الارهاب الذي قد يستغل هذه الحرب ليعيث في كل دول العالم دماراً.
روسيا ستتعاون مع اميركا قدر الامكان، وفي العديد من الامور التي تكون لصالحها. وستكون هناك خلافات اميركية روسية حول امور اخرى. ويجب عدم نسيان ان هناك في اميركا من لن يرضى عن تقارب روسي اميركي، وسيعمل قدر الامكان للتاثير على الرئيس ترامب، وبالتالي يعرقل الى حد معين الاندفاع لتعاون اكبر بين الدولتين!