*أبو كريم: مصر تمتلك تاريخاً حافلاً في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني
*أبو ركبة: مصر هي الضمانة الأكبر لعدم الاستفراد الإقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية
* الدجني: القمة الفلسطينية – المصرية جاءت لتنسيق المواقف وإزالة سوء الفهم
*نجم: القيادتان الفلسطينية والمصرية تملكان من الوعي والذكاء ما يجعلهما قادرتين على مواجهة التحديات
* دلول: زيارة الرئيس للقاهرة تقطع الطريق على القوى الإقليمية الأخرى من إدارة الملف الفلسطيني
غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ تقرير/ محمد المدهون
بعد الفتور الذي شهدته العلاقات الفلسطينية- المصرية الرسمية في الآونة الأخيرة نتيجة تباين المواقف في العديد من القضايا والتي راح البعض لتحميلها أكثر مما تحتمل، جاءت القمة الفلسطينية- المصرية التي جمعت الرئيس محمود عباس "أبو مازن" والرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة لتذيب الجليد، وتعيد العلاقات الأخوية إلى سابق عهدها، فهل عادت المياه إلى مجاريها ؟.. "البيادر السياسي" استضافت مجموعة من الكتاب والباحثين واستطلعت آراءهم حول زيارة الرئيس للقاهرة، وأهمية الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، حيث أكد الباحثون على أهمية هذا الدور، وأن مصر كانت دائماً السباقة في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته.
تاريخ حافل
منصور أبو كريم كاتب وباحث سياسي أكد أنه لا يمكن التخلي عن الدور المصري الفعال في القضية الفلسطينية، فمصر تمتلك تاريخاً حافلاً في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني، لذلك أعتقد أن لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السياسي والفلسطيني محمود عباس أخذ أهمية كبيرة، خاصة أنً اللقاء جاء بعد فترة غياب، فهذا اللقاء يأتي في سياق إعادة الدفء للعلاقات المصرية الفلسطينية، بعد فترة شهدت برودة في العلاقات، بسبب الخلافات في وجهات النظر حول عدد من القضايا التي أحدثت بعض البرودة في علاقة الطرفين في وجهات النظر، وأهمها سعي مصر لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني من أجل توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية. وأيضاً يأتي اللقاء في سياق تبادل وجهات النظر بين القيادتين الفلسطينية والمصرية، حول العديد من القضايا، وأهما اللقاءات الفلسطينية الأمريكية من جانب، وزيارة الرئيس المصري للبيت الأبيض من جانب آخر، فربما يكون هذا اللقاء بداية لمرحلة جديدة من التنسيق والتعاون المصري الفلسطيني حول كافة القضايا التي تهم الجانبين.
سحابة صيف
من جهته أكد طلال أبو ركبة كاتب وباحث سياسي فلسطيني أن التوجهات المصرية نحو القضية الفلسطينية ثابتة وتستند للتاريخ والجغرافيا، فالنظام السياسي المصري على اختلاف عصوره انتهج موقفاً ثابتاً من القضية الفلسطينية، يستند على الدعم والتأييد المستمر بكافة الأشكال للحقوق الفلسطينية. وتعتبر مصر هي الضمانة الأكبر لعدم الاستفراد الإقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية، وهي بحق صاحبة الاحتكار لحب واحترام الكل الفلسطيني.
وأضاف أبو ركبة: " في إطار ذلك، فإنني أعتقد بـأن مصر لن تذهب لأية حلول إقليمية تستهدف من قريب أو بعيد الانتقاص من الحقوق الفلسطينية، وستعمل مصر بقوة على دعم وتأكيد الحقوق الفلسطينية بشكل كامل، وهو ما يؤكده التاريخ".
ونوه أبو ركبة إلى أن ما حدث من سوء فهم في العلاقة بين مصر والسلطة الفلسطينية قائلاً انها بمثابة سحابة صيف عابرة، سريعاً ما تنتهي لأن التوجهات المصرية تجاه القضية الفلسطينية قائمة بالأساس على الإيمان المصري بعدالة القضية الفلسطينية من ناحية، وموقف مصر القومي من تحمل مسئوليتها تجاه القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وفي إطار ذلك فإن الزيارة التي قام بها الرئيس محمود عباس ولقاءه بالرئيس المصري هي لتبديد وإنهاء سوء الفهم، وذلك إيماناً من الرئيس أبو مازن بأهمية ومحورية الدور المصري في دعم ومناصرة الحق الفلسطيني .
وفيما يتعلق بملف المصالحة الفلسطينية، قال أبو ركبة فلا أحد يمكنه أن ينكر الدور الحقيقي والجهد الجبار الذي تبذله مصر تجاه إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية، إيمانا من مصر بأن إنهاء الانقسام ووحدة الموقف الفلسطيني ستمكن الجميع الفلسطيني من القدرة على مواجهة التحديات المقبلة، وخصوصاً التعنت الإسرائيلي والانحياز الأمريكي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
هكذا مصر كانت وهكذا ستبقى، أختاً كبرى، وملاذاً للكل العربي للاستقواء بها وبانحيازها للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية‘ بهذه الكلمات اختتم أبو ركبة حديثه عن مصر.
تنسيق المواقف
وبدوره قال الدكتور حسام الدجني، كاتب ومحلل سياسي فلسطيني أن تلبية الرئيس محمود عباس لدعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هي تأكيد على محورية القضية الفلسطينية، وأهمية مصر كدولة مركز في التأثير بالقرار الإقليمي والدولي في ظل التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، والتي أخذت منحنيات تصاعدية بعد وصول دونالد ترامب، فبدأ الحديث عن الحل الإقليمي الذي يقام على حساب التراب المصري، وبذلك تأتي القمة الفلسطينية- المصرية قبل أيام من قمة الأردن وزيارة عباس السيسي للبيت الأبيض وبذلك تنسيق المواقف بما يخدم تطلعات شعبنا الفلسطيني، ويحافظ على المصالح المصرية، وينهي سوء الفهم الذي بدأت ملامحه مؤخراً بالظهور. وبذلك، يضيف الدجني، يأمل الشارع الفلسطيني بأن تلقي القمة بانعكاسات ايجابية على القضية الفلسطينية وقد تساهم في أن يخفف من حالة الحصار على قطاع غزة المفروض منذ أكثر من عشر سنوات.
وعي وذكاء
ومن ناحيته قال الأستاذ رائد نجم/ باحث متخصص في العلاقات الدولية:"لا شك أن القيادتين الفلسطينية والمصرية تملكان من الوعي والذكاء ونفاذ البصيرة ما يجعلهما قادرتين على مواجهة التحديات، وبلورة رؤية مشتركة تشكل الأساس لأي موقف عربي قد يصدر عن القمة، يمثل ويعبر عن الموقف العربي الجماعي من القضية الفلسطينية في التعامل مع إدارة ترامب، وتصحيح رؤيتها للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتقديم جملة من البدائل لتحقيق السلام، بحيث تتميز هذه البدائل بالثبات المبدئي على الحقوق مع المرونة في التنفيذ، فمثلاً عندما تتذرع إسرائيل بأن الإقليم في حالة من الفوضى، وأنها تتمسك بتواجد أمني في أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة، فمن الممكن أن تقدم عدة بدائل تطمئن إسرائيل وفي نفس الوقت تحافظ على الاستقلال الفلسطيني، وتحول دون استمرار وجود قوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، وإذا كانت هناك أفكار حول التبادل الأراضي، فمن الممكن تقديم حزمة تشجيع اقتصادية للجانب الإسرائيلي بديل عن الكتل الإسمنتية التي لا تخدم التعاون، بل تعتبر نقاط احتكاك دائماً تهدد السلام، فالقدس الشرقية يمكن أن تتحول بفعل السياحة الدينية للمسلمين والمسيحيين إلى استثمار كبير يقدم عائداً اقتصادياً هائلاً للجانبين من خلال إنشاء المناطق التجارية الحرة، والمرافق السياحية ذات الاستثمار المشترك، وهذا لا يتحقق بسيطرة إسرائيلية على الكتل الاستيطانية حول القدس، بل بسيطرة فلسطينية مطلقة، وزيادة في الطمأنينة ممكن السماح لليهود بالدخول للقدس دون تأشيرة وكذلك نشر قوات دولية في القدس.
نتائج القمة
وأضاف: لا شك أن نتائج هذه القمة ستؤدي إلى تكثيف الجهود لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وكسر الرهان الإسرائيلي على استمرار الانقسام، وتأكيد ذلك بقرار عربي، ودحض الرواية الإسرائيلية بوجود دولة في غزة، والتأكيد على أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية. ومن المتوقع أن تعيد التأكيد على المبادرة العربية كأساس للحل، وتحقيق التعاون الإقليمي الذي تتطلع إليه الولايات المتحدة في وجه الإرهاب والأطماع الإقليمية المتزايدة، وإعادة قدرة دول المنطقة على أداء دورها كدول ناجحة في وجه التنافس الدولي على المنطقة. وهذا لن يتم دون أن يتأكد العرب بأن إسرائيل جاهزة لتنفيذ حل الدولتين، والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 ، وحينها ستكون الدول العربية جاهزة لإعطاء السلام فرصة، أما محاولة إسرائيل استغلال أزمات المنطقة، والصراعات الإقليمية، للقفز عن حل القضية الفلسطينية من أجل زيادة مكاسبها على حساب الأراضي الفلسطينية، فسيبقي الأمور تراوح مكانها، وسيظهر الإدارة الأمريكية الجديدة كطرف عاجز عن معالجة أي قضية من قضايا الإقليم، وتحقيق أي تقدم في أي من ملفات المنطقة. وتدرك القيادتان الفلسطينية والمصرية أهمية القضية الفلسطينية كمدخل مهم لإثبات مصداقية إدارة ترامب في التعامل الجدي مع قضايا المنطقة، لذلك ستؤكدان على مركزية انجاز الحقوق الفلسطينية كمدخل ضروري لأي تعاون عربي مع القوى الدولية في التصدي للإرهاب والأطماع الإقليمية، باعتبار استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية وقمع الشعب الفلسطيني هو أسوأ أشكال الإرهاب، وهو الأولى بالمعالجة.
ملفات متعددة
ومن جانبه قال الأستاذ أحمد دلول/ باحث سياسي من المؤكد أن زيارة الرئيس محمود عباس لمصر هي زيارة مهمة للغاية، وتنبع أهمية هذه الزيارة كونها جاءت بعد فترة من الجمود في العلاقة بين مؤسسة الرئاسة المصرية ونظيرتها الفلسطينية.
وأضاف: كان ضمن جدول أعمال الزيارة عدد من الملفات المهمة، منها ملف المصالحة الفتحاوية - الفتحاوية، وملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وملف ما يسمى بدولة غزة، وما يلحق به من معبر رفح، وملف القمة العربية المنوي عقدها في الأردن في 29 من الشهر الجاري، ملف السلام لن يكون بمعزل عن الزيارة.
وأضاف: "أعتقد أن الرئيس عباس هو الأكثر حاجة لهذه الزيارة، خاصة في ضوء عدد من المعطيات أهمها عقد مؤتمرات عين السخنة، والتعامل المرن والسلس بين مصر والنائب محمد دحلان، ومنع جبريل الرجوب من دخول الأراضي المصرية وترحيله على متن الطائرة، وتصريحات الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية عدنان الضميري، الذي اعتبر أن مؤتمرات عين السخنة تستهدف الشرعية الفلسطينية".
وتابع دلول: "تكمن حاجة الرئيس عباس لمثل هذه الزيارة المهمة كون أنَّ الأراضي الفلسطينية تتناقص بفعل الاستيطان في ظل فقدان الحاضنة العربية".
زيارة الرئيس عباس لمصر تؤكد على أهمية الدور المصري في إدارة الملف الفلسطيني، وتقطع الطريق على القوى الإقليمية الأخرى من إدارة الملف الفلسطيني أو التغلغل في الإقليم العربي والإقليم الشرق أوسطي من خلال بوابة الملف الفلسطيني.
وخلص دلول للقول:" في كل الأحوال تؤسس هذه الزيارة لتعاون مشترك، وتفاهم متبادل بين القيادتين المصرية والفلسطينية، وتطوي صفحة الخلافات بين الطرفين، شريطة أن يقبل الرئيس عباس بطي صفحة الخلافات مع النائب محمد دحلان.