ردود الفعل كانت مسؤولة وهادئة ومتزنة
أعلنت الدولة الاسلامية (داعش) مسؤوليتها عن الاعتدائين الارهابيين على كنيستي الاسكندرية وطنطا في أحد الشعانين الموافق 9 نيسان 2017، وأدى العدوانان الارهابيان الى استشهاد العشرات من المؤمنين الاقباط واصابة عشرات آخرين. وقد استشهد الى جانب الاقباط عدد من كبار ضباط الشرطة من أبناء مصر المسلمين، مما أكد هذان الاعتداءان أن شعب مصر واحد موحد، وأن محاولات ايقاع الفتنة بين أبناء الشعب المصري قد فشلت فشلاً ذريعاً.
ماذا يهدف تنظيم داعش الارهابي من القيام بهذين الحادثين الارهابيين؟
من أهم أهداف هذا التنظيم القذر هو ايقاع الفتنة بين أبناء مصر المسيحيين والمسلمين على حد سواء، من خلال تنفيذ هاتين الجريمتين البشعتين في يوم مقدس، يوم أحد الشعانين، اليوم الذي سبق أسبوع الآلام.
أما الهدف الثاني فهو العمل على ترويع وترهيب الاقباط، وحضهم على الهجرة الى الخارج، لأن هذا التنظيم يستهدفهم، وان لا مكان لهم للعيش في مصر إذ أن الاعتداءات الاجرامية ستتكرر عليهم سواء شاءوا أم أبوا.
والهدف الثالث الذي يسعى اليه الارهابيون هو الايقاع بين الدولة والاقباط من خلال الادعاء ان حماية الدولة لهم ليست كافية، وليست مطمئنة لهم، وبالتالي عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم من خلال تشكيل "ميليشيات" قد تصطدم مع الدولة. ولكن هذا الهدف لن يتحقق لأن الاقباط واعون، ومدركون لمساعي وأهداف داعش القذرة والخطيرة.
ويمكن القول أن الهدف الرابع هو تحدي الدولة المصرية، تحدي أجهزتها الأمنية، والادعاء على أن تنظيم "داعش" قادر على اختراق الأمن المصري، وقادر على تنفيذ عمليات ارهابية بشعة في أي مكان يريد.
والهدف الخامس يرمي الى توجيه رسالة الى الدولة المصرية بأن الارهاب لن ينحصر فقط في سيناء، بل سينتقل الى داخل مصر.. وان هذه التفجيرات الارهابية ما هي إلا انتقام لما تتعرض له قوى الارهاب في سيناء!
ويتمثل الهدف السادس من وراء مثل هذه الجرائم البشعة هو توجيه رسالة للمسيحيين في الشرق الأوسط ان عليهم الهجرة، وترك البلاد، أو اعتناق الديانة الاسلامية، واذا ارادوا البقاء، فعليهم دفع "الجزية" كما كان يفعل التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها، أي أن الهدف هو المس ليس فقط بالوجود المسيحي في مصر، بل في دول الشرق الأوسط كلها، اذ شجع هذا التنظيم جنبا الى جانب الاحتلال الاميركي للعراق في تفريغ العراق من عدد كبير من مكوناته المسيحية اذ هاجر ثلثا المسيحيين للخارج.. وهذا يلبي طموحات ومساعي الدول الداعمة للارهاب، وهو تفريغ المنطقة من المسيحيين، حتى يتسنى لها في المستقبل الايقاع بين المسلمين أنفسهم، من خلال ابتداع واشعال نار الفتنة الطائفية والمذهبية!
رد فعل متزن
هذه الاعتداءات الارهابية واجهت رد فعل مصري من كل قطاعاته يتصف بالحكمة والاتزان والهدوء من أجل اسقاط وافشال الاهداف التي يسعى الارهابيون تحقيقها من خلال القيام بمثل هذه الجرائم البشعة جدا.
وقد أدان المصريون جميعا هذه الاعتداءات، واكدوا وقوفهم الى جانب اخوانهم الاقباط، كما ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان من المتابعين للاحداث، ومن اوائل الذين ادانوا الجريمتين، وعقد اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي المصري تقرر فيه اعلان حالة الطوارىء لمدة ثلاثة شهور. ولم يكتف الرئيس السيسي بذلك، بل قام بزيارة مقر البطريركية المرقسية في القاهرة، حيث قدم التعازي لقداسة البطريرك تواضروس، واعلن تضامنه مع أبناء مصر الاقباط، ورفضه لمثل هذه الجرائم، مؤكداً ان الدولة المصرية ستتخذ المزيد من الاجراءات لحماية أبنائها من مثل هذا الارهاب البشع!
أما على المستوى القبطي، فقد تعامل قداسة البطريرك تواضروس بكل هدوء وحكمة مع مثل هذه الاعتداءات، وواصلت الكنيسة مشوار احتفالاتها الدينية بمناسبة اسبوع الآلام، ووجهت رسالة الى الارهابيين بأن هذه الكنيسة قوية وصلبة ولن تقوى عليها كل قوى الشر في العالم.
وتعامل المصريون مع هذين العدوانين الارهابيين بهدوء من خلال وقوفهم ضد الارهاب والتضامن مع الشهداء والمصابين.. وأكدوا أن مصر أقوى من كل البغي والظلم والشر والارهاب، وانها ستقضي على هذه القوى عاجلاً أم آجلاً، وان شعب مصر متمسك بوحدته الوطنية، ولن يتنازل عنها مها كانت الصعاب.
في الخلاصة، فان الارهاب قد يوقع خسائر بشرية مؤلمة هنا وهناك، ولكنه في مصر، كما هو في العديد من أقطارنا العربية التي تعاني منه، لن يحقق أهدافه، وسيتم القضاء عليه ولو احتاج ذلك الى بعض الوقت، وذلك بفضل تمسك الشعوب العربية بوحدتها الوطنية، ورفضها لكل محاولات التقسيم والفتنة والتدمير!!