أعلن في أوائل شهر أيار الجاري عن نتائج انتخابات حركة حماس الداخلية، والتي أدت الى اختيار اسماعيل هنية، رئيساً للمكتب السياسي خلفاً لـ خالد مشعل الذي قاد الحركة لعدة ولايات رئاسية.
يأتي انتخاب هنية رئيساً للمكتب السياسي بعد انتخاب يحيى السنوار قائدا للحركة في قطاع غزة، وكذلك بعد أن أعلنت حماس عن وثيقتها السياسية الجديدة هذه الوثيقة التي قبلت باقامة دولة فلسطينية على أراض حدود حزيران 1967، وفي الوقت نفسه لم تعترف بدولة اسرائيل.
ماذا يعني انتخاب هنية لهذا المنصب الرفيع؟ وما هي أبعاد ذلك على الحركة ومستقبلها؟
هنية الرئيس الرابع
لقد أسس وقاد الحركة الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته يد الغدر الاسرائيلية. وتولى المنصب بعد رحيل الشيخ ياسين، القيادي الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتالته اسرائيل أيضاً اذ لم يبق في هذه المسؤولية سوى لفترة قصيرة. وعقب اغتيال الرنتيسي تم انتخاب خالد مشعل لمنصب رئيس المكتب السياسي للحركة، وبعد انتهاء ولايته الثالثة، جرت انتخابات وترشح الأخ اسماعيل هنية، فتم انتخابه لهذا المنصب القيادي.
اسماعيل هنية هو من الشخصيات السياسية الشابة، قاد وترأس الحكومة الفلسطينية الحمساوية في القطاع لعدة سنوات، ومن خلال هذا المنصب عزز علاقاته مع العديد من الرؤساء والزعماء العرب، وكذلك مع قادة ايران اذ توجه اليها في زيارة خاصة، وحصل على دعم مالي كبير لحكومته، ولكتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس.
هنية هو من قادة الداخل، أي من داخل الارض المحتلة عاش تحت ظل الاحتلال الاسرائيلي، وهو الذي يؤمن بأن الشعب الفلسطيني واحد، وموحد في الداخل والخارج. وهو رجل معتدل، وبعد اتفاق "مكة" ترأس حكومة الوحدة الوطنية، لكن تلك الحكومة لم تستمر بعد سيطرة حماس بالقوة على الأمور في القطاع، فشكل الرئيس عباس حكومة في رام الله، وبقي هنية رئيساً لحكومة "حماس" في القطاع..
ويُقال أيضاً أن هنية من الذين شجعوا على اصدار وثيقة حماس الجديدة، التي تظهر الحركة بثوب سياسي أكثر جمالاً وجذباً، يتماشى مع الواقع على الساحة الفلسطينية، وكذلك على الساحة الاوسع، الساحة الاقليمية!
دوافع شجعت على انتخابه
عدة دوافع وعوامل ساهمت في انتخاب هنية لهذا المنصب الحمساوي الرفيع ومن أهمها:-
· سعي هنية نفسه لهذا المنصب منذ زمن، وطموحاته العديدة، واداؤه المقبول حمساوياً، كلها عوامل شخصية أكسبته شعبية داخل الحركة.
· ضرورة انتخاب قيادة شابة تتماشى وتتماهى مع الوثيقة السياسية الجديدة، وهنية هو أهل لذلك..
· ضرورة أن تكون القيادة الحمساوية في داخل القطاع الفلسطيني، لتكون أكثر قرباً من الذراع العسكري للحركة الذي لا يعمل سوى في القطاع والضفة لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي.
· يمتاز هنية بعلاقات جيدة مع ايران، ومع قطر وتركيا، لذلك هو رجل وسطي في الفكر والتعامل، يختلف عن قادة آخرين يوصفون بأنهم متشددون جداً.
· هنية مقبول لدى الرئيس عباس، ولذلك قد يساهم انتخابه في تحقيق مصالحة أو تفاهم بين حركتي فتح و"حماس".!
· له علاقات مع مسؤولين أجانب زاروا القطاع، وقد تساهم هذه العلاقات في توسيع علاقات حماس مع الغرب، وبالتالي اجبار دول غربية على الاعتراف بوجودها والتفاوض معها!
مستقبل الحركة
سؤال يطرح نفسه: هل من تغيير في حركة حماس بعد انتخاب هنية رئيسا للمكتب السياسي؟
الجواب نعم هناك تغيير في الثوب، والمظهر، ولكن ليس هناك تغيير في الجوهر أو المضمون.. فحركة "حماس" ترفض الاعتراف بدولة اسرائيل مع أنها تقبل بحل الدولتين، وما زالت "حماس" العدو الاول لاسرائيل.
ويجب الاشارة الى أن رئيس المكتب السياسي لا يملك صلاحيات تغيير أو تعديل قرارات أو مبادىء أو عقيدة، فهناك أعضاء في المكتب السياسي، وهناك مجلس شورى، ولذلك جاء هنية كي يظهر ان حماس حركة "حية"، تغيّر وتبدل، وهي حركة مؤسسات لا حركة "أشخاص" ومحسوبيات.
من هنا يمكن الاستنتاج أن لا تغييرا جوهرياً في مواقف أو مبادىء حماس الاساسية، ولا تغييراً في النهج، ولكن قد يكون هناك تغيير في اسلوب التعامل مع الآخرين، وقد تلتحق بالمسيرة السلمية، ولكن من دون الغوص العميق في المشاركة. ولا بدّ من ذكر ان "حماس" تطمح في السيطرة على المجلس الوطني وبذلك تكون قد سيطرت على الشعب الفلسطيني، وكل ما تقوم به من تغييرات تهدف الى تحقيق ذلك. فهل تنجح في ذلك وفي عهد هنية بعد أن فشل مشعل في الوصول الى هذا الهدف.