في شهر نيسان نستذكر العديد من الأحداث التي مرت على شعبنا الفلسطيني في هذا الشهر ومعظمها كانت مأساوية، فبه فقدنا قادة عظام ، وفيه حصلت مجازر بحق أبناء شعبنا وأهمها مذبحة دير ياسين عام 1948، وفي نفس العام استشهد المناضل عبد القادر الحسيني، وفيه أيضاً استشهد كمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر والدكتور عبد العزيز الرنتيسي والقائد ابو جهاد وآخرون.
ففي السادس عشر من هذا الشهر عام 1988 استشهد أول الرصاص وأول الحجارة.. القائد الرمز خليل الوزير (ابو جهاد) الذي كان اغتياله صدمة لنا ولكل من أحبوه وما أكثرهم، أبو جهاد الذي لن ننساه أبداً مهما مرت من سنين على استشهاده.. نتذكره دوماً بل هو باق في قلوبنا وعقولنا، وسيظل فيها دائماً وأبداً.. خسرناه.. بل وان خسارتنا له كانت فادحة .. خسره النضال، وخسرته الثورة، والأهم من ذلك خسرته القضية الفلسطينية التي دافع عنها بكل الوسائل والأساليب حتى آخر رمق من حياته..
استشهد أبو جهاد وهو رافع الرأس شامخاً ولم يستسلم لأعدائه، بل قاوم حتى آخر لحظة.. نتذكر هذا الانسان الذي كان انساناً بكل ما في هذه الكلمة من معنى، نستذكر قوته التي أرهبت الأعداء، وبخاصة انه اعتبر مهندس الانتفاضة الأولى، وعمليات المقاومة التي أسقطت العديد من جنود الاحتلال، مما جعلهم يحاولون بكل الطرق والوسائل أن يغيبوه.. وضعوا خططاً وجرت محاولات عديدة لاغتياله، الى أن نجحوا في السادس عشر من نيسان 1988في اغتياله في تونس بخطة بربرية وحشية، على يد فرقة كوماندوز اسرائيلية بإشراف نائب رئيس الاركان آنذاك ايهود براك، حيث تم اغتياله أمام ابنه نضال الذي لم يتجاوز العامين والنصف، وزوجته الاخت المناضلة انتصار (ام جهاد)، بعد أن قتلوا حراسه وسائقه. روح أبو جهاد انتقلت الى باريها فعانقت أرواح الشهداء .. الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض فلسطين.. ابو جهاد الزيتونة التي جذورها قوية ثابتة في الأرض والتي لا تهرم مع مرور السنوات، قطعوها فأنبتت مكانها فروعاً وأبناء أكملوا المسيرة نحو الجد والاباء.. رحمك الله يا أبا جهاد، ويا أبا عمار، ويا شيخنا ياسين، ويا كل الشهداء، فسنظل أوفياء لدمائهم من خلال اكمال المسيرة نحو الحرية والكرامة والاستقلال.
في شهر نيسان ايضاً، وفي السابع عشر منه، نحيي يوم الأسير الفلسطيني، تضامناً مع اسيراتنا واسرانا الأبطال الذين يقبعون في سجون الاحتلال، يعانون اشد الويلات من قهر السجان وظلمه.. هؤلاء الأسرى الذين ضحوا من أجل قضيتنا ومن أجل الوطن.. أسرانا الذين في احصائية لشهر شباط 2015 اجرته مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان الفلسطينية بلغ عددهم أكثر من 6000 اسير وأسيرة، منهم 22 أسيرة، و 163 طفلاً تحت سن السادسة عشرة، وسبعة عشر نائباً و454 أسرى اداريين، و359 اسيراً مقدسياً..
الكثير من الأسرى يعانون أمراضاً مزمنة ويحتاجون لعلاج مكثف، ولكنهم لا يعالجون الا بأقراص الأكامول، وبالتالي تتدهور اوضاعهم الصحية بشكل كبير حتى وان نقلوا الى مستشفى الرملة، فانه لا يقدم لهم العلاج اللازم مما يؤدي الى تدهور اوضاعهم الصحية.. واحد وعشرون اسيراً مريضاً في هذا المستشفى يعانون من عمليات اعدام مبرمجة تتمثل في الاهمال والمماطلة طويلة الأمد في علاجهم وفي اجراء العمليات الجراحية، رغم انها مستعجلة .. بل وان هناك مساومة وابتزاز وضغط عليهم. ما يعاني منه هؤلاء الأسرى المرضى يتناقض مع كل الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأسرى وبخاصة في اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والتي تنص على حق العلاج والرعاية الطبية للأسرى، وتوفير الأدوية المناسبة للمرضى منهم، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.
في كل دول العالم يحرم اعتقال الأطفال، ولكن هنا فانهم يعتقلون الأطفال دون السادسة عشرة من العمر، وأيضاً يخرقون بذلك جميع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل.. وهؤلاء الأطفال يتعرضون لكل أنواع التعذيب والتنكيل والضغوطات النفسية والجسدية، فمن ضرب واهانات واطفاء السجائر على أجسادهم الغضة، الى حرمانهم من النوم لساعات طويلة وهم مكبلون بالقيود والأصفاد على اياديهم وارجلهم، الى صب المياه الساخنة بعد المياه الباردة على اجسادهم الغضة ، وأساليب اخرى كثيرة يندى لها الجبين يتعرض لها هؤلاء الأسرى الأطفال..
ان اسرانا بحاجة الى وقفة دعم قوية لهم، ليس فقط في يوم الأسير، وانما في كل يوم، يجب الضغط على الاحتلال بكل الوسائل من أجل الافراج عنهم جميعاً، وبخاصة الأطفال والمرضى منهم.. فيكفيهم عذاباً وحرماناً ليس لسبب سوى انهم ناضلوا من اجل العيش بكرامة على أرضهم ووطنهم..