لاقى خطاب رئيس وزراء اسرائيل امام الكونغرس الاميركي يوم الثلاثاء 3 آذار 2015 ردود فعل مختلفة، منها المؤيدة، ومنها المعارضة، ومنها المستهزئة. وقال مراقبون عديدون ان نتنياهو أصر على القاء هذه الكلمة امام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس الاميركي للحصول على دعم اسرائيلي داخلي، اي لتعزيز حملته الانتخابية، اذ ان الانتخابات الاسرائيلية ستجري بعد اسبوعين فقط من يوم القاء هذه الكلمة.
ردود الفعل الاميركية
أول الذين رد على هذه الكلمة الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي قال انه لم يتابع ويشاهد مباشرة القاء نتنياهو لكلمته، لكنه قرأها، ووجد أن لا جديدا فيها، ولم يطرح أي بديل عن التوصل الى اتفاق مع ايران حول برنامجها النووي.
زعيمة الاقلية الديمقراطية في الكونغرس الاميركي نانسي بيلوسي وصفت الخطاب بأنه بمثابة اهانة لاميركا، لان لغته كانت آمرة، ومطالبه عديدة. وان هذا الخطاب سيؤدي الى فتور لا بل الى شق في العلاقة الاميركية الاسرائيلية، وعلى نتنياهو ان يصلح ما سببه من اذى لهذه العلاقة.
اللوبي الصهيوني كان منقسماً، مجموعة "ايباك" ايدوا الخطاب وباركوا ما قاله نتنياهو، في حين ان مجموعة "جي ستريت" كانت تعارض القاء هذه الكلمة من دون التنسيق المسبق مع البيت الابيض الاميركي.
بعض محطات التلفزة الاميركية نقلت وقائع الخطاب مباشرة، في حين أن أحد المذيعين في احدى المحطات سخر من نتنياهو بصورة واضحة!
ردود الفعل العربية والعالمية
لم تكن هناك ردود فعل عالمية واضحة لان قادة العالم لم يرغبوا في الدخول في الخلاف الاميركي الاسرائيلي حتى لا يتعرضوا لأي انتقادات، واعتبروا هذه القضية "داخلية" نظراً للعلاقة الوطيدة بين اميركا واسرائيل.
وكذلك العالم العربي لم تكن له ردود فعل رسمية، سوى من الدول المناهضة لاسرائيل، وقد وصف السياسيون في لبنان والعراق وغيرها من الدول العربية خطاب نتنياهو بأنه دعائي وتحريضي. وبعضهم وصفه بالهزيل لان نتنياهو استخدم منبر الكونغرس لتحسين صورته أمام شعبه.
الرد الايراني..
عقّب عدد من المسؤولين الايرانيين على هذا الخطاب بوصفه سخيفاً، ولن يؤثر على سير المفاوضات، وان هذا الخطاب بمثابة تأكيد على ان قادة اسرائيل يسعون دائماً الى عدم استقرار المنطقة، من خلال عرقلة الجهود التي تبذل لتحقيق اتفاقات هي لصالح المنطقة.
وخير رد ايراني على الخطاب هو مواصلة المفاوضات بين وزيري خارجية اميركا وايران في سويسرا، وعدم الاكتراث بما جاء فيه!
تحدٍّ وفضح لبنود الاتفاق المتداول
يقول اليمين الاسرائيلي الداعم والمؤيد لنتنياهو ان الخطاب كان تاريخياً، لاسباب رئيسية مهمة وهي:-
1. القاء هذا الخطاب ومن دون تنسيق مع البيت الابيض، هو تحد للرئيس الاميركي اوباما، ورد على محاولاته فرض شروط مهينة ومذلة على اسرائيل، وتعامله القاسي مع رئيس الوزراء نتنياهو. وان نتنياهو وقف – كما يقولون ويدعون – بكل عزة وكرامة امام مجلس الكونغرس الاميركي معبرا عن موقف اسرائيل تجاه الملف النووي الايراني.
2. من خلال خطابه، ومطالب اسرائيل في اي اتفاق، ودحضه لبعض ما قد يتم التوصل اليه، فضح نتنياهو وكشف ايضا بعض بنود الاتفاق مستثمراً وبصورة سيئة قيام الادارة الاميركية باطلاع اسرائيل على جو المباحثات مع ايران وما كان يطرح من مواضيع. وهذا يعتبر ضربة لجهود كيري.
3. الخطاب هو بمثابة محاولة تحريض الكونغرس الاميركي على رفض الاتفاق المتبلور مع ايران، ومحاولة الايقاع بين الكونغرس وادارة الرئيس اوباما.
4. يدعي اليمين الاسرائيلي ان نتنياهو عبر القاء هذه الكلمة وما جاء فيها عزز من مكانة اسرائيل امام اصدقائها في العالم كله، وفي الشرق الاوسط على وجه الخصوص، اذ أن الدول الخليجية المعارضة للملف النووي الايراني ستعزز من علاقاتها الامنية السرية مع اسرائيل، وقد تنسق معها مستقبلا وبصورة أكثر وضوحاً.
5. وجه نتنياهو تهديداً واضحاً بان اسرائيل قد تضطر لوحدها العمل لمواجهة المشروع النووي الايراني، اي توجيه ضربة عسكرية، وهذا تهديد ليس لايران، بل للعالم اجمع، وخاصة الدول الكبرى التي ستوقع على الاتفاق.
ما بعد الانتخابات
الجميع في انتظار نتائج الانتخابات، وهناك مؤشرات الى ان نتنياهو سيعود الى منصب رئيس الحكومة، ولكن السؤال هل ستكون حكومته ضيقة أو موسعة! وهل الحكومة اليمينية الضيقة ستوفر له المجال لتوجيه ضربة عسكرية لايران، ام ان ما قاله نتنياهو في خطابه سيكون في طي النسيان والتغاضي لان الظروف والمعطيات لن تسمح له باتخاذ القرارات التي يظن انه يجب اتخاذها؟
لا شك ان الخطاب كان حدثاً سياسياً مهماً... ولكنه من دون مفعول قوي ولفترة طويلة. وسيتم نسيان محتواه اذا تم التوصل الى اتفاق الدول الكبرى مع ايران والتوقيع عليه. وسيبقى الخطاب مجرد كلمة دعائية انتخابية من على منبر الكونغرس الاميركي.