معاني ودلالات هذا القرار وما المطلوب مستقبلاً
الادعاء بأن أصحاب الأرض هم يهود ابتاعوها عام 1971
أصدرت محكمة الصلح الاسرائيلية مساء يوم الاحد الموافق 10 أيار 2015 حكماً باخلاء وهدم ثمانية مبان فيها 23 شقة سكنية واقعة في منطقة "خلة القرعان" داخل ضاحية سميراميس، وهي احدى ضواحي القدس العربية الشمالية، بذريعة ان هذه الارض تعود ملكيتها ليهود اشتروها عام 1971، أي بعد الاحتلال الاسرائيلي في حزيران 1967. ومنح أصحاب هذه الشقق السكنية مهلة لتنفيذ القرار حتى 1 آب القادم.
تقع هذه المباني على قطعة ارض مساحتها 19 دونماً تم شراؤها في العام 2001، لكن السلطات الاسرائيلية المحتلة صادرت 10 دونمات منها لصالح جدار الفصل العنصري.
وقام برفع الدعوى عراب الاستيطان الاسرائيلي المتطرف آرييه كينج الذي يسعى الى شراء اي قطعة ارض عربية في القدس. واذا فشل، يسعى الى السيطرة عليها بشتى الطرق والوسائل لانه معني بتعزيز الاستيطان في المدينة، واقامة نقاط استيطانية في أي منطقة.
ضاحية سميراميس هي ملاصقة لحدود بلدية البيرة، وتعتبر قبل اقامة الجدار العنصري جزءاً من مدينة القدس، وحدود البلدية الاسرائيلية تضمها الى القدس. وهذا يعني ان على سكانها دفع ضريبة "البلدية" المعروفة باسم "الأرنونا" وبعد أن وضع الجدار الفاصل العنصري، ازدهر العمران فيها برخصة أو من دون رخصة، وأصبحت فيها عمارات شاهقة جدا. ولم تتدخل سلطات الاحتلال في هذه المنطقة وتركت الامور تسير بصورة فوضوية لانها تعتبر منطقة "ج" حسب اتفاقيات اوسلو، وهناك من يقول أنها مصنفة منطقة "ب"، أي أن ادارتها تابعة للسلطة الفلسطينية، فقط أما السلطة الأمنية فهي تابعة لاسرائيل.. والاغلب أنها منطقة "ج" كما تؤكد مصادر مُطلعة وعليمة.
ما معاني هذا القرار القضائي
هذه هي المرة الأولى بعد بناء جدار الفصل تصدر محكمة اسرائيلية مدنية حكماً فيما يتعلق بـ "نزاع" حول ملكية أرض. ورفع الدعوى من قبل كينج لم تكن أمراً عادياً، اذ أن غالبية اليهود الذين يملكون اراض في مناطق عربية، وحتى في القدس عمدوا الى بيعها للعرب لانهم لا يريدون العيش في وسط محيط عربي، وكذلك لتفادي الاحتكاك، أما كينج فيرفع القضية للحصول على ملكية هذه الارض رغم وقوعها في منطقة "ج" المهملة من قبل اسرائيل والتي لا تصل اليها خدمات البلدية ولا خدمات اسرائيلية أخرى.
وهذا يعني ايضاً أن كينج يسعى الى بناء بؤرة استيطانية في هذه المنطقة لاستفزاز الفلسطينيين، ولاظهار واثبات، وكاي مستوطن اسرائيلي، أنه من حق أي يهودي الاقامة في أي منطقة من مناطق الضفة والقدس، وربما تكون هذه الارض بؤرة استيطانية جديدة لأنها ايضا قريبة من مطار القدس/ قلنديا والذي قد يتحول الى مشروع استيطاني كبير حسب المخططات الاسرائيلية التي أعدت واعلن عنها قبل سنوات، وهي تحتاج الى اقرارها لبدء تنفيذها.
وهناك معنى آخر وهو أن يهودا ومنهم كينج اشتروا الأرض عام 1971 من أناس هاجروا المنطقة، ولم يعلن عن ذلك بتاتاً، وبقي الأمر سرياً الى أن ظهر ذلك مؤخراً وبعد اقامة البناء. ويعني أن من اشتروها هم من اناس زيفوا أوراقها، أم أن كينج نفسه "زيّف" أوراقها! أي أن هناك التباساً واضحاً في هذا الأمر، والنتيجة هي أن اليهود المستوطنين كانوا يخططون لشراء أراض في كل مناطق الضفة منذ أوائل الاحتلال الاسرائيلي بعد حزيران 1967.
دلالات القرار القضائي
هناك عدة دلالات ومؤشرات لهذا القرار الاسرائيلي ومن أهمها:-
1. "الحكم القضائي" يؤكد أن هذه المنطقة تابعة للسيادة الاسرائيلية الادارية أيضاً اضافة الى السيادة الامنية. واهمالها وترك الامور "فلتانة" منذ عام 2000 وحتى الآن لا يعني أن اسرائيل استغنت عنها أو اعادتها أو منحتها للسلطة الفلسطينية!
2. يسعى المستوطنون الى استفزاز شعبنا في هذه المنطقة والتحريض على اندلاع هبّة جماهيرية وخاصة في حالة قيام السلطات المحتلة بتنفيذ هذا القرار في نهاية الصيف الحالي.
3. توجه اسرائيل رسالة واضحة الى كل الذين اقاموا عمارات وبنايات شاهقة من دون ترخيص اسرائيلي بأنها معرضة للهدم مستقبلاً اذا ارادت اسرائيل ذلك، وهذه الرسالة قد تبث الخوف في نفوس الذين يخططون لاقامة المزيد من الأبنية هناك.
4. قد تستغل اسرائيل هذه الحادثة وغيرها لتعزيز ورقتها حول القدس، اذ أن التنازل عن هذه المنطقة في اي مفاوضات مستقبلية ستعتبره تنازلاً كبيراً ومؤلماً، مع أنها عملياً متنازلة عنها من خلال اهمالها لها عبر السنوات الـ 15 الماضية.
5. ربما يسعى كينج واتباعه المستوطنون الى منع تسليم هذه المنطقة للسلطة الفلسطينية مستقبلاً من خلال عرقلة أي اتفاق بخصوص ذلك، وتتم العرقلة بالتمسك بقطعة الارض هذه، وعدم التنازل عنها، واستخدامها من قبل المستوطنين لرفع قضايا قضائية ضد أي قرار حكومي اسرائيلي مستقبلي!
6. لربما تكون هناك اراض اخرى يملكها اليهود أو يزعمون بذلك بعد ان اشتروها في الاعوام الاولى للاحتلال. وهذا ما يجب ان تتأكد منه الجهات الفلسطينية المعنية.
وما المتوقع...
المعركة القضائية حول هذه الارض ستطول اذ أن مالكيها العرب سيتوجهون الى المحكمة المركزية للاستئناف على القرار، واذا فشلوا ايضا فقد يستأنفون ايضا بتقديم التماس لمحكمة العدل العليا الاسرائيلية التي لن تغيّر من الامر شيئا.. أي ان مالكيها يحصلون على بعض الوقت لتنفيذ قرار الحكم، انتظاراً لمعجزات سياسية قد تغيّر من الواقع على الارض.
والمتوقع أيضاً أن تؤدي مثل هذه القرارات الى مواجهات ساخنة واندلاع انتفاضة جماهيرية أو هبة غاضبة اذا قررت السلطات الاسرائيلية المحتلة تنفيذه.
والمطلوب أن يتأكد كل مشتر لأي ارض من ملكيتها قبل اقامة بناء عليها.. والمطلوب تعاضد المواطنين مع أصحاب هذه المباني والشقق ومنع هدمها بكل الطرق الممكنة!