استغلالاً للملف النووي الايراني..
ابتزاز اسرائيلي لموقف الرئيس الاميركي
المساعدات الاميركية قد تصبح 4,5 مليار دولار بدلاً من 3 مليار سنوياً
تصريحات رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو حول خطورة الملف النووي الايراني على اسرائيل، لاقت تفاعلاً دولياً جيداً اذ أن "المجتمع" الدولي بقيادة اميركا قام بفرض عقوبات اقتصادية ظالمة على ايران لمنعها من الحصول على سلاح نووي علما ان ايران أكدت عدم رغبتها في امتلاك السلاح النووي عبر:
1. تصريحات الزعيم الروحي لايران خامنئي بان امتلاك سلاح نووي هو مخالف للشريعة الاسلامية، وللدين والاخلاق. وان ايران لا تريد امتلاك هذا السلاح.
2. توقيع ايران على اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي، واسرائيل حتى يومنا هذا لم توقع هذا الاتفاق.
3. السماح لمفتشي وكالة الطاقة الدولية بزيارات تفقدية للمنشآت النووية الايرانية باستمرار من دون أية عرقلة لمهامهم، بل بالتعاون معهم على افضل ما يرام.
4. المفاعل النووي بوشهر تم بناؤه بالتعاون مع روسيا التي تعلم علم اليقين ان هذا المفاعل النووي وغيره في ايران هي لاغراض سلمية اذ أن روسيا ذاتها لا تقبل بأن تكون جارتها ايران تملك سلاحاً نووياً.
5. هناك مراقبة دولية شديدة على ايران، وخاصة عبر الأقمار الصناعية، وجميعها تفيد أن ايران تسعى للحصول على طاقة نووية لاغراض سلمية، اذ انها تريد مواكبة التطور العالمي، ولا تستطيع الاعتماد على النفط في الحصول على الطاقة. كما ان الطاقة النووية مهمة ايضا للتطور والتقدم في مجالات عدة، ومن اهمها في المجال الطبي!
ورغم التأكيدات والاثباتات بان ايران غير راغبة في امتلاك سلاح نووي، فان اميركا وحلفاءها يشكون في الموقف الايراني. فاتخذت سلسلة من القرارات الدولية الظالمة في مجلس الامن ضد ايران.
خياران لا ثلاث لهما
وكان أمام المجتمع الدولي خياران لحل هذه القضية، اما بالطرق الدبلوماسية اي ايجاد حل سلمي، او عبر الحل العسكري. والاقل خسارة، والافضل والاكثر نجاعة هو الحل السلمي، أي الدبلوماسي. وبدأت مباحثات بمشاركة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن اضافة الى المانيا (5+1). وقد تم في الاشهر الاخيرة التوصل الى اطار اتفاق مع ايران، ومن المتوقع ان يتم التوصل الى الاتفاق النهائي مع نهاية الشهر الحالي حزيران 2015.
اسرائيل من دعاة استخدام الحل العسكري، ولكن ذلك لن ينجح مع ايران لان ايران دولة قوية، وقد يؤدي الحل العسكري الى حرب طاحنة في الشرق الأوسط، وهذا ما يرفضه الرئيس الاميركي، لذلك فان اسرائيل لا تريد التوصل الى اتفاق مع ايران كي تبقى "شماعة" الملف النووي الايراني صالحة للاستعمال والاستخدام دوليا، وحتى داخل اسرائيل.
أسباب الاعتراض الاسرائيلي
من أسباب الاعتراض الاسرائيلي على الاتفاق الذي يتبلور هو انها ستفقد ملفا كانت تستخدمه لاثارة الرأي العالمي ضد ايران. وكذلك لتحريض دول عربية خليجية ضد ايران. وان اقامة علاقات امنية مع دول الخليج العربي كانت بحجة هذا الملف، اذ ان ايران – حسب الادعاء الاسرائيلي – تشكل خطراً على المنطقة بمجملها، وليست اسرائيل وحدها.. أي أن اسرائيل استغلت هذا الملف بصورة كبيرة. واذا انتهى فانها ستبحث عن قضية اخرى تطبل وتزمر لها.
ولا شك ان اسرائيل كانت تستغل هذا الملف بالادعاء انه يشكل خطراً أمنياً على وجودها، فكانت تحصل باستمرار على دعم عسكري اميركي كبير اذ ان الرئيس الاميركي باراك اوباما، كغيره من الرؤساء الاميركيين، لا بل افضل منهم بكثير. قدم مساعدات كبيرة لاسرائيل، واكد ان اميركا معنية بأن تكون اسرائيل متفوقة عسكرياً على كل جيوش المنطقة مجتمعة!
ورغم ان الادارة الاميركية كانت تطلع اسرائيل على فحوى المحادثات بين دول "5+1" وايران، الا ان اسرائيل قامت بالتجسس على هذه المحادثات من خلال زرع أجهزة تنصت في كل من سويسرا والنمسا.. وهذا ما تم الكشف عنه مؤخراً.
ورغم ان قادة اميركا العسكريين طمأنوا اسرائيل حول الاتفاق، الا ان اسرائيل تشك فيه وتعمل على عرقلته، وعدم التوقيع عليه. ومؤخراً، وبعد ان تأكدت اسرائيل بأن جهودها لعرقلة التوقيع على الاتفاق باءت بالفشل، بدأت تطلب ضمانات "اميركية" لها.
رفع قيمة المساعدات الاميركية السنوية
ومن هذه الضمانات الحصول على المزيد من المساعدات الاميركية وخاصة العسكرية منها. وقد توجه وفد اسرائيلي مؤخراً الى واشنطن للبدء في محادثات حول قيمة المساعدات الاميركية السنوية لاسرائيل. اذ ان الاتفاق حول تقديم مساعدة سنوية قيمتها 3 مليار دولار لمدة عشر سنوات ينتهي مع عام 2017، لذلك بدأت منذ اليوم بالسعي للتوصل الى اتفاق جديد لمدة عشر سنوات جديدة مستغلة الملف النووي الايراني، اذ انها لا تريد السكوت عليه الا اذا تحققت لها ضمانات اميركية، وهي تقديم المزيد من المساعدات العسكرية. وتسعى اسرائيل الحصول على مساعدة قدرها 45 مليار دولار للسنوات العشر القادمة اي رفع قيمة المساعدات الى 4,5 مليار دولار مع تقديم المزيد من المساعدات الأخرى لاسرائيل، أُعلن ان اميركا ستقدم مساعدات عسكرية اضافية قيمتها 1,8 مليار دولار خلال الفترة القصيرة القادمة، وهذه المساعدات هي بمثابة "هدية" أو "رشوة" حتى توقف اسرائيل معارضتها للاتفاق، وتوقف العداء ضد شخص الرئيس الاميركي اوباما الذي قدم لاسرائيل ما لم يقدمه اي رئيس اميركي آخر!
البحث عن "شماعة" جديدة
بعد التوصل الى الاتفاق النهائي حول الملف النووي الايراني، ستبحث اسرائيل عن "شماعة" جديدة للعزف على اوتارها، واستخدامها للحصول على دعم دولي. وهناك من يقول ان المقاطعة للمنتجات الاسرائيلية ولدولة اسرائيل أخذت تتحول الى هذه الشماعة.
ورغم ان المقاطعة تخدم اسرائيل، دوليا، الا انها لا تخدمها للحفاظ على اتصالات وعلاقات مع دول الخليج "العربية".. ومن الممكن أن يكون الملف اليمني احد ملفات بقاء العلاقة الاسرائيلية الخليجية.. وهذا ما ستؤكده السنوات القادمة.