هناك اعتراف اسرائيلي بأن من يقود هذه الهبة الجماهيرية هم الشبان الفلسطينيون الذين ولدوا بعد توقيع اتفاقيات اوسلو الهزيلة، وهم في حالة غضب عارم لانه لم يحقق لهم أي انجاز سياسي. ويعترف الاسرائيليون أيضاً بأن هذه الهبة اندلعت في القدس، وانطلقت الى مدن اخرى، وخاصة داخل اراضي عام 1948، مما يعني ان القيادة الفلسطينية ليس لها دور في انطلاقتها أو تهدئتها، اذ ان الدور الاكبر هو لسلطات الاحتلال لان اسرائيل هي المسيطرة على هذه المناطق الفلسطينية في الداخل، أو على مناطق الضفة المصنفة مناطق "جـ" و"ب"، اي السيطرة الأمنية عليها هي بيد اسرائيل.
مع النضال السلمي
القيادة الفلسطينية تؤيد وتدعم النضال السلمي والشعبي ضد الاحتلال، ولا تدعم بتاتاً عسكرة النضال، ولا النضال الذي يهيمن عليه العنف.. وتتهم القيادة الفلسطينية اسرائيل بأنها تقف وراء مخطط تأجيج وتصعيد الوضع لعدة اسباب ومن أهمها:-
· اغلاق أي نافدة امل لايجاد حل سلمي عادل وشامل.
· اتهام القيادة الفلسطينية بأنها ليست شريكاً في أية مفاوضات.
· تحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية تدهور الاوضاع وعدم الاستقرار.
· إثارة العالم ضد القيادة الفلسطينية، وضد خيار الدولتين، ومحاولة تحريض اوروبا على التراجع عن قراراتها المعارضة للاستيطان، أو تلك التي اعترفت بالدولة الفلسطينية.
· تبرير اجراءاتها القمعية ضد ابناء شعبنا الفلسطيني بحجة "الدفاع عن النفس".
· تبرير تهربها المتواصل من تطبيق بنود اتفاقيات اوسلو واعطاء حجج وذرائع مختلقة!
· اعادة احتلال كامل اراضي الضفة الغربية، والقضاء على السلطة الوطنية، اي شطب كل انجازات اتفاقات اوسلو السياسية القليلة جداً!
وانطلاقاً من معرفتها لمخططات التصعيد الاسرائيلية، فان القيادة الفلسطينية تسعى الى عدم انجرار النضال نحو العسكرة ونحو عمليات استشهادية لان ذلك سيحقق ما تريده الحكومة الاسرائيلية الاستيطانية المتطرفة. ولذلك فان القيادة الفلسطينية تعمل قدر الامكان على تهدئة الامور، وحتى يكون النضال ضمن مسلكه الصحيح الذي يخدم مطالب شعبنا الفلسطيني.
عوامل التصعيد
يدعي رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بانه معني بتهدئة الوضع، ولكنه في الوقت نفسه لا يعمل على ارض الواقع للتهدئة بل للتصعيد من خلال القرارات التي اقرت والتي وصفت بأنها مخالفة للشرائع والمواثيق الدولية وحقوق الانسان.
انه يريد التصعيد ليحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية فشل التحرك السياسي، وكذلك لعرقلة نشاطات اللجنة الرباعية التي تدور في نفس المربع الفارغ منذ تأسيسها وحتى اليوم، اذ انه طلب تأجيل زيارتها للمنطقة، وها هو يحمل الشعب الفلسطيني وبصورة مغايرة للتاريخ بان الحاج امين الحسيني هو المسؤول عن "المحرقة" وجرائم النازية لانه التقى هتلر وشجعه على ذلك.. وها هو يطالب الزعيمين الاردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس محمود عباس بالاعلان انه ليس هناك تغيير في الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، وكأنهما مسؤولان عن الاقتحامات الاسرائيلية اليومية للحرم القدسي الشريف.. ومثل هذه التصريحات تنم عن افلاس نتنياهو، وتهربه من تحمل مسؤولياته.
واضافة الى ما ذكر، فان هناك وزراء داخل الائتلاف الحكومي في اسرائيل يطالبون جهارة وبكل وقاحة ضم الضفة الغربية، ويرفضون اقامة دولة فلسطينية، ويرفضون حتى منح الشعب الفلسطيني حكماً ذاتياً هزيلا.. ولذلك فهم يساهمون في تأجيج الوضع، وجر شعبنا الى مواجهة "عسكرية" لان ميزان القوى العسكري هو لصالح اسرائيل، وسيدفع الفلسطينيون الثمن الباهظ.
وهناك داخل حكومة نتنياهو وداخل الكنيست اعضاء يهود متطرفون يدعمون علنا وبكل وقاحة الخيار الاردني الذي مات ودفن بعد توقيع اتفاق سلام مع الاردن قبل 21 عاماً؟
اسرائيل ضد تدويل القضية
ولا شك ان مساعي اسرائيل لتأجيج الوضع يهدف الى افشال جهود القيادة الفلسطينية في تدويل الصراع، ووضعه على طاولة الامم المتحدة. وهذا الامر يربك اسرائيل كثيراً، فهي ضد اي نشاط فلسطيني دولي، وتريد له الفشل، ولكنها حتى الآن لم تستطع أن تضع حداً من تواصله وتفاعله، والحصول على عطف وتأييد العديد من دول العالم.
القرار بيد اسرائيل الى حد ما
قرار التهدئة بيد اسرائيل وليس بيد الادارة الاميركية التي تستطيع ان تضغط ولكنها لن تضغط على نتنياهو. واذا ارادت اسرائيل بالفعل التهدئة، فان على نتنياهو منع المستوطنين من اقتحام الحرم، ووقف كل اجراءاته القمعية، وتجميد الاستيطان والعودة الى طاولة المفاوضات الجادة.
اما اذا استمر نتنياهو في مواقفه المعادية للسلام والهدوء، فان النضال الشعبي الفلسطيني سيتواصل مع الحذر من انزلاقه نحو العسكرة.. وعندها ستدفع اسرائيل ثمن عدم الاستقرار والفوضى في المنطقة.. وثمن مواقفها.. والتطرف في اسرائيل سيقود اسرائيل نحو اجواء مجهولة.
هل يملك نتنياهو الارادة والقدرة على التهدئة واتخاذ القرارات الحاسمة الشجاعة لانهاء الاحتلال، وتحقيق سلام شامل في المنطقة. هناك شكوك كبيرة في ذلك، وهذا ما اكدته تصرفات وقرارات نتنياهو عبر ولايات حكمه السابقة.