تغاضٍ عن المطالب الفلسطينية وانحياز للتوجهات الاسرائيلية
ناشدت القيادة الفلسطينية، وعبر اكثر من مسؤول، الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاهتمام بالقضية الفلسطينية، والاستماع الى الموقف الفلسطيني، لكن لا تجاوب ايجابي واضح مع هذه المناشدات، اذ أن اسرائيل تعمل كل جهد مستطاع لتعبئة وتحريض الرئيس ترامب ضد القيادة الفلسطينية بتوجيه اتهامات عديدة لها. لقد كان الرئيس السابق باراك اوباما "متعاطفاً" مع القيادة الفلسطينية، وقدم وعودا لحل القضية الفلسطينية، لكنه لم ينجح، حتى ان علاقاته مع القيادة الفلسطينية كانت فاترة في آخر أيام ولايته، وخاصة بين الرئيس محمود عباس ووزير الخارجية جون كيري الذي قطع وعوداً وتعهدات ولم يف بها، أو لم يستطع تنفيذها بسبب الموقف الاسرائيلي المتعنت جدا.
أسباب فتور العلاقة مع ترامب
العلاقة بين ادارة ترامب والقيادة الفلسطينية ستكون فاترة جدا، ورسمية جدا جدا، لاسباب عديدة ومن أهمها:-
1. شعور ترامب وطاقم إدارته أن القيادة الفلسطينية وقفت الى جانب اوباما، واعتمدت عليه في عدم التجاوب مع مطلب ترامب باستخدام حق النقض الفيتو ضد قرار 2334. وطلب ترامب أيضاً عدم تقديم القرار لمجلس الأمن، إلا أن القيادة الفلسطينية أصرت ونجحت بدعم من اوباما الذي أصدر تعليمات بالامتناع فقط عن التصويت بخصوص هذا القرار. أي أن القيادة الفلسطينية وقفت الى صف اوباما في الصراع بين اوباما وترامب!
2. القيادة الفلسطينية تعتمد كثيرا على المنظمات الدولية لاستصدار قرارات لصالحها، ومنها "اليونيسكو". والمحكمة الدولية، والرئيس ترامب ضد هذه المنظمات ولا يؤمن بدورها!
3. الرئيس ترامب لا يحب الاتحاد الاوروبي، والعلاقة مع هذا الاتحاد ستكون رسمية. فهناك اتهام بأن القيادة الفلسطينية تحاول اقامة علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي الذي يقف موقفاً معارضاً جدا للاستيطان، ويؤمن بحل الدولتين.
4. العلاقة الاميركية مع فرنسا ليست جيدة بعد أن عقدت مؤتمرا دوليا لصالح القضية، وأيد وزراء ومندوبو ستين دولة حل الدولتين، وفرنسا تشعر بأن ترامب يتحدى دول اوروبا، ولذلك فان العلاقات ستكون فاترة، ليس بسبب القضية الفلسطينية، بل بسبب قضايا أخرى محدودة.
5. القيادة الفلسطينية ترفض العودة الى طاولة المفاوضات الا بعد تجميد البناء الاستيطاني. وهذا المطلب لن تقبل به ادارة ترامب.
6. علاقة القيادة الفلسطينية مع مصر والسعودية ليست قوية، وهذا بالطبع يؤثر على علاقة القيادة الفلسطينية مع اميركا لانها تعتبر القيادة الفلسطينية خارج اطار دول الاعتدال.
7. القيادة الفلسطينية تجري اتصالات ولقاءات مع حماس لتحقيق مصالحة وطنية، وهذا الامر لا تقبل به ادارة ترامب لانها ضد "حماس"، وضد حزب الاخوان المسلمين في العالم قاطبة.
تحريض اسرائيلي
هناك تحريض اسرائيلي لادارة ترامب للتغاضي عن المطالب الفلسطينية واهمال القيادة الفلسطينية كوسيلة ضغط قوية لاجبارها على القبول بالاملاءات والشروط الاسرائيلية.
وتقول وتدعي اسرائيل أن لا شريكا هناك للمفاوضات معها من الجانب الفلسطيني، ولذلك تطالب بشريك عربي، أي بعلاقات مع الدول العربية.
وتقول مصادر عديدة أن اسرائيل ستوجه دعوة رسمية للرئيس ترامب لزيارة اسرائيل خلال هذا العام، وهناك موافقة مبدئية من طاقم ترامب على هذه الدعوة، لكن لم يحدد الموعد، هناك من يقول أنها ستكون في شهر أيار، وآخرون في الخريف القادم.
وحسب الادعاءات الاسرائيلية، فإن الرئيس ترامب غير معني بتاتا بالتوجه الى رام الله للقاء الرئيس عباس، وخاصة أن ترامب منزعج جدا من تحريض السلطة، وتهديدها لادارة ترامب حول موضوع نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس. وكذلك هناك تصريحات عديدة تنتقد الرئيس ترامب، وهذا ما لا يعجب الرئيس ترامب وأعضاء طاقمه. وكل هذه التصريحات والعديد من بيانات السلطة الفلسطينية يُحول فوراً الى ادارة ترامب مع "القليل" من "التبهير"!
المطلوب فلسطينياً
نظراً لأن ادارة ترامب منحازة كاملاً لصالح الموقف الاسرائيلي، فان على القيادة الفلسطينية مواصلة نضالها ودفاعها عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني عبر خطوات على ارض الواقع ومنها:
أ. عدم القبول باملاءات اسرائيلية حول الحل، والتمسك بالثوابت، وانتظار تغير الظروف والمعطيات.
ب. تعزبز التحرك السياسي مع العديد من الدول الاصدقاء من اوروبا وافريقيا واميركا اللاتينية.
ت. السير قدما في الحياة العامة للشعب الفلسطيني، وبناء مؤسساته السليمة والقوية.
ث. تحقيق أكبر قدر من التعاون ورص الصفوف، واذا كانت هناك امكانية لانهاء الانقسام، فهذا يعتبر انجازاً قوياً لأنه سيؤدي الى ممارسة الديمقراطية، والى تقوية القيادة المنتخبة فيما بعد من الشعب الفلسطيني نفسه.
ج. لا حاجة الى "التوسل" أو المناشدة أو الترجي للادارة الاميركية الجديدة، لأن هذا يعكس ضعفاً.
ح. لا لتحدي ادارة ترامب، والمطلوب العمل بكل هدوء على أرض الواقع دون استفزاز، ودون أي خطوات قد توصف بأنها أحادية الجانب!
خلاصة الوضع
العلاقة الاميركية مع القيادة الفلسطينية ستكون فاترة جداً، كما أن ادارة ترامب لن تصغي الى الجانب الفلسطيني، والمهم الصمود والصبر، والعمل على عدم انجرار الدول العربية الى كمائن اسرائيلية للانقضاض على القضية الفلسطينية.