ضرورة دراسة الثغرات الأمنية لمنع اغتيالات أخرى
بعد أن اصطحب زوجته ناهد عصيدة وطفليهما محمد وسما لنزهة يوم الجمعة الموافق 24 آذار 2017، عاد وعائلته الى المنزل مساء. صعدت الأم وطفلاها (محمد وسما) الى الشقة، في حين أن الاسير المحرر مازن فقهاء تأخر قليلا حتى يركن سيارته في مكان مناسب، كان في استقباله "مجهول" قام باطلاق النار عليه ومن مسافة قريبة جدا هي صفر من مسدس كاتم للصوت. استشهد مازن وفر "المجهول" الذي قد يكون أكثر من شخص. الجريمة وقعت في منطقة تل الهوى في مدينة غزة. والشهيد مازن هو من القادة العسكريين لحركة "حماس" المطلوبين من قبل اسرائيل، وقد اطلق سراحه بعد سجنه أكثر من تسع سنوات في سجون الاحتلال في خريف عام 2011 في صفقة الوفاء للاحرار، أي التي تسمى أيضاً صفقة الافراج عن الجندي الاسرائيلي شاليط.
الشهيد هو من بلدة طوباس في شمال الضفة الغربية. وفي صفقة تبادل الاسرى، صفقة الأحرار، أصّرت اسرائيل على ابعاده الى قطاع غزة لأنها كانت تعلم خطورته عليها، وابعد الى القطاع واقام فيه، وكان حسب روايات عديدة، وخاصة كتائب عز الدين القسام، من القادة العسكريين.
وقال والده محمد أن ضباط المخابرات الاسرائيليين داهموا منزل العائلة عدة مرات خلال السنوات الاخيرة، عندما كان مازن مبعدا للقطاع، وهددوا الوالد بأن ابنه "مازن" ستتم تصفيته، كما انهم منعوا والده من السفر، وكذلك منعوا زوجة الشهيد من دخول الضفة ولقاء أهلها في نابلس!
اسرائيل وراء الاغتيال
حركة حماس أدانت عملية اغتيال الشهيد مازن فقهاء، وحمّلت مسؤولية هذه العملية الجبانة لاسرائيل، معتمدة على عدة أمور وحقائق:-
· رغم تواجد الشهيد مازن في القطاع، الا ان اسرائيل كانت تطالب به عبر اقتحام منزل العائلة في طوباس، لانها كانت تعلم ان مازن انخرط في صفوف كتائب عز الدين القسام.
· لا أحد في القطاع يملك مسدساً كاتماً للصوت الا من هم عملاء لاسرائيل حسب نظرية حماس!
· كان الشهيد مراقباً، وكانوا يعرفون انه كان يأخذ عائلته في نزهة ايام الجمعة، ولذلك راقبوا تحركاته، ونالوا منه.
· يبدو ان المجهول فاجأه اذ جاء من خلفه، واطلق الرصاص على رأسه أو الجزء الاعلى من جسده مما ادى ذلك الى استشهاده فورا.. ولم تكن هناك مقاومة، ولم يشعر أحد بذلك لان المسدس كاتم للصوت!
· هناك احتمال بأن الذين اغتالوه هم جنود اسرائيليون "متخفون" جاءوا عبر البحر الى مدينة غزة، او ان هناك عملاء لاسرائيل في القطاع (سواء أكانوا فلسطينيين أو أجانب) نفذوا الجريمة!
· من عادة اسرائيل ان تنتقم من اطلاق سراح أي مناضل والذي تم رغما عنها، وتقوم بالاغتيال اذا كان من الصعب عليها اعادة اعتقاله.. فقامت باغتيال الاسير المحرر عميد اسرى لبنان الشهيد سمير القنطار، وها هي تغتال الشهيد مازن فقهاء، ولا ننسى انها اعتقلت عددا كبيرا من الاسرى الذين تم تحريرهم عبر صفقة الاحرار لأنها تعتبرهم خطرين على الأمن الاسرائيلي!
ما معاني هذا الاغتيال
لا بدّ أن تكون هناك دراسة معمقة لهذا الاغتيال لمعرفة بعض الثغرات الامنية في داخل القطاع، ومن هذه "الثغرات" المتوقعة:
· لم تكن هناك حراسة على الشهيد مازن فقهاء لتوفير الحماية له. وهناك قول مأثور "من مأمنك يؤتى الحذر". فكان من الضروري ان يكون تحت عين أجهزة الأمن الفلسطينية لتوفير الحماية له ما دام هو مطلوبا.
· يبدو أن هناك عملاء خطرين داخل القطاع، ولا بدّ من التوصل الى هؤلاء الخطرين جدا على المواطن الفلسطيني في القطاع، والذين يوفرون معلومات لاسرائيل، لانه لولا هذه المعلومات لما تم الاغتيال، أي أن هؤلاء قاموا بعملية الرصد.
· يجب معرفة مدى آمان الشواطىء في القطاع التي هي تحت السيادة الأمنية الاسرائيلية الى حد كبير. فهل اسرائيل قامت باغتياله عبر عملية مباشرة أم أن هناك من قام بالعمل بالنيابة عنها؟
· لا بدّ من معرفة تفاصيل العملية كلها من أجل معرفة كل الثغرات الأمنية، وكذلك للوصول الى الجناة؟ ولتفادي عمليات اغتيال أخرى قد تقوم بتنفيذها اسرائيل مستقبلاً؟
رسائل اسرائيل من الاغتيال
في البدء لا بدّ من القول أن اسرائيل تحاول قدر الامكان تصعيد التوتر مع القطاع عبر التهديدات التي تطلق يوميا، أو عبر القيام بهجمات جوية، أو قصف مدفعي ردا على اطلاق قذائف من القطاع على مناطق خاوية في غلاف غزة؟
واغتيال الشهيد فقهاء قد يكون بالون اختبار لمعرفة اذا حماس ستشعل حربا تكون مسؤولة عن نتائجها، أم ستسكت على ذلك، وتهدد بالرد في الوقت والمكان المناسبين.
ومن الممكن أن تكون هذه العملية مقدمة لعمليات قادمة، ولذلك على القيادة الحمساوية أخذ الحيطة والحذر.
وهناك احتمال قوي بأن اسرائيل ارادت القول والتأكيد وارسال رسائل مفادها ان لديها معلومات قوية عن كل ما يجري في القطاع، ولذلك تحذر من تصعيد الوضع، وتحذر من انها لن تتردد في القيام بعمليات داخل القطاع.. وانها عادت الى سياسة التصفية الجسدية للقادة الميدانيين!
لا شك أن اسرائيل تقوم بما تريد القيام به من اعتداءات لانها تعتقد بأن الادارة الاميركية الجديدة معها، واغتيال فقهاء قد يكون بمثابة تذكير لهذه الادارة من انها تواجه ايضا "ارهاب" حركة حماس، وبالتالي قطع أي جهد مستقبلا لاجراء أي مفاوضات او اتصالات سياسية معها سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة!
اغتيال الشهيد فقهاء لم يكن صدفة، بل هو مخطط له، وله رسائل وأهداف، ولذلك لا بدّ من الوعي والحذر لمنع اغتيالات أخرى وأليمة في المستقبل!
r.a.d.
1.7.2 trial version. Copyright telerik © 2002-2007. To remove this message, please
.