قام الرئيس الاميركي دونالد ترامب بزيارة رسمية للمنطقة شملت كلاً من السعودية واسرائيل ومدينة بيت لحم الفلسطينية. وهي جولته الأولى في الخارج الاميركي. ولها أهدافها ودوافعها التي قد تكون مشتركة مع اسرائيل.
الرئيس ترامب أعلن أن هدفه الأول والأخير عبر كلماته هو تحقيق سلام في المنطقة من خلال التوصل الى "صفقة" وليست الى تسوية، وان هذه الزيارة حققت بعض النجاح في هذا الأمر وقد يظهر في الأسابيع القليلة.
ومن أهم دوافع قيام ترامب بهذه الزيارة المكشوفة والمستورة:-
1. الهروب قليلاً من المشاكل الداخلية على الساحة الاميركية، إذ أن هناك من يسعى إلى عزلة باتهامه شتى الاتهامات، وهناك تحقيقات حول العلاقة مع روسيا. والغريب أن هناك في داخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه، من يشاركون في عملية "العزل" لأنهم غير راضين على قراراته، وتصريحاته وتصرفاته. لذلك قرر أخذ اجازة عمل في الخارج، فاختار السعودية واسرائيل، واوروبا وفيها يزور الفاتيكان ويلتقي البابا فرنسيس.
2. محاولة تعزيز العلاقات مع اللوبي الصهيوني الفعال للحصول على دعمه في مواجهة حملة الانتقادات والتحقيقات التي يتعرض لها. وبزيارته اسرائيل، وارضائها سيعزز هذه العلاقة، ويضمن دعماً صهيونياً داخلياً قوياً!
3. تحقيق العديد من الصفقات المالية مع السعودية ودول الخليج، إذ أنه حصل على 200 مليار دولار من السعودية خلال زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لواشنطن مؤخرا للسنوات الأربع القادمة وذلك لتأهيل البنى التحتية في الولايات المتحدة. وخلال زيارته للسعودية وقع اتفاقات ثنائية تصل قيمتها الى 380 مليار دولار اضافة الى حصوله على هدايا شخصية وصلت قيمتها الى حوالي 500 مليون دولار. فهو بذلك يثبت أنه رجل أعمال يوفر الدعم المالي لاميركا، ويعزز اقتصادها!
4. موقف الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما كان فاتراً تجاه السعودية، وتم تمرير قوانين للحصول على تعويضات مالية لأهالي ضحايا 11 سبتمبر 2001، وكان الرئيس اوباما غير راضٍ عن مواقف السعودية تجاهه، وتجاه الاتفاق الدولي الذي تم التوصل اليه مع ايران حول ملفها النووي. وكان اوباما يدعم تيار "الاخوان المسلمين"، أما الرئيس ترامب فهو ضد كل ما حققه الرئيس اوباما، ضد الاتفاق النووي مع ايران. وضد عدم التدخل العسكري في سورية، وضد قرارات عدة للرئيس السابق اوباما.
أراد الرئيس ترامب تعزيز العلاقات مع دول الخليج، وبالتالي اعادة النفوذ الاميركي للمنطقة، وتعزيز الدور الاميركي في التوصل لحلول لمختلف القضايا!
5. محاولة تحقيق انجاز سياسي "اعلامي" من خلال اقناع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي للعودة الى طاولة المفاوضات المباشرة برعاية اميركية فقط دون تدخل للجنة الرباعية، أو دون تدخل روسي في هذا الامر، ليثبت أن الرئيس ترامب قادر على انجاز ما لم ينجزه الرئيس اوباما خلال 8 سنوات. وهذا الانجاز سيحقق له دعماً على الساحة الاميركية الداخلية.
6. خلق "فوضى خلاقة" من خلال اذكاء وتغذية وتعزيز الفتنة الدينية بين السنة والشيعة من خلال دعم اقامة تحالف سني صرف لمحاربة ارهاب "ايران"، وتدخلاتها في العديد من الدول العربية، وبالتالي محاولة ادخال العرب في معركة طاحنة مع ايران شكلها سياسي، ومضمونها ديني عوضاً عن اميركا واسرائيل!
7. تحويل بوصلة الصراع من القضية الفلسطينية نحو ايران، فأصبحت ايران العدو الأول، ومحاربتها هي القضية الأولى بدلاً من القضية الفلسطينية!
8. القضاء على محور المقاومة ضد اسرائيل، من خلال اجبار العرب على التخلي عن هذه المقاومة والقضاء عليها عبر محاربتها، لأنه تم تصنيفها بأن قوى واحزاب فصائل المقاومة هي تنظيمات ارهابية، وهذا يلبي مطالب اسرائيل بالتخلص من أي مقاومة لها.
9. حشد تأييد عربي واسلامي لدعم ما يؤمن به ترامب، بدعم وتحريض اسرائيلي، وهو أن التطبيع العربي مع اسرائيل سيساهم في ايجاد حل للقضية الفلسطينية، وسينهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. فهو لذلك ترأس مؤتمراً واسعاً اقليمياً في الرياض، وجاء فيه تحريض ضد المقاومة وايران، ولم تذكر اسرائيل فيه بتاتاً. وقال الرئيس ترامب في القدس وخلال لقائه مع رئيس وزراء اسرائيل أن القادة العرب، وخاصة الملك السعودي سلمان، يؤيد تحقيق سلام، ويريد أن يحدث اختراق سياسي حتى تتخذ السعودية ودول أخرى قرارات باقامة علاقات علنية مع اسرائيل. وهذا بالطبع سيساهم في فرض حل على القيادة الفلسطينية من خلال ممارسة ضغوطات عليها، وخاصة ضغوطات مالية.
بقي التوضيح أن كل هذه التحركات للرئيس ترامب جاءت بتوصية من رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو، لأنه يأمل بتحقيق ما يسعى اليه، ولكن عبرالادارة الاميركية، مستغلاً العلاقة الوطيدة معها، وكذلك مستغلاً عداء ترامب لسياسة الرئيس السابق اوباما.